واشنطن بوست (ترجمة الرأي الآخر)
منذ نحو سبع سنوات شن التحالف السعودي الإماراتي حربه في اليمن، وأدى التأثير المدمر للضربات الجوية والحصار المفروض على حدود البلاد البرية والجوية والبحرية إلى تحويلها إلى حالة من الفوضى.
وعدت إدارة بايدن بسحب دعمها للحرب والدفع باتجاه اتفاق سلام، لكن سياساتها أدت إلى تأجيج القتال، الذي امتد الآن بشكل خطير إلى ما وراء حدود اليمن، من عمق السعودية إلى الإمارات أيضًا، مما زاد من عدم الاستقرار للمنطقة بأكملها.
وبالنسبة لليمنيين، من الواضح أن الدعم العسكري والسياسي الذي تقدمه الولايات المتحدة لعملائها الأثرياء، السعودية والإمارات، لم يساعد فقط بل شجع الحرب المستمرة، التي أودت بحياة ما يقرب من 400 ألف يمني.
وطلبت إدارة بايدن العام الماضي الموافقة على 23 مليار دولار من مبيعات الأسلحة الجديدة للإمارات، بحجة انسحابها من حرب اليمن، و650 مليون دولار من الأسلحة إلى السعودية، بدعوى أنها ستكون مجرد أسلحة “دفاعية”.
كم عدد الصور المؤلمة للمستشفيات الممتلئة بالأطفال الجائعين والتي يجب أن يتم تداولها عبر الإنترنت؟ كم عدد الحافلات المدرسية المليئة بالأطفال التي يجب أن تدمرها الغارات الجوية السعودية؟ كم عدد المهاجرين الصوماليين الذين يجب أن تقتلهم طائرات الهليكوبتر؟
أصبحت المخاوف بشأن معاناة اليمنيين مبتذلة، ففي الوقت الحاضر، حتى أكثر الهجمات المروعة، مثل الغارة الجوية السعودية على مركز احتجاز في مدينة صعدة الشمالية في 21 يناير / كانون الثاني، والتي أسفرت عن مقتل 91 شخصًا وإصابة العشرات، بالكاد تسجل في التغطية الإعلامية الأمريكية، على الرغم من الأدلة الوفيرة التي تظهر الأسلحة الأمريكية المستخدمة في الهجوم.
وقال إسماعيل الورفي، الطبيب الذي يعمل مديراً لمستشفى الجمهورية في صعدة، “انتشر الجرحى على الأرض عبر ممرات المستشفى واختلطوا بالجثث التي تم إحضارها، وكان العديد ممن احترقت عيونهم بالكامل يصرخون، غير مدركين لمكان وجودهم وما حدث بالفعل”.
وجاء الهجوم الجوي ردا على هجوم 17 يناير/ كانون الثاني على مستودع وقود في مطار أبو ظبي أسفر عن مقتل ثلاثة.
وحظي هذا الهجوم باهتمام أكبر بكثير من الذعر ورافقه إدانات من وزارة الخارجية، التي وصفت الهجوم بأنه “إرهابي”.
ولم يقدم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين كلمة تعزية حتى لضحايا الهجوم الإرهابي السعودي الإماراتي الأكثر فتكًا والأكثر خطورة، ناهيك عن القلق بشأن مساهمة الولايات المتحدة في المذبحة.
وبدلاً من الضغط من أجل السلام، عادت الولايات المتحدة الآن إلى حرب اليمن بشكل جدي، وتدخلت القوات الأمريكية في الإمارات، الاثنين، لاعتراض صاروخين باليستيين قادمين فوق أبوظبي بمساعدة القوات الإماراتية.
الولايات المتحدة مرة أخرى طرف مباشر في الصراع، والجنود الأمريكيون في السعودية والإمارات سيكونون الآن أهدافًا للهجوم.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن إدارة بايدن هددت بإعادة فرض العقوبات على اليمن من خلال تصنيف الحوثيين- وهم الحكومة الوحيدة في جزء كبير من البلاد- جماعة إرهابية.
ويأتي ذلك بعد عام واحد تقريبًا من إلغاء الإدارة الأمريكية إعلان الرئيس دونالد ترامب في اللحظة الأخيرة، مشيرةً إلى مخاوفها من تفاقم الكارثة الإنسانية، بما في ذلك المجاعة، لأنها كانت تعلم أن مثل هذه العقوبات ستؤدي إلى نشوئها.
كما يقول المثل الآن في العاصمة اليمنية، صنعاء: “على الأقل كان ترامب عدوًا صادقًا”.
وما كان ينبغي أن تكون هجمات الحوثيين على الإمارات مفاجئة؛ وكان الحوثيون حذروا من أنهم سيردون على العدوان الإماراتي المتجدد.
السؤال الحقيقي هو لماذا استأنفت الإمارات قتالها بقوة، بعد أن أعلنت ضجة كبيرة في عام 2019 أنها كانت تسحب قواتها وتغادر التحالف، مع الحفاظ على سيطرتها على جنوب اليمن، بما في ذلك القواعد العسكرية على جزيرتين يمنيتين، سقطرى وميون؟.
كان هناك أمل وجيز في أن تدرك السعودية أيضًا أنها خسرت الحرب ضد الحوثيين وتقبل اتفاق سلام.
ومن الصعب عدم رؤية التصعيد على أنه نتيجة لاستعراض إدارة بايدن المتجدد للدعم السياسي والعسكري للسعودية والإمارات.
وإذا كانت العقول الأكثر عقلانية سائدة في إدراك مخاطر تصعيد هذه الحرب، من انهيار سوق الأسهم في دبي، إلى عرقلة اتفاق نووي جديد مع إيران، وبالطبع- الأكثر مأساوية- إلى كارثة أكبر على الشعب اليمني، فما زال هناك ما يتعين القيام به.
في أفضل النتائج، ستدرك جميع أطراف هذه الحرب أن حماية مصالحها الحيوية تكمن في إنهاء القتال ورفع الحصار، وفي حين أن السلام والديمقراطية والعدالة لليمنيين قد تكون بعيدة في الأفق، فإن ذلك يعتمد أولًا على إنهاء الحرب الملتهبة مع السعودية والإمارات.