كتبت: ابتســــام آل سعــــــد
حينما بدأت حملة اليوتيوبر الكويتي حسن سليمان المشهور باسم (أبو فلة) العائد إلى قناته في اليوتيوب، التي تضم أكثر من 20 مليون متابع تحت مسمى (لنجعل شتاءهم أدفأ) لجمع مبلغ عشرة ملايين دولار لتدفئة اللاجئين من الذين يمكن أن يصل عددهم إلى 100 ألف عائلة أي أكثر من 300 ألف شخص من أصحاب الخيام المتهلهلة التي يأكلها الصقيع فلا يبقى منها غير اسمها، بينما الحقيقة أن هؤلاء إنما يلتحفون الثلج المنهمر عليهم بغزارة ويفترشون الأرض التي تكون أشبه بالجليد وتلف أجسادهم الضعيفة ملابس بالية لا تكاد تستر حتى تدفئهم، قلت إنه سوف ينجح بمشيئة الله ولن يكون حبس نفسه في غرفة زجاجية مغلقة بجانب برج خليفة في مدينة (دبي) لمدة 12 يوماً في بث حي لم يتوقف منذ الثانية التي انطلق فيها وحتى انتهائه، وقد اكتملت الحملة بـ 11 مليون دولار تدافع العالم العربي من شعوب وشخصيات بارزة معلنة وأخرى غير معلنة لاكتمال سلسلة المبلغ الذي قال (أبو فلة) إنه سيذهب للاجئين العالقين على حدود سوريا ولبنان والعراق وتركيا وغيرهم من المحتاجين الذين لا بيوت لهم تؤويهم من حرارة الصيف ولا صقيع الشتاء باعتبار أن هذا الناشط كان قد قام بحملة سبقت حملته هذه والتي نقلته لتاريخ جينيس للأرقام القياسية كأطول فترة بث حي لم يتوقف لمدة 12 يوماً متواصلة، حقق فيها رقماً قياسياً في عدد المتابعين للبث ليحصل أبو فلة بعدها على شهادة من جينيس توثق مجهوده الإنساني الكبير الذي جاء على وقع احتفاله بجمع أكثر من 20 مليون متابع لقناته الحية على اليوتيوب، معلقاً على ذلك بأن هؤلاء المتابعين يستحقون أن نحتفل معهم بحملة جديدة تدافع مشاهير العرب والشعوب وكثير من الشخصيات والرموز للمساهمة فيها وإنجاحها بالصورة التي ظهرت عليه ورآها العالم بأسره.
ولكن – ويعلم الجميع سر حرف الاستدراك هذا – لم كان هذا الإعلان الغريب من مفوضية اللاجئين الدولية التي قيل إن حملة (أبو فلة) قامت بالتعاون معها في أن نصف إيرادات الحملة سوف تذهب لجهود موظفي المفوضية بينما سوف يعلن عن الكيفية التي سوف تتم الاستفادة من باقي التبرعات؟!، وهنا أضع كما وضع غيري آلافاً من علامات الاستفهام حول الآلية التي أُديرت بها الحملة التي بدأت بهدف محدد واسم لامع يشجع الفقير قبل الغني على التبرع بما تجود به نفسه وهو (دفئ عوائلهم ولنجعل شتاءهم أكثر دفئا) لكنها انتهت إلى فروع في كيفية توزيع التبرعات التي سوف يذهب نصفها كما جاء على حساب مفوضية اللاجئين الرسمي والموثق في تويتر لحساب جهود موظفيها، بينما لم يعلن عن مصير النصف الآخر منها وكأن هذا العالم لا سيما البقعة العربية منه كان مسؤولا عن دفع رواتب موظفي المفوضية.
لكن الأغرب أنه لم يخرج تصريح واضح من (أبو فلة) حول هذا اللغط الذي دار ولا يزال يدور منذ أن غردت المفوضية بهذه الجزئية، وكأن الحملة قد انتهت إلى غير ما بدأت به، وهو أمر يثير تساؤلات يجب أن تجد إجابات مقنعة، لأننا اعتدنا للأسف على حملات خيرية كثيرة مشابهة في دولنا العربية سواء لفلسطين أو سوريا أو اليمن وكل أرض عربية أو إسلامية منكوبة ولا نجد ولو شيئاً واحداً ملموساً في حال هؤلاء المحتاجين أو تغير الحال إلى حال أفضل ولو قليلاً، ولذا لا نريد أن نردد (المال العربي وين)، وكأننا نبدأ التبرعات بالإحسان وننهيها بالامتهان للأهداف التي قامت عليها، فإن تكون حملة لهدف واحد منذ البداية يجب أن تظل محافظة على هذا الهدف الأوحد للنهاية وتبقى نية الشخص المتبرع الأنقى والأوضح في كل هذا.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”