أعاد خبر زيارة وفدان أمني وهندسي مصريان إلى قطاع غزة الخاضع لسيطرة حركة حماس، عبر معبر رفح البري جنوبي القطاع، إلى الأذهان كثير من التساؤلات بشأن مسار العلاقات المصرية مع الحركة، إذ تزامنت الزيارة مع صدور حكم قضائي على قيادي إخواني بتهمة التخابر مع حماس.
وصل الوفد الأمني المصري، اليوم الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول 2021، عبر معبر بيت حانون شمال قطاع غزة، بعد اجتماعه مع مسؤولين إسرائيليين أمس، لبحث ملف التهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة المحاصر، بحسب ما أفادت به مصادر فلسطينية.
ومن المقرر أن يعقد الوفد الأمني لقاءات مع المسؤولين الفلسطينيين في قطاع غزة؛ لبحث مختلف القضايا والملفات، أما الوفد الهندسي فتهدف زيارته لمتابعة المشاريع المصرية التي تنفذ في القطاع، وتشرف عليها اللجنة المصرية لإعادة إعمار غزة.
وفي ظل تناقض الجانب المصري، أصدرت محكمة مصرية، اليوم الأحد، حكما بالسجن المؤبد (25 عاما) على القائم بأعمال مرشد جماعة الإخوان المسلمين محمود عزت، بزعم اتهامه “التخابر مع حماس”، وهي التهمة الموجهة لـ28 من قيادات جماعة الإخوان.
ومنذ تولي حركة حماس الحكم في قطاع غزة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية في عام 2006، والعلاقات بينها وبين الحكومة المصرية تشهد تناقضا كبيرا، حيث كان يحكم مصر آنذاك الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وبين عامي 2008 إلى 2011، عملت مصر على تولي ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس والاحتلال الإسرائيلي لوقف الحرب على القطاع، وإتمام صفقة تبادل الأسرى التي حدثت بين حماس والاحتلال، والتي عُرفت إعلاميا باسم صفقة وفاء الأحرار أو صفقة شاليط.
وفي أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر، ووصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم في مصر، وتولي الرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي، رئاسة الجمهورية، شهد قطاع غزة انتعاشا كبيرا من الناحية الاقتصادية وتسهيلات في عبور الفلسطينيين، بعد فتح معبر رفح البري يوميا.
وعقب الانقلاب العسكري في 30 يونيو/حزيران 2013، واستيلاء الجيش على الحكم، عاد التوتر من جديد إلى العلاقات بين مصر وحماس وتدهورت علاقاتهما، حيث قررت الأخيرة حظر الحركة في مصر في يوليو/تموز 2014، بعد صدور حكم قضائي بذلك.
كما اتهمت السلطات المصرية أعضاء حماس بتنفيذ التفجيرات الإرهابية في سيناء، واقتحام السجون المصرية خلال ثورة يناير/كانون الثاني، لتصل ذروة التوتر بعد الحكم على الرئيس مرسي بتهمة التخابر مع حماس، وتبعه إغلاق مصر لمعبر رفح بشكل تعسفي عانى منه أهالي القطاع بشدة.
وفي أعقاب سوء الأحوال في القطاع نتيجة غلق منفذهم الأوحد “رفح”، وما تبع ذلك من أضرار للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية داخل القطاع، أصدرت محكمة المصرية في يناير/كانون الثاني 2015، حكماً يقضي بتصنيف كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، كمنظمة إرهابية.
ولم يتوانى الإعلام المصري المعروف بإدارة المخابرات المصرية له وسيطرتها عليه، في شن الحملات الإعلامية الشرسة ضد حماس، كلما وقعت هجمات مسلحة دامية ضد الجيش المصري في سيناء دون تقديم أدلة على ذلك.
ليعود الهدوء النسبي إلى العلاقات بين مصر وحماس في يونيو/حزيران 2015، بعدما ألغت محكمة مصرية الحكم المعتبر حماس منظمة إرهابية، بينما استمر حظر نشاطات حماس داخل مصر، ومواصلة غلق معبر رفح.
رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أعلن في يناير/كانون الثاني 2017، استضافة الجانب المصري لأعضاء المكتب السياسي للحركة في القاهرة، وذلك بعد اجتماعه بمسؤولين مصريين، في ظل عودة مصر لتبني ملف المصالحة الفلسطينية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، احتضن رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، اجتماعا للمكتب السياسي لحركة حماس في القاهر، وذلك في الوقت الذي يقضي معتقلين في السجون المصرية أحكاما قاسية بدعوى تخابرهم مع حماس.
وكيلت الاتهامات للحركة حينها بأنها اعتدت على الجيش المصري واقتحمت الحدود وارتكبت جرائم ودربت إرهابيين إبان ثورة يناير 2011.