قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن محاكمات المواطنين التونسيين أمام المحاكم المدنية والعسكرية بتهمة “إهانة الرئيس” ازدادت بشكل لافت مؤخرًا، في إشارة إلى القوانين القمعية التي كانت سائدة قبل ثورة 2011.
وأوضحت المنظمة أن السلطات التونسية تلاحق وتسجن مواطنين لانتقادهم العلني للرئيس قيس سعيد بعد أن أعلن إجراءاته الاستثنائية في يوليو/ تموز الماضي.
وأشارت إلى أن كبار الموظفين المدنيين وأعضاء البرلمان والمعلقين على وسائل التواصل الاجتماعي ومقدمي البرامج التلفزيونية، حوكموا على هذه التهمة.
وذكرت المنظمة أنه من بين خمس قضايا تتعلق بحرية التعبير، فحصتها مؤخرًا، يقضي شخص حاليًا عقوبة بالسجن بتهمة إهانة الرئيس من بين تهم أخرى.
ويحاكم ثلاثة آخرون بتهمة التشهير بالجيش وإهانة الرئيس ويخضع شخص خامس لتحقيق جنائي بتهم مماثلة.
ومن بين الذين حوكموا أمام القضاء العسكري نواب مثل ياسين العياري وعبد اللطيف العلوي وسيف الدين مخلوف والصحفي عامر عياد، إضافة إلى محاكمة المدونين أمام محاكم مدنية بسبب آرائهم.
والأربعاء الماضي، أصدرت محكمة حكما بالسجن على الرئيس الأسبق منصف المرزوقي بتهمة “المس بأمن الدولة الخارجي” بعد أن انتقد الرئيس سعيد على قناة فرانس 24.
وزعمت النيابة أن المرزوقي “خرب” قمة الفرنكوفونية التي كانت مقررة في نوفمبر الماضي في جزيرة جربة التونسية قبل تأجيلها إلى العام المقبل.
وقال إريك غولدستين المدير التنفيذي لـ”هيومن رايتس ووتش” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن: “الاعتراض العلني على الرئيس لاستيلائه على سلطات موسعة يمكن أن يؤدي إلى المحاكمة”.
وأكد أن “إسكات المعارضين خطر مضاعف عندما يكون الرئيس منشغلاً بامتلاك سلطة كبيرة في يديه”.
ومن بين التهم التي تُرفع عادة في المحاكم المدنية، وفقًا لقانون العقوبات، “كل من يرتكب فعلًا حقيرًا ضد رئيس الدولة”، أو “إهانة الجيش” بموجب قانون القضاء العسكري.
وقد يؤدي انتقاد الرئيس إلى الملاحقة القضائية بموجب قانون القضاء العسكري لأن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة بموجب الدستور.
وقالت “هيومن رايتس ووتش” إن عدم وجود محكمة دستورية مكلفة بإلغاء القوانين التي يتبين أنها غير دستورية حرم التونسيين من ضمانة أساسية ضد الملاحقات الجنائية بتهم تنتهك حقوقهم.
وبعد إعلانه الإجراءات الاستثنائية، وتعليقه اللاحق لمعظم مواد الدستور، تعهد الرئيس سعيّد بحماية الحقوق والحريات.
لكن المنظمات الحقوقية في تونس أعربت في بيان مشترك عن قلقها من انتكاسة التحول الديمقراطي بسبب المحاكمات المتكررة للصحفيين والمدونين والسياسيين أمام محاكم مدنية وعسكرية.