أعربت 37 منظمة حقوقية تونسية ودولية، عن تضامنها مع نائب رئيس حركة النهضة وزير العدل السابق نور الدين البحيري، بالإضافة إلى قلقها البالغ وانشغالها بالحالة التونسية وما يحصل فيها من تجاوزات كبرى.
وأوضحت المنظمات في بيانها، أن اختطاف البحيري، وتعنيف زوجته السيدة سعيدة العكرمي وهي محامية وعضو في هيئة المحامين، والاستيلاء على هاتفها بشكل همجي، دون إذن قضائي، يذكرنا بسابقة اختطاف النائب والسجين السياسي الأستاذ سيف الدين مخلوف أمام المحكمة العسكرية.
وقالت إن ما حدث للبحيري يعتبر إخفاءاً قسرياً، وهو جريمة حقوقية وقانونية، ويعتبر مخالفة صارخة للقوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية، وسابقة خطيرة تسيء لسمعة تونس، وطنيا، وإقليميا، ودوليا.
وأشارت المنظمات، إلى أن تونس “تعيش بعد انقلاب 25 تموز/ يوليو 2021 انتهاكات جسيمة للحقوق التي ضمنتها منظومة حقوق الإنسان، ودستور 2014، وتعطيلا للهيئات الدستورية والوطنية، وأن كل تلك الانتهاكات تسبب للشعب التونسي مآسي متكررة على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وحملت في بيانها المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات والجرائم الخطيرة للرئيس قيس سعيد ووزارة الداخلية ممثلة بتوفيق شرف الدين، مطالبة بالإفراج الفوري عن السيد نور الدين البحيري، واحترام الإجراءات القانونية في حقه.
كما استنكرت المنظمات، الممارسات الإجرامية للأمن التونسي التي تعتمد قانون الغاب في مناخ الاستبداد، والانفراد بالسلطة، واستهداف الحقوق والحريات بهذه الممارسات القمعية والانتهاكات المتكررة الخارجة عن القانون، داعية الهيئات الدولية المكلفة برعاية حقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل لضمان حماية الحقوق الأساسية في تونس.
فيما راسل الاتحاد البرلماني الدولي مجلس نواب الشعب التونسي بخصوص وضع النائب نور الدين البحيري، الذي أودعته السلطات التونسية رهن الإقامة الجبرية ما تسبب في تردي وضعه الصحي.
وأوضح مساعد رئيس البرلمان التونسي المكلف بالإعلام والاتصال ماهر مذيوب، أن لجنة حقوق الإنسان بالاتحاد البرلماني الدولي طالبت مجلس النواب بتقرير مفصل عن الحالة القانونية والصحية للنائب نور الدين البحيري، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يترتب على ذلك “شكوى ضد الدولة التونسية”.
وكانت حركة النهضة، قد أعلنت يوم الجمعة الماضية عن اختطاف البحيري وزير العدل السابق، من قبل عناصر أمن بلباس مدني، ولاحقا اعترفت الداخلية باحتجازه، دون أن توضح مكانه حتى اللحظة.
كما قال مستشار رئيس حركة النهضة رياض الشعيبي، يوم الأحد الماضي 2 يناير/كانون الثاني، إنه جرى نقل البحيري إلى المستشفى وهو في “حالة خطيرة جدا ويواجه الموت”، مضيفا أنه “منذ ثلاثة أيام دون طعام وماء ودواء”.
وتدهورت الحالة الصحية للبحيري بسبب إضرابه عن الطعام وعن أخذ الدواء رفضا لإجراء إيقافه دون توجيه أي تهمة من قبل القضاء، ما أثار حملة تضامن واسعة من قبل الأحزاب والجمعيات الحقوقية.
والإثنين 3 يناير/كانون الأول، أعلن وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، أن وضع البحيري، والمسؤول السابق بوزارة الداخلية فتحي البلدي، قيد الإقامة الجبرية يتعلق بـ”شبهة إرهاب”، على خلفية استخراج وثائق سفر وجنسية بـ”طريقة غير قانونية”.
واعتبرت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، أن ما تطلق عليه الداخلية التونسية “إقامة جبرية” على البحيري، هو “احتجاز تعسفي وغير شرعي”.
واعتبرت أن “كلا من غياب الإشعار الكتابي الذي يفيد بإجراء الإقامة الجبرية وعدم إمكانية التواصل مع محامٍ يشكلان انتهاكات جسيمة للضمانات الإجرائية للشخص المسلوب من حريته وما يصاحب ذلك من انتهاك لحق الطعن في شرعية الإجراء أمام سلطة قضائية”.
وقالت إن “احتجاز البحيري تم في نطاق مكان مغلق لا يستطيع مغادرته، ما هو في واقع الأمر إلا احتجاز بالمعنى الوارد في القانون الدولي وليس مجرد تقييد لحرية التنقل”.
وشددت على أن “الاحتجاز تعسفي بالكامل وغير شرعيّ، حيث تمّ الإبقاء على سرّيّة مكان الاحتجاز ونقل المعتقل إلى المستشفى، وبموجب القانون الجزائي التونسي، يمكن وصف هذا الاحتجاز بأنه جريمة اختطاف واحتجاز غير شرعي”.
ودعت المنظمة السلطات التونسية إلى “الكف بشكل عاجل عن إصدار الأوامر القاضية بالإقامة الجبرية وغيرها من تدابير الرقابة الإدارية التعسفية والخالية من أي أساس قانوني”، كما دعت “السلطات القضائية إلى القيام بدورها كحامية للحريات”.