كشف حقوقيان مدى التعسف والظلم الذي يُعاني منه المعتقلون داخل السجون السعودية، وانتزاع اعترافات كاذبة منهم تحت ضغط التعذيب، والحرمان من حقهم في الدفاع عن أنفسهم ومنعهم من حضور محام للدفاع عنهم، وصولا إلى تعرضهم لتنفيذ أحكام الإعدام.
وأشاروا خلال المؤتمر الثاني الذي عقدته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، افتراضياً، لليوم الثاني على التوالي 10ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى معاناة أهالي المحكوم عليهم بالإعدام، وعدم معرفته أماكن اعتقال أبناءهم، وأماكن دفنهم، بعد تنفيذ حكم الإعدام بحقهم.
وتحدث الحقوقيان عن وقائع تثبت معاناة المعتقلين، وتكشف غياب الحقوق والحريات داخل المملكة، وملاحقة النظام للمغردين والمغردات، وتهديدهم بذويهم لإجبارهم على تسليم أنفسهم، وأخرى تكشف فقدان القضاء السعودي لاستقلاليته وتنفيذه لأوامر السلطة الحاكمة.
خبير القانون الدولي الدكتور عبدالله العودة، الأمين العام لحزب التجمع الوطني المعارض، قال إن ظروف احتجاز والده الشيخ سلمان العودة كانت سيئة جداً، وتم الضغط عليه بشدة حتى يستسلم وينتزع منه النظام السعودي اعترافات كاذبة.
وأوضح أن والده أول من اعتقل في حملة اعتقالات سبتمبر/أيلول 2017، التي استهدفت مجموعة من المؤثرين وقادة الرأي في المجتمع السعودي، منذ تولي محمد بن سلمان ولاية العهد، لافتا إلى أن والده مُنعت عنه الزيارة تعسفياً، وفقد نصف سمعه وبصره.
وأضاف العودة: “هذا ما يعانيه الوالد وهو الأكثر تأثيراً وشهرة، فكيف الوضع لمن هم أقل شهرة من معتقلي الرأي الآخرين؟”، مشيرا إلى أن الدكتور خالد العودة، تم اعتقاله على خلفية دعمه للشيخ سلمان، وممنوع من تناول العلاجات الطبية مما أدى إلى تدهور حالته الصحية.
وأشار إلى أن خالد العودة حكم عليه بثمان سنوات، وقضيته ليس لها توصيف قانوني، وفي نطق القاضي بالحكم في القضية قال: “وردنا أمر سامي باعتقاله!”، مستنكرا أن القمع أصبح منهجاً رسمياً في النظام السعودي، والملك يزيد المدد بناء على رغبته، والقضاء يفتقد إلى الاستقلالية.
وأضاف العودة، أنه يسمع كل يوم عشرات القصص الدامية للانتهاكات والاعتقالات مستشهداً بقضية امرأة تم اعتقالها على خلفية تفاعلها على تغريدة لإحدى الناشطات الحقوقيات الداعمات للحريات على الخاص بعد مرور عشر سنوات على هذه التغريدة.
وأوضح أن بعد القبض على الناشطة الحقوقية وتفتيش هاتفها، بدأت السلطات السعودية القمعية في رصد متابعيها واعتقالهم وكانت بينهم هذه المرأة.
ودلّل العودة على زيادة الاعتقالات بالسعودية بقصة اعتقال سعودي آخر تلقى مكالمة هاتفية من قوات الأمن السعودية تبلغه بأمر اعتقاله وتهدده بترويع أولاده واقتحام بيته إن لم يمتثل لأمر الاعتقال، وبالفعل تم اختطافه.
ومن جانبه، أكد المحامي ومستشار المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان طه الحاجي، أن الوضع المُشين في السعودية يعكس مدى التساهل في إهدار الدماء السعودية في قضايا لا يمكن تصنيفها أنها جرائم تستحق العقوبة.
وأوضح أن النظام السعودي لا يوفر الحقوق الأساسية للمعتقلين والتي يدعي توفيرها ويروج لها إعلامياً، ويتباهى بالمباني الفخمة للسجون التي تُخفى خلفها الغرف المُظلمة التي تُستخدم لنزع الاعترافات، وتُمارس فيها كافة أشكال الانتهاكات.
وقال الحاجي إن التعذيب الممنهج يستمر طوال فترة التحقيق التي تتم بمعزل عن العالم الخارجي، وتزيد مدتها عن سنة كاملة، مؤكداً منع المحامي من حضور التحقيقات وحرمان المعتقل من هذا الحق، ولا يسمح له بالتوكيل حتى في المسائل المالية الخاصة بالمُعتقل.
وأكد أن دور المحامي يتحول إلى مجرد صورة شكلية يتشدق بها النظام ويدعي احترامه للحقوق والحريات الغائبة، لافتا إلى أن القضاء يتجاهل الادعاءات التي يُقدمها المحامي.
ولفت الحاجي، إلى أن التذبذب الواضح في أعداد الإعدامات بالمملكة يدل على عدم وجود قانون واضح، ويُشير إلى المزاجية التي تسيطر على المحاكم السعودية، مدللاً على ذلك بأن أعداد الإعدامات وصلت إلى 180شخص، وارتفعت مرة أخرى إلى 65 حالة في 2019 وانخفضت في 2020 إلى27 حالة إعدام.
ورأى أن الجهود الحقوقية التي استمرت لسنوات بدأت تجني ثمارها كوقف القتل في قضايا المخدرات، مؤكدا أن من أنجح أساليب مواجهة الانتهاكات هي ملاحقة المتورطين فيها مهما طالت المدة.
وحث الحاجي، الحقوقيين على أن يسلكوا هذا الدرب لمحاسبة المنتهكين والمجرمين، مختتما كلمته بالتذكير بأهمية دور المحامي في كشف هذه الانتهاكات وفضح الأنظمة المستبدة أمام الرأي العام العالمي.