رغم الإجراءات الأمنية المكثفة، خرج آلاف السودانيين إلى الشوارع مجددًا اليوم الخميس، نحو القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، وذلك للاحتجاج على هيمنة العسكريين على السلطة منذ انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين قبل أكثر من شهرين.
واندلعت المواجهات بين المتظاهرين المطالبين بمدنية الدولة وقوات الأمن في الخرطوم، حيث لم تتأخر قوات الأمن في “قمع” المتظاهرين، كما جرت العادة، بإطلاقها القنابل الغازية والصوتية بكثافة لتفريقهم.
كما ردد المتظاهرين هتافات ترفض “الحكم العسكري” وتطالب بـ”عودة الحكم المدني الديمقراطي”، كما رفعوا لافتات مكتوب عليها: “الثورة ثورة شعب، والسلطة سلطة شعب، والعسكر للثكنات”، و”الشعب أقوى، والردة مستحيلة”، و”حرية، سلام، وعدالة”، و”لا تفاوض، لا شراكة، ولا مساومة”، و”نعم للحكم المدني الديمقراطي”.
وخرج المتظاهرون في مدن الخرطوم، وبحري (شمالي العاصمة)، وأم درمان (غربي العاصمة)، وكسلا والقضارف وبورتسودان (شرق)، ومدني والمناقل (وسط)، وعطبرة والدامر (شمال)، وكوستي والأبيض (جنوب)، وسنجة والدمازين (جنوب شرق)، ونيالا (غرب).
وكانت السلطات السودانية، قد أغلقت طرقا رئيسية في العاصمة الخرطوم، وفرضت طوقاً أمنياً وسط العاصمة، كما أنها قطعت خدمة الإنترنت قبيل مظاهرات اليوم الخميس للمطالبة بعودة الحكم المدني.
ونفذت كل تلك الإجراءات تحسبا للمظاهرات التي تعدّ استمرارا للحركة الاحتجاجية التي تطالب العسكريين بالتنحي عن السلطة، منذ إطاحة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بالحكومة وإعلانه حالة الطوارئ في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبدورها دعت السفارة الأميركية في الخرطوم، مواطنيها إلى تجنب التنقلات غير الضرورية والبعد عن التجمعات، تحسبا للمظاهرات المزمعة اليوم في الخرطوم وولايات أخرى.
كما حذرت دول غربية قادة الجيش من الانفراد بقرار تعيين الحكومة الجديدة، إذ أصدرت الترويكا المعنية بالسودان، والتي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، بياناً مشتركاً مع الاتحاد الأوروبي، أكدت فيه أنها “لن تدعم رئيساً للوزراء أو حكومة تعيّن من دون مشاركة مجموعة واسعة من أصحاب الشأن المدنيين”.
وأوضحت في بيانها أنه في ظل غياب التقدم، سننظر في تسريع الجهود لمحاسبة الذين يعرقلون العملية الديمقراطية.
وكان عدداً من خبراء الشأن السوداني في العاصمة الأميركية واشنطن، أنتقدوا موقف إدارة الرئيس جو بايدن من تطورات الأوضاع في بلادهم، خاصة بعد استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
وفي أول رد فعل على الاستقالة، دعت وزارة الخارجية الأميركية القادة السودانيين لتنحية الخلافات جانبا، والتوصل إلى توافق وضمان استمرار الحكم المدني، مضيفة -في بيان لها- أن “واشنطن تواصل الوقوف إلى جانب الشعب السوداني وتدعو لوقف العنف ضد المتظاهرين”.
ويشهد السودان احتجاجات متكررة وحالة من الاحتقان منذ قرارات 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كما تتواصل الاحتجاجات عقب تقديم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك استقالته يوم الأحد الماضي، حيث أعلن فشل مساعيه في الوصول إلى توافق سياسي يجنب البلاد الانزلاق إلى الفوضى، وفق تعبيره.