تساءل موقع “ذا سايفر بريف” الأمريكي المختص بالشؤون الأمنية عن مصير نشطاء السعودية بعد نجاة الأمير من قائمة العقوبات بُعيد تقرير خاشقجي.
وكان الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن امتنع عن إدراج الأمير محمد بن سلمان في قائمة المسؤولين السعوديين المتورطين في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في خطوةٍ فسرها المراقبون أنها لتجنب قطع العلاقة بين واشنطن والرياض.
وقبل أسابيع، أعلنت وزارة الخارجية في الأمريكية فرض العقوبات الأمريكية على 76 مسؤولاً سعوديًا في أعقاب نشر تقرير الاستخبارات المتعلق بتفاصيل قتل الصحفي السعودي.
وفي تلك الأثناء؛ انتقد نشطاء الديمقراطية في الولايات المتحدة قرار بايدن، لكن ما هي الرسالة التي ترسلها هذه السياسة إلى نظرائهم وسجناء الرأي في المملكة والأنظمة الاستبدادية المجاورة؟
كما تساءل كاتب المقالة في الموقع “إيميل نخلة” أنه “إذا لم يكن من الممكن تحميل المستبدين المسؤولية عن قمعهم للمعارضة، فعلينا سؤال المدافعين عن حقوق الإنسان ما فائدة مثل هذه المعارضة”؟
لكن إدارة البيت الأبيض ردّت على تلك الانتقادات أنه بإمكانها استخدام أدوات اقتصادية وسياسية وأمنية أخرى لخفض مكانة ولي العهد وتقليص قدرته على الاتصال بالبيت الأبيض مباشرة متى شاء، كما فعل خلال إدارة ترامب.
أوضح بايدن أن إدارته ستتعامل مع الأمير محمد بن سلمان بصفته وزير الدفاع السعودي فقط، وليس كولي للعهد أو الملك المستقبلي، على الرغم من حقيقة أن محمد بن سلمان لا يزال الحاكم الفعلي لبلاده.
وبحسب الموقع، فإن هذا الرد الرسمي من إدارة البيت الأبيض “قد يكون منطقيًا من منظور أمريكي”، لكنه يرسل رسالة خاطئة إلى المحتجين السلميين والمدافعين عن الديمقراطية في المملكة وفي جميع أنحاء العالم العربي.
وأشار إلى أن الخطوة الأمريكية تجاه الأمير بن سلمان يدفع نشطاء السعودية والعرب للتساؤل عن معنى عبارة بايدن “عادت أمريكا” إذا لم تأخذ حقوق الإنسان مركز الصدارة في سياسته تجاه الرياض.
ويقول مراقبون ونشطاء السعودية إن إعادة العلاقات بين واشنطن والرياض ستكون جوفاء إذا اعتقد محمد بن سلمان أنه حصل على تصريح موافقة بشأن اغتيال خاشقجي وأن العلاقات المستقبلية مع واشنطن ستعود الآن إلى العمل كالمعتاد.
لكن الواقع أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير؛ فقد خسر محمد بن سلمان حرية الوصول إلى البيت الأبيض ولم يعد بإمكانه الاعتماد على مستشار مقرب من الرئيس، كما كان الحال مع جاريد كوشنر لمساعدته في الوصول إلى الرئيس في أي لحظة.
وكما قال سفير أمريكي سابق في المنطقة، فإن رد بايدن على تقرير المخابرات جعل محمد بن سلمان “منبوذًا بحكم الواقع”.
ولفت الكاتب إلى أن محمد بن سلمان وغيره من المستبدين العرب عاملوا شعوبهم على أنهم رعايا وليسوا مواطنين، وتوقع منهم إعلان الولاء ولكن دون القدرة على محاسبتهم.
ووفق الكتاب، فإنه لطالما تذرع الحكام المستبدون بالمبدأ الإسلامي “البيعة”، لكنهم تجاهلوا الجزء الآخر من صيغة هذا الحكم وهو “الشورى”.
حيث استغل زعماء القبائل جزئية “البيعة” من الصيغة للحفاظ على سيطرتهم الكاملة على شعوبهم.
كما رسخ محمد بن سلمان -بحسب الموقع الأمني-الانطباع السائد في المملكة بأن هجماته الشرسة على المعارضين قد تم قبولها أو على الأقل تحملها من قبل بعض القادة الأجانب الأقوياء.
وقال الموقع: “بصفته مستبدًا ويتمتع الأمير الشاب بالسيطرة الكاملة على الحياة في المملكة؛ فإن محمد بن سلمان يلمح للشعب السعودي بأن اعتراف واشنطن بتورطه في مقتل خاشقجي لن يقوض مكانته في السلطة في الرياض”.
فمن خلال الهروب من العقوبات، يبدو أن محمد بن سلمان -بحسب نخلة- يعتقد أنه سيتعين على إدارة البيت الأبيض، عاجلاً أم آجلاً، التعامل معه بما يتجاوز حقيبة دفاعه، حتى أن وسائل إعلام المملكة زعمت أن قرار بايدن بعدم معاقبته كان بمثابة “تبرئة” من تورطه في جريمة القتل.
وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي العام السعودي التي تشير إلى أن محمد بن سلمان يتمتع حاليًا بشعبية كبيرة بين الشباب السعودي.