كتب: حازم عياد
لم يتأخر الرد الأمريكي العملي على هجمات أبو ظبي؛ فبعد يومين من الهجوم الواسع الذي شنه الحوثيون بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على منشآت إماراتية حيوية؛ أعلنت الخارجية الأمريكية إيفاد تيم ليندركينغ المبعوث الأمريكي الخاص لليمن إلى العواصم الخليجية ولندن لتنشيط جهود السلام بالتنسيق مع الأمم المتحدة وكبار المسؤولين الحكوميين الإقليميين والشركاء الدوليين الآخرين بحسب بيان الخارجية الصادر يوم أمس الأربعاء 19 كانون الثاني (يناير) الحالي.
كبح جماح (إسرائيل) واحتواء أبو ظبي
بيان الخارجية الأمريكية جاء لكبح جماح الحلفاء والشركاء الإقليميين في المنطقة بعد أن أكد على أهمية المسار السياسي؛ فالبيان جاء بعد ساعات قليلة من اتصال رئيس الكيان الإسرائيلي إسحق هرتسوغ بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد؛ وبعد رسالة مثيرة للجدل من رئيس الوزراء نفتالي بينت لولي عهد أبوظبي أبدى فيها استعداد الكيان لتقديم الدعم الأمني والاستخباري للإمارات.
أمريكا لم تكتفِ بكبح جماح (إسرائيل)؛ بل وعمدت إلى احتواء ردور الفعل الإماراتية والسعودية من خلال تسلح، فالمبعوث الأمريكي ليندركينغ بالتقرير الذي قدمه القائم بأعمال الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ لمجلس الأمن الدولي الأسبوع الماضي؛ أشار إلى أن ثمة 16 مليون شخص في اليمن بحاجة ماسة إلى مساعدات يبلغ مجموعها حوالى 3,9 مليار دولار.
الخارجية الأمريكية لم تكتفِ في بيانها الصادر يوم الأربعاء بالإعلان عن زيارة ليندركينغ بل ذهبت أبعد من ذلك بدعوة عواصم الإقليم لتقديم المساعدات الإنسانية فقالت في بيانها “من الضروري أن تقدم الجهات المانحة، ولا سيما الجهات المانحة الإقليمية، تمويلا إضافيا وأن تتخذ كافة أطراف النزاع خطوات لتحسين الوصول إلى المساعدات الإنسانية ومعالجة أزمة الوقود في اليمن”؛ فما يشغل الولايات المتحدة الأمريكية توفير الدعم والمساعدات لليمنيين لا الرد العسكري على هجوم الحوثيين.
سراب الرد الأمريكي
بيان الخارجية الأمريكي لم يكتفِ بكبح جماح قادة (اسرائيل) وردود فعل أبو ظبي بل بدد أيضا سراب الرد الأمريكي الحاسم وبيانات الإدانة الشديدية التي جاءت على لسان وزير الدفاع (لويد أوستن الثالث) قال فيها إن “وزارة الدفاع تنضم لتدين بشديد العبارة الهجوم الإرهابي الذي استهدف أبو ظبي البارحة وتسبب بمقتل ثلاثة مدنيين أبرياء واستهدف بنية تحتية مدنية” .
ورغم أن أوستن أكد أنه ووزارته “ملتزمون بأمن دولة الإمارات وقدرتها على الدفاع عن نفسها” بقوله: “نقف متحدين مع شركائنا الإماراتيين في الدفاع ضد كافة التهديدات التي تتعرض لها أراضيهم”؛ إلا أن الدفاعات الجوية الأمريكية في (قاعدة الظفرة) الأمريكية في الإمارات و(قاعدة العديد) في قطر التي رصدت المقذوفات الحوثية لم تعمل على التصدي لها أو إسقاطها.
رد الفعل الأمريكي على الهجمات الصاروخية على أبو ظبي كان معدوم الأثر أمنيا وسياسيا؛ فالناطق باسم البنتاغون جون كيربي سبق الخارجية الأمريكية في التقليل من شأن رد الفعل الأمريكي بالقول: إن بلاده لم تتلقى أي طلب للمساعدة من أوظبي.
ختاما..
الرد الأمريكي على هجوم الحوثيين لم يتأخر طويلا ولم يختلف عن الردود التي سبقته على هجمات مماثلة إذ جاء تراكميا هذه المرة ولكنه أكثر وضوحا وكثافة من حيث الأثر؛ إذ إنه لم يزلزل الحوثيين ولم يزلزل طهران وحلفاءها في الإقليم بل جاء مخيبا للآمال ومزلزلا لعواصم الإقليم العربية بما فيها أبو ظبي والرياض التي طالبتها الخارجية الأمريكية في بيانها يوم أمس الأربعاء بتقديم ما يقارب الـ 4 مليارات دولار كمساعدات إنسانية لليمن؛ رد لن تفلح إسرائيل في تعديل مساره رغم اتصال هرتسوغ وبينت بولي عهد أبو ظبي؛ اتصال كبح جموح بيان الخارجية الأمريكية وجولة ليندركينغ المعلنة.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”