شدوى الصلاح
هل يجوز للإمارات أن توفر حماية، وتصبح ملاذاً لبعض الآبقين من سعوديي الإمارات وتوظفهم؛ ليشتموا علماء المملكة ورموزها بلغة شوارع بذيئة؟ .. سؤال طرحه الأكاديمي والإعلامي السعودي الدكتور محمد الحضيف (59 سنة) على حسابه بتويتر، وكان ثمنه الاعتقال في 19 مارس/آذار 2016 في مطار الرياض عقب عودته من تركيا.
وحكمت عليه المحكمة الجزائية المختصة في مايو/آيار 2018، بالسجن 5 سنوات والمنع من السفر مدة مماثلة بتهمة “التعدي على دولة صديقة”، ولمزيد من التنكيل به واسترضاء الإمارات، أصدرت المحكمة ذاتها بعد ثلاث سنوات من الحكم الأول حكما جديدا في مايو/آيار 2021، يقضي بزيادة مدة سجنة من 5 إلى 9 سنوات؛ ثم غلظته أمس الأول إلى 13 سنة.
المكانة العلمية
محمد الحضيف كاتب سعودي ووالد الكاتبة والقاصة هديل الحضيف، عرف بنشاطه وكتاباته الإصلاحية، حصل على المركز الأول على مستوى المملكة في الثانوية العامة، والتحق بجامعة الملك سعود قسم الإعلام تخصص صحافة وحصل على شهادة البكالوريوس منها مع مرتبة الشرف عام 1983.
ونال درجة الماجستير في نظريات الإعلام وتخصص في نظريات الإقناع والصورة النمطية من جامعة كانساس في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1988، وحصل على شهادة الدكتوراه في الصحافة والعلاقات العامة من جامعة ويلز في بريطانيا عام 1992، وأسس في 1993 لجنة للدفاع عن حقوق الإنسان أسماها لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية.
أعد الحضيف، وقدم عددًا من البرامج في كل من قناة المجد، وقناة دليل، كما شارك في عدد من البرامج الحوارية في عدد من القنوات مثل: قناة الرسالة، العربية، القناة السعودية الأولى، والقناة السعودية الثانية، وكاتب قصة قصيرة، صدرت له ثلاث مجموعات قصصية.
كان معيداً في قسم الإعلام كلية الآداب في جامعة الملك سعود، ومديرًا للتسويق والعلاقات العامة في شركة “KPMG”، للمحاسبة في الفترة من 1998 إلى 1999، وشغل منصب المدير التنفيذي لشركة البراء للخدمات الإعلامية من 1999 إلى 2001، ومستشار في مكتب القاسم للمحاسبة والاستشارات والدراسات، من 2001 إلى 2003.
مناهضة الإمارات
الحضيف كشف دور الإمارات وحقيقة تغلغلها في القرارات السيادية بالمملكة، وفضح الدور الخبيث الذي تلعبه في المنطقة، ومن أبرز مواقفه المناهضة لسياساتها، قوله إنها تقدم إسلاما جديدا من إنتاج أمريكا، في استنكار لحديث سفير الإمارات لدي واشنطن، صرح خلاله عن دعم قادة بلاده لـ”تطوير وتحديث الإسلام”.
وفضح الحضيف الحملة التي أطلقها الداعية الحاصل على الجنسية الإماراتية وسيم يوسف، في أعقاب حملة اعتقالات سبتمبر/أيلول 2017 التي شنها بن سلمان عقب ثلاثة أشهر من وصوله إلى ولاية العهد، تحت وسم “مسابقة وسيم يوسف لكشف المحرضين”، للتحريض على دعاة المملكة وعلمائها ووصمهم بالإرهاب وأنهم منبع الفكر المتشدد.
وهاجم الحضيف اليوسف قائلا إن الإمارات تمول مسابقات لإثارة الفتنة والتحريض والوقيعة داخل المجتمع السعودي، من خلال عنصر الأمن وسيم يوسف!؛ كما قال إبان ضبط كميات كبيرة من المخدرات والحشيش في باخرة إيرانية بأبو ظبي في 2016، إن الإمارات أصبحت منفذا لكل الشرور الإيرانية في المنطقة.
وكشف عن محاولة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، شراء صوته المعارض لسياسات الإمارات بالمنطقة العربية؛ وانتقد استضافة السلطات الإماراتية نجل الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، ودعمها الجنرال الانقلابي الليبي خليفة حفتر وحملها مسؤولية الاحتراب الداخلي في ليبيا.
دور الإمارات
ويعد اعتقال الحضيف، من أبرز الدلالات الكاشفة لضلوع الإمارات في حملات الاعتقال التي شنها ولي العهد منذ وصوله للسلطة.
وكان موقع “24” الإماراتي، المقرب من دوائر صنع القرار في أبو ظبي، أكد أن الحضيف اعتقل في آذار/ مارس 2016، بعد انتقاداته المتكررة للإمارات، في إشارة إلى أن الاعتقال يأتي بناء على شكوى مقدمة من حكومة أبو ظبي؛ وسبق الاعتقال تهديد ووعيد من شخصيات مقربة من دوائر صنع القرار في الإمارات بملاحقة الحضيف.
هدده نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي الفريق ضاحي خلفان، في يوليو/تموز 2015، بأنه سيلاحقه أينما حل وفي أي مكان كان، قائلا “سأقدم الحضيف للمحاكم الإماراتية وسنلاحقه بكل وسيلة سواء أكان عبر الانتربول أم من خلال اتفاقيات التعاون الثنائية مع الدول، وسيتم الوصول إليه بأي وسيلة وسيجد نفسه ملاحقاً ومراقباُ في كل مطار يصل إليه”.
وعقب شهر من اعتقاله وتحديدا في أبريل/نيسان 2016، فعل ناشطون على تويتر، وسم #أين_الحضيف، تسائلوا خلاله عن أسباب اعتقاله عقب عودته إلى المملكة السعودية بمطار الرياض قادما من تركيا، متهمين السلطات السعودية بإسكاته إرضاء لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد ومستشاريه.
تنكيل السلطة
في مارس/آذار 2014 أوقفت السلطات السعودية حساب الحضيف على تويتر ومنعته من الكتابة على موقع التواصل الاجتماعي بسبب دعمه للثورات العربية وانتقاده للسياسة الداخلية والخارجية للسلطات في المملكة ورفضه تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، فصل من عمله في جامعة الملك سعود.
وبعد اعتقاله، احتجز عدة شهور مع السارقين ومروجي المخدرات بين سجن الملز الجنائي وإصلاحية الحائر، ووضع في العزل الانفرادي داخل السجن، وتعرض للتعذيب النفسي والإهانة المستمرة، ومُورست ضده إجراءات تعسفية منها حرمانه من الاتصال مع العالم الخارجي ومع ذويه أو محامين، وتعرض للإهمال الطبي مما أدى لتدهور حالته داخل محبسه.
مطالبات بإنقاذه
ورفضاً لتغليظ عقوبة سجنه إلى 13 سنة، وللمطالبة بإطلاق سراحه دون قيد أو شرط، أطلق ناشطون وكتاب وأكاديميون على تويتر، حملة #انقذوا_محمد_الحضيف، استنكروا خلالها انتهاج السلطة السعودية للأساليب التعسفية التي تمارسها بحق معتقلي الرأي، وتنكيلها بهم، وإهانتها للقامات العلمية، وتحكمها بالقضاء.
عضوة حزب التجمع الوطني السعودي المعارض لينا الهذلول، وشقيقها وليد الهذلول، نشرا الوسم على حساباتهم الشخصية، في مطالبة بإنقاذ الحضيف.
وقال الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، إن الحضيف وغيره من العلماء والمثقفين دفعوا فاتورة الدفاع عن الوطن والمواطن، مشيرا إلى أن بن سلمان لا يسرّه أن يقف أحد في وجه مشاريعه التدميرية واعتقلهم وغيّبهم وأوّغل في ظلمهم.
وبدروه، استنكر القائمين على حساب معتقلي الرأي المعني بالتعريف بالمعتقلين داخل المملكة، تغليظ الحكم الصادر بحق الحضيف.
وأشعر استاذ الإعلام السياسي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، بقصيدة وجهها للحضيف، مشيرا إلى أنه رأه فيما يرى النائم قبل أيام، وكان مستلقياً على ظهره، وعلى وجهه مسحة حزن، وكان المشهد كله اتصالاً غير لفظي حيث لم يتبادلان الحديث.
عضو مجلس إدارة منظمة سند الحقوقية الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، انتقد تحكم الحاكم في القضاء ومحاربته للأبرياء، واصفا المملكة بالسجن الكبير.
الأكاديمية السعودية الدكتورة حنان العتيبي، نشرت صورة مدون عليها “الحرية للحر محمد الحضيف”، لافتة إلى أنه اعتقل 6 سنوات منهم عامين بلا محاكمة.
وطالبت الناشطة الحقوقية الدكتورة حصة الماضية، بإنقاذ الحضيف الذي اعتقل لكلمة حق وحكم 4 من السنين العجاف ثم أضيف لها 5 عجاف.
وأكد أحد المغردين أن الحضيف يستحق التكريم وأن يكون بمكانة تليق بفكره وجهده وعلمه، معربا عن أسفه على أن الدولة البوليسية والقبضة الحديدية أخذت الأحرار للسجون حتى تمكن الساقطون من الساحة.