أعلنت وزارة العدل الأمريكية قبل أيام عن اعتقال بيير جرجس بتهمة التجسس على منتقدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بأمر من المسؤولين المصريين.
وأوضح مساعد المدعي العام أن “لائحة الاتهام هذه تبدأ بعملية تحميله المسؤولية عن أفعاله التي تتعارض مع قوانيننا وقيمنا”.
وقالت مجلة “ريسبونسيبل سايت كرافت” الأميركية، وفق ترجمة موقع “الرأي الآخر، إن ما يغيب بشكل ملحوظ عن الإعلان- أو أي تعليق عام من وزارة العدل أو إدارة بايدن- هو كيفية محاسبة “المسؤولين المصريين” الذين لم يتم تسميتهم والذين كانوا العقول المدبرة لعملية التأثير غير المشروع هذه.
وذكرت أنه “لسوء الحظ، هذا الإغفال ليس استثناءً لأن السماح للقوى الأجنبية بالتدخل في أمريكا دون عواقب وخيمة هو الوضع الطبيعي الخطير الجديد”.
وأشارت إلى أنه “عندما تكتشف حكومة الولايات المتحدة عملية تأثير غير مشروعة، يتم القبض على العملاء في الولايات المتحدة ومحاسبتهم بشكل مناسب، لكن مهندسي هذه العمليات غير المشروعة يواجهون عواقب ضئيلة، إن وجدت، على أفعالهم”.
وأضافت “باختصار، نحن نعاقب البيادق ونترك سادة الشطرنج دون رادع”.
وأوضحت أن “الإمارات، على سبيل المثال، ضُبطت مرارًا وتكرارًا وهي تدير عمليات نفوذ غير مشروعة في الولايات المتحدة في الصيف الماضي، ووجه مكتب التحقيقات الفيدرالي لائحة اتهام إلى توم باراك والمتآمرين معه بارتكاب “جهود غير قانونية لتعزيز مصالح الإمارات في الولايات المتحدة بتوجيه من كبار المسؤولين الإماراتيين”.
وفي عام 2019، اتهمت وزارة العدل آندي خواجة وسبعة آخرين بتحويل أكثر من 5 ملايين دولار من المساهمات غير المشروعة في الحملة الانتخابية الأمريكية بناءً على طلب من المسؤولين الإماراتيين، بمن في ذلك ولي عهد الإمارات محمد بن زايد.
وكانت الإمارات أيضًا وراء حملة سرية بقيمة 2.5 مليون دولار في عام 2017 يديرها جورج نادر وإليوت برويدي لإقناع أعضاء الكونجرس باتخاذ موقف صارم ضد قطر.
وفي كل هذه الحالات، تمت محاسبة البيادق- مثل باراك وخواجة ونادر- لكن كبار المسؤولين الإماراتيين- مثل محمد بن زايد- لم يُعاقبوا على تدبير هذه الهجمات على الديمقراطية الأمريكية، وفق المجلة الأمريكية.
وينطبق الشيء نفسه على تدخل السعودية في أمريكا، ففي عام 2019، اتُهم موظفان سابقان في تويتر بالتجسس على مستخدمي تويتر الذين ينتقدون المملكة.
وتم اتهام السفارة السعودية بإدارة حلقة من “الوكلاء” الذين يساعدون المواطنين السعوديين على الفرار من الولايات المتحدة عندما يتهمون بارتكاب جرائم، بما في ذلك الاغتصاب والقتل والمواد الإباحية عن الأطفال.
وعلى الرغم من الغضب العالمي من القتل البشع للمعارض السعودي جمال خاشقجي، إلا أن الأمر استغرق أكثر من عامين حتى تعاقب الولايات المتحدة أي شخص متورط.
وحتى هذا الحين، توقفت عقوبات “حظر خاشقجي” المزعومة التي فرضتها إدارة بايدن في أوائل عام 2021 عند معاقبة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي حدد مجتمع المخابرات أنه المسؤول النهائي عن الإذن بالقتل.
وتمامًا كما هو الحال مع مصر والإمارات، تمت معاقبة البيادق في مغامرات السعودية بينما لم يواجه سادة الشطرنج الذين يقفون وراءهم أي عواقب، وهم أحرار في البقاء على الطاولة ومواصلة اللعب نحو نفس اللعبة الخطرة.
ووفق المجلة الأمريكية، فإن هذا النهج غير المكتمل لمعاقبة الأفعال الاستبدادية خلق بيئة يتم فيها تشجيع الجهات الأجنبية “الخبيثة” على التدخل في أمريكا، ويمكن استبدال البيادق في هذه الأنشطة غير القانونية بسهولة.
وقالت: “عندما يتم إخراج بيير جرجس أو جورج نادر من اللعبة، يمكن لمصر والإمارات بسهولة البحث عن الانتهازي التالي المستعد للقيام بعملهم القذر”.
ورأت المجلة أن “نهج إدارة بايدن تحسن عما كان سابقًا في عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي دعا علنا الجهات الفاعلة الخبيثة مثل الصين وروسيا للتدخل في السياسة الأمريكية”.
ومع ذلك، أكدت المجلة أن “فشل الرئيس بايدن في معاقبة جميع المسؤولين الحكوميين الذين يديرون هذه العمليات، يضمن أننا سنستمر في رؤية المزيد من هذه المحاولات للتأثير سرًا على العملية السياسية الأمريكية”.
وأضافت “مضى وقت طويل كي تأخذ حكومتنا هذه الهجمات على مؤسساتنا الديمقراطية على محمل الجد، وأنشأت مثبطات حقيقية- بما في ذلك مصادرة الأصول وغيرها من الإجراءات العقابية- لثني الجهات الأجنبية الخبيثة عن البدء في عمليات التأثير غير المشروع في الولايات المتحدة، لكن ليس الجهات الأجنبية الخبيثة التي توجههم، وهو ما سيؤدي إلى استمرار الهجمات على الديمقراطية في أمريكا”.