شدوى الصلاح
قال الكاتب والمفكر الكويتي الدكتور محمد المطر، إن عزم السعودية على تسليم إثنين من أقلية الإيغور المسلمة المضطهدة والمقموعة من السلطة الصينية، ودعم دول مجلس التعاون الخليجي لطريقة تعامل بكين مع أقلية الإيغور يعكس حقيقة روح هذه الأنظمة العربية والخليجية وعداها للإسلام وسذاجة سياسية.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر: “نرجع لتاريخ ونشأة دول الخليج، لفهم طبيعة هذا التصريح، فدول الخليج لم تنشأ كحالة امتداد للعمق الحضاري الإسلامي، لكنها نشأت بمخطط بريطاني لتأمين منطقة جزيرة العرب الغنية بالثروة النفطية، وتوزيع تركة الإمبراطورية العثمانية”.
وأكد المطر، أن سر هشاشة دول مجلس التعاون الخليجي أنها نشأت منفصلة عن جذورها الحضارية والدينية، مرجعا ممارستها “دور الإسلام” لأسباب دولية مثل حصار المد الشيوعي واليساري، وأخرى إقليمية منها إحياء الروح الطائفية “سنة/ شيعة” بعد الثورة الإيرانية وأسباب داخلية مثل احتواء التيارات الإسلامية التغييرية مثل حركة جهيمان.
وأشار إلى أن حالة المجاهرة بالعداء لكل ما هو إسلامي التي نشهدها حاليا أصبحت واضحة في العلن، بعدما كانت الممارسات ضد العمق الإسلامي تمارس بالسر وليس كما نشاهدها الآن، لافتا إلى أن من الشواهد التاريخية دعم احتلال العراق ودعم حزب الكتائب بالحرب الأهلية اللبنانية ودعم روسيا في سوريا.
وأوضح المطر، أن هذه الممارسات كانت تغلف إما بالسرية أو مجبرين عليها من قبل القوى الكبرى ويتم الاستعانة بالخطاب الديني لتبريرها، موضحا أننا الآن أمام حالة إسلاموفوبيا عند الأنظمة الخليجية، تجلت في تسليم الإيغور من قبل السعودية ودعم سياسة الصين في التعامل مع ملف مسلمي الإيغور، وسبقه قمع رجال الدين وتقويض الخطاب الديني.
وأكد أن هذه السلوكيات ستسقط شرعية الحكم للأنظمة الخليجية وتصبح أي محاولة تغيير راديكالية مبررة شرعياً، مشيرا إلى أن هذا بالضبط ما حدث مع شاه إيران بعد فك ارتباطه مع التيار الديني وقمعه لذاك التيار الذي كان يضفي عليه الشرعية فانكشف الحكم وسقط الشاه.
ولفت المطر، إلى أن الأنظمة الخليجية كانت دائما تدثر بالدين وتسوق منظومة الحكم نفسها بأنها تقرأ القرآن وتقيم الشعائر، واستخدمت الإعلام للتسويق لها بأنها (ناسكة عابدة زاهدة) ومن هنا حافظت على شرعية الحكم الهشة وسط التحديات الفكرية والحركية والثورية من حولها.
وشدد على أن محاولة التقرب لصين أو مغازلتها غير مجدية لأنها تعلم أن دول الخليج تدار وفق ترتيب بريطاني أميركي ومفاتيح التحكم ليست لدي العواصم الخليجية، ولكنها في لندن وواشنطن، مؤكدا أن الصين ترى دول الخليج مجرد سوق لمنتجاتها وشركاتها وأنظمتها الأمنية في المراقبة والتجسس.
وأشار المطر، إلى أن الصين لا ترى في دول الخليج حليف استراتيجي ممكن الاعتماد عليه أو حتى قوة إقليمية لها دور ثقيل في الإقليم، لذلك رتبت علاقتها مع إيران لأنها لاعب إقليمي مهم وتتمتع بنوع من الاستقلالية السياسية وسياستها النفطية مستقلة نوعا ما إذا ما قورنت بدول الخليج.
وأوضح أن بالنسبة لتأثيرات القوى العظمى، فبناء تحالف إيراني صيني بالنسبة للصين أهم بكثير من بناء تحالف صيني خليجي، نظراً لهشاشة دول الخليج وتبعيتها المطلقة للمنظومة الغربية، قائلا إن من السذاجة الاعتقاد بأن الصين ممكن أن تكون “الكفيل” الجديد لدول مجلس التعاون الخليجي.
وحث المطر، الأنظمة الخليجية على قراءة الساحة السياسية الآسيوية بشكل أفضل، لأننا مقبلون على حروب دينية جديدة ستكون شراراتها في دول آسيا الوسطى التي تشكل السلة الغذائية المكملة لصين، وجزء رئيسي من المشروع الصيني الحزام الواحد والطريق الواحد، لمحاولة تحجيم الدور الصيني من قبل الدول العظمى الغربية، متوقعا أن يكون لتركيا دور لوجستي (وروحي) مهم في هذه الصراعات القادمة.
يشار إلى أن وكالة أسوشيتد برس الأميركية، قالت إن الصين أعلنت أن دول مجلس التعاون الخليجي أعربت عن دعمها لطريقة تعاملها مع عدد من القضايا الحساسة، ومنها ملف مسلمي الإيغور.
ونقلت عن المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، قوله إن وزراء خارجية دول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، أعربوا عن دعمهم بقوة لـ”مواقف الصين المشروعة بشأن القضايا المتعلقة بتايوان وسنجان (منطقة ذاتية الحكم يقطنها الإيغور) وحقوق الإنسان”.
وعضد ذلك التقرير، ما كشفته إذاعة صوت أميركا، بأن الصين أقرت باعتراف دولٍ خليجية في حملة الأولى على معارضي الدولة الآسيوية، وخصوصًا قمع أقلية “الأويغور”، ونقلت عن مسؤولين صينيين، قولهم إن دول خليجية كالإمارات والسعودية رفضت إدانة تصرفات الصين حيال قمع أقلياتها المسلمة كالأويغور، واعتبرت ذلك “شأنًا صينيًا داخليًا لا يُمكن التدخل فيه”.
وبدورها، أكدت هيومن رايتس ووتش، أن الحكومة الصينية ارتكبت ولا تزال ترتكب جرائم ضد الإنسانية ضد السكان المسلمين ذوي الأصول التركية في شينجيانغ، حيث يستمر احتجاز المسلمين بشكل تعسفي على أساس هويتهم، بينما يتعرض الآخرون للعمل القسري والمراقبة الجماعية والتلقين السياسي.