كشفت الأمم المتحدة عن تقرير خبرائها الذي أرسلته إلى السلطات السعودية في نوفمبر/ تشرين ثاني 2021، بشأن قضية وفاة المعارض السياسي موسى القرني في السجن.
وأكد تقرير خبراء الأمم المتحدة، الذي اطّلع عليه موقع “الرأي الآخر”، أنه “لم يجر حتى الآن تحقيق شامل في وفاة الدكتور القرني للوقوف على أسبابها وملابساتها”، داعيًا إلى إجراء تحقيق سريع ونزيه وشامل وشفاف عبر هيئة مستقلة.
وقُتل القرني في سجن ذهبان بتاريخ 12 أكتوبر 2021 بعد تعرضه للضرب على الوجه والرأس ما تسبب في تهشم الجمجمة وتشوّه الوجه؛ ما أدى إلى وفاته.
وقال الخبراء إنه في حال كانت المعلومات حول ظروف وفاة القرني صحيحة فإنها “ستكون بمثابة انتهاك للحق في الحياة، على النحو المنصوص عليه في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، المنصوص عليها في المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة الأولى من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي صدقت عليها السعودية في عام 1997”.
وأضافوا “كما أنها تنتهك الحق في الحرية والأمن الشخصي، الذي تحميه المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والحق في حرية الرأي والتعبير، المكفول في المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، المنصوص عليه في المادة 20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ والحق في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمة العادلة، الذي تحميه المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وأكد الخبراء أنه ” من خلال حرمان الأشخاص من حريتهم، تتحمل الدول مسؤولية رعاية حياتهم وسلامتهم الجسدية، وبالتالي يجب عليها اتخاذ جميع التدابير اللازمة لحماية حياتهم”.
وقالت: “ويؤدي هذا الواجب المشدد إلى افتراض مسؤولية الدولة الأولى عن الوفيات في الحجز والتي لا يمكن دحضها إلا من خلال تحقيق سريع ونزيه وشامل وشفاف تجريه هيئة مستقلة لتحديد أسبابها وظروفها والمساهمة في منع تكرارها”.
وذكرت أن هذه التحقيقات “من شأنها أن تسهم في تحديد ومقاضاة ومعاقبة المسؤولين”.
وأضافت “من ناحية أخرى، عندما يبدو أن الوفيات ناجمة عن أسباب طبيعية، فإن إجراء تحقيق مناسب، بما في ذلك تشريح الجثة المستقل، يمكن أن يسهم في تبديد المخاوف بشأن الرعاية الصحية غير الكافية أو سوء المعاملة، وبالتالي مساعدة الدول على معالجة افتراض المسؤولية عن الوفيات في المعتقل”.
ودعت لجنة الخبراء السعودية لتقديم معلومات إضافية حول القضية، بما في ذلك التدابير المتخذة لتنفيذ الرأي رقم 27/2007 للفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي.
وتابعت “وإذا لم يتم اتخاذ أي تدابير للقيام بذلك، يرجى شرح سبب (أسباب) لماذا وكيف يتوافق ذلك مع الدعوات المتكررة من مجلس حقوق الإنسان إلى الدول للتعاون مع آليات حقوق الإنسان الخاصة به”.
كما طالبت اللجنة السلطات السعودية “بتوضيح سبب الحكم على الدكتور القرني، الذي لا يُعرف باستخدامه للعنف أو دعوته لاستخدامه، بالسجن لمدة 20 عامًا ومنعه من السفر”.
وقال التقرير: “ويرجى توضيح الادعاءات بتعرضه للتعذيب في الحجز، وأنه وُضع في زنزانة مع سجناء آخرين، ومن المحتمل أن يكون من بينهم أشخاص يشتبه في انتمائهم لآراء دينية متطرفة، والذين أساءوا معاملته؛ وتم نقله إلى مستشفى للأمراض النفسية؛ ولم يتلق العلاج الطبي، حتى بعد إصابته بجلطة دماغية، وكيف يمكن أن تتفق هذه الادعاءات، إن كانت دقيقة، مع واجب الرعاية والمعاملة الإنسانية للمعتقلين والسجناء من سلطات السجون”.
وطالب التقرير بتقديم “معلومات عما إذا كان تم إجراء أي تحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التي ورد أن الدكتور القرني تعرض لها”.
وشدد تقرير خبراء الأمم المتحدة على ضرورة توضيح أسباب عدم إجراء تحقيق حاسم في القضية، وتقديم معلومات عن تشريح الجثة الذي تم بعد وفاة الدكتور القرني ونتائجه؛ وكيف تم إجراؤه ومن قام به.
وأضاف التقرير “هل تم إجراء تحقيق من جهة مستقلة للوقوف على سبب وظروف وفاته وماذا كانت نتائجه؟ ويرجى توضيح المنهجية المستخدمة في مثل هذا التحقيق، وما إذا كانت تسترشد بالمعايير الدولية المعمول بها في مثل هذه الحالة، بما في ذلك بروتوكول الأمم المتحدة بشأن التحقيق في حالات الوفاة المحتملة غير المشروعة (بروتوكول مينيسوتا)، وإذا لم يتم إجراء تحقيق أو إذا كان غير حاسم، يرجى توضيح أسباب ذلك”.
ودعا التقرير السعودية لبيان “التدابير القانونية والمؤسسية وغير ذلك من التدابير المعمول بها لضمان قدرة المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم المجتمع المدني والنشطاء، على العمل في بيئة مواتية والقيام بأنشطتهم المشروعة بشكل سلمي دون خوف من المضايقة أو الوصم أو العنف أو التجريم من أي نوع”.
وتابعت “ويرجى تقديم معلومات مفصلة عن كيفية امتثال جهود مكافحة الإرهاب التي تبذلها حكومة سعادتكم لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1373 (2001) و 1456 (2003) و 1566 (2004) و 1624 (2005) و 2178 (2014) و 2242 (2015) و 2341 (2017) و 2354 (2017) و 2368 (2017) و 2370 (2017) و 2395 (2017) و 2396 (2017) ؛ وكذلك حل مجلس حقوق الإنسان 35/34 وقرارات الجمعية العامة 49/60 و 51/210 و 72/123 و 72/180، ولا سيما مع متطلبات القانون الدولي لحقوق الإنسان”.
وطلبت لجنة خبراء الأمم المتحدة من السلطات السعودية الرد على هذه التساؤلات خلال 60 يومًا.
وقالت: “وأثناء انتظار الرد، نحث على اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لوقف الانتهاكات المزعومة ومنع تكرارها”.
وموسى القرني، مواليد 1954، كان اعتقل في فبراير2007 مع مجموعة من الإصلاحيين فيما عُرف حينها بقضية إصلاحيي جدة، وحُكم عليه في نوفمبر 2011 بالسجن 20 سنةً.