في أعقاب فرض السعودية والبحرين والإمارات ومصر واليمن، حصارا دبلوماسيا على قطر في 5 يونيو/حزيران 2017، نفذت السلطات السعودية حملة اعتقالات واسعة في سبتمبر/أيلول 2017 طالت عشرات السعوديين الرافضين للحصار والمطالبين بعودة العلاقات.
أبرزهم الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة، والصحفي سامي الثبيتي، والمغرد الساخر أبو محمد البناخي، والصحفي خالد العلكمي، والمُنشد ربيع حافظ، إضافة إلى عشرات غيرهم قابعين في سجون المملكة.
ووفق تقارير حقوقية وبيانات الأمم المتحدة، يعاني المعتقلون في سجون النظام السعودي شتى أنواع التعذيب والقمع والتعسف والتهديد بالقتل، والمنع من الحق في العلاج، والاتصال بالأهل، وغيرها من الانتهاكات الأخرى التي تكشفت تباعا على مدار سنوات الحصار الثلاثة.
ومع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، أمس الأربعاء 8 ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى الدوحة ولقائه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، في محطة جديدة لعودة العلاقات بين البلدين، بعد المصالحة الخليجية في 5 يناير/كانون الثاني 2021، تجددت المطالب بالإفراج عن المعتقلين.
وبرز الحديث عن أسماء بعينها يتذكر السعوديون مواقف أصحابها ويرددون كلماتهم، فمن هم هؤلاء المعتقلين؟ وما حيثيات اعتقالهم؟ وحقيقة أوضاعهم داخل السجون، وما تعرضوا له خلال سنوات اعتقالهم، وغيره من المعلومات الأخرى، سنعرض بعضا منها في السطور التالية.
سلمان العودة
في أعقاب الحصار المفروض على قطر، والتصعيد الإعلامي بينها وبين دول الحصار، نشر الداعية السعودي الدكتور سلمان العودة، تغريدة على حسابه بتويتر، دعا فيها الله للتآلف بين قلوب ولاة الأمر لما فيه خير الشعوب، اعتقل على إثرها يوم 10 سبتمبر/أيلول 2017.
وأفاد نجله الأمين العام لحزب التجمع الوطني الدكتور عبدالله العودة، الذي حمل على عاتقه مهمة الدفاع عن والده وكافة المعتقلين، بأن والده يخضع لعملية قتل بطيء داخل محبسه بالرياض، محملا السلطات السعودية تبعات التدهور المخيف لصحة والده في الأشهر الأخيرة.
وأكد عبر حسابه بتويتر، الذي يناضل من خلاله للإفراج عن والده، أن العودة يعاني من الحبس الانفرادي والأذى، وفقد نصف سمعه ونصف بصره بسبب الإهمال الطبّي المتعمّد، مشيرا إلى إحضاره لجلسات المحاكمة كل مرة وهو مكبل بالأصفاد ويعاني من التعسف وسوء المعاملة.
المغرد البناخي
أبو محمد البناخي مغرد ساخر، كان ينشر مقاطع فيديو باللهجة العامية يسخر فيها من سوء الأوضاع السياسية والتضييق على الحريات بالسعودية، اعتقل في 13 سبتمبر/أيلول 2017، بعدما بث مقطع فيديو طلب من السلطة الحكمة في التعامل السياسي مع أزمة حصار قطر.
وانتقد في أحد مقاطع الفيديو التي يبثها على حسابه بتويتر، وضع النظام السعودي شروطا تعسفية أمام قطر لإعادة العلاقات معها، واستنكر تحكم المستشار سعود القحطاني، المُلقب بـ”كاتم أسرار” ولي العهد محمد بن سلمان، بالتغريدات الحكومية.
الصحفي الثبيتي
سامي الثبيتي هو رئيس قسم الرصد سابقًا بصحيفة تواصل الإلكترونية، يحمل شهادة جامعية في تخصص الإعلام من جامعة أم القرى، مقيم في جدة، وعرف في مسيرة عمله بالكتابة الصحفية المتوازنة الهادفة.
بحسب منظمة القسط اعتقل في 12 سبتمبر/أيلول 2017، عقب يومين من كتابة تغريدة طالب فيها بالإصلاح الإعلامي وتوظيفه لحل الأزمات بين الشعوب لا إشعالها، ليعاني مثل مئات معتقلي الرأي من التنكيل والانتهاك لحقوقه والمحاكمات الهزلية بتُهم مُلفقة.
الصحفي العلكمي
انتقد الكاتب الصحفي البارز خالد العلكمي، القطيعة الدبلوماسية بين السعودية وقطر، وكتب تغريدة في 9 سبتمبر/أيلول 2017، أثنى فيها على اتصال أمير قطر بولي العهد السعودي، متمنيا أن يتبعها وقف للتراشق والتصعيد الإعلامي بين البلدين، ليعتقل بعد أسبوع من كتابتها.
العلكمي له تصريحات بارزة أدلي بها خلال استضافته في اللقاءات التلفزيونية، استنكر فيها أداء أجهزة الدولة مثل القضاء والشرطة، ليكون سجنه طوال أربع سنوات هو ثمن آرائه.
المنشد حافظ
كغيره من منتقدي حصار قطر، اعتقل المنشد ربيع حافظ في 15 سبتمبر/أيلول 2017، بعدما داهمت قوات الأمن منزله بوحشية، ومُنعت عائلته من زيارته والتواصل معه، إضافة إلى منعه من توكيل محامٍ، وهو مُنشد ديني ليس له أي نشاط سياسي أو اجتماعي، فقط عبر عن رأيه في الأزمة.
وكشف القائمون على حساب “معتقلي الرأي” المعني بالتعريف بالمعتقلين في المملكة، في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، أن حافظ مسجون في سجن انفرادي معتم لا يدخله الضوء وأن حالته النفسية والصحية سيئة.
المؤسسات الحقوقية نددت مرارا وتكرارا، بممارسات وجرائم آل سعود، محذرة من الاغتيال البطيء الذي تتعمده السلطات بحق المعتقلين، خاصة بعد تولي محمد بن سلمان ولاية العهد منذ يونيو/حزيران 2017.
ومن جانبها، نشرت منظمة القسط لحقوق الإنسان دراسة استقصائية عن نظام السجون في المملكة، بعنوان “تحت أستار الكتمان: السجون ومراكز الاحتجاز في السعودية”، تناولت الظروف الصحية السيئة للمعتقلين السياسيين في السجون منذ تسلم بن سلمان ولاية العهد.
وأشارت إلى ما يتعرض له معتقلي الرأي من تهديد وضرب وحجز انفرادي وحرمان من الطعام والحرمان من التواصل الأسري، مؤكدة أن نصفهم أصبح لديه مشاكل صحية نتيجة ظروف احتجازهم.
وفي 28 سبتمبر/أيلول 2021، طالبت منظمة العفو الدولية، الملك سلمان بن عبدالعزيز بإطلاق سراح الداعية سلمان العودة، العضو المصنف على قوائم الإرهاب من قبل كل من المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر.
وطالبت الولايات المتحدة الأميركية، في فبراير/شباط 2021، الحكومة السعودية بتحسين سجلها الحقوقي، بما في ذلك الإفراج عن الناشطين والمدافعين عن حقوق المرأة والسجناء السياسيين.