شدوى الصلاح
استنكر خبراء مشاركة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ورئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي، في أولمبياد بكين الشتوية المقامة خلال الفترة من 4 إلى 20 فبراير/شباط 2022، وعّدوها بمثابة ضوء أخضر وموافقة على سياسات الحكومة الصينية وانتهاكاتها بحق مسلمي الإويغور وتنكيلها بهم، وخذلان للإسلام والمسلمين.
وأشاروا خلال حديثهم مع “الرأي الآخر” إلى أن مشاركة بن سلمان محاولة منه للخروج من عزلته السياسية واسترضاء الحلفاء الجدد في أعقاب فشله في التقرب من الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، الذي يرفض لقاءه أو محادثته في مكالمة هاتفية منذ وصوله للبيت الأبيض مطلع العام الماضي، رغم كل المحاولات الدبلوماسية التي تكشفت لاحقا وبائت بالفشل.
ورصد الخبراء معاناة مسلمي الإويغور على يد حكومة الصين الشيوعية التي تنتهك حقوق المسلمين وتعتقلهم وتعذبهم وتجبرهم على تغيير هويتهم الدينية وتسيئ للإسلام، منددين بتشجيع السعودية ومصر للصين على التمادي في سياستها الوحشية بحقهم بعدما تم تلميعها دولياً بمشاركة دول عربية وإسلامية في فعالياتها وتأييدها في المحافل الدولية.
الأكاديمية السعودية الدكتورة حنان العتيبي، قالت: “بن سلمان تعود على تصرفات ترضي أقطاب اقتصادية وسياسية للوصول إلى أهدافه وتحكيم عرشه ولا يفرق معه أن يقف على دماء مسلمي الأويغور أو على حلوق أطفال اليمن أو التطبيع وغيره”، مشيرة إلى أن السلطة السعودية احتلت بلاد الحرمين بكلمة التوحيد على العلم.
ورأت أن السلطة تستغل مشاعر الشعب ومعتقداته وتتجه لإفساد البلاد ومحاربة الإسلام، منذ وصول بن سلمان لولاية العهد، والذي يعد الرصاصة الأخيرة في إفساد البلاد ومحاربة الدين لكنه سيذهب هدرا لا محالة، مؤكدة أن بن سلمان لم يجرب ظروف معقده مثل ما يعيشه الآن لذلك هو متوتر على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأوضحت العتيبي، أن بن سلمان لم يفق من صدمة هزيمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، حتى الآن، لأنه خسر معه جميع أوراقه، ولذلك حاول الخروج من عزلته بالتقرب إلى روسيا والتراجع عن موقفه ضد حليفتها إيران، والآن يتقرب إلى الصين بالمشاركة بالأولمبياد لطمأنة روسيا، وذلك في ظل مساعيه لإحياء علاقاته مع أمريكا ورئيسها جو بايدن.
فيما استنكر الباحث في حقوق الإنسان والعلاقات العربية الصينية محمد أمين الأويغوري، انعدام قضية الأويغور بالنسبة للدول العربية، خاصة مصر والدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، في حين تتفاقم الأزمات الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية من قبل الصين وتزداد معاناة مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية.
وأوضح أن الصين اتخذت من هذه الدول مليشيات مجندة وترسانة لها أمام الضغوطات السياسية الدولية، وكأنها بضائع رخيصة اشترتها الصين مقابل مشروعها التجاري معها، كما استطاعت الصين “صيننة ضمائر” قادة هذه الدول، قبل إتمامها تصيين الإسلام في تركستان الشرقية.
وأشار أمين، إلى أن الكثير من الدول الغربية أعلنت مقاطعة أولمبياد بكين دبلوماسيا، بسبب الجرائم التي ترتكبها الصين ضد الإنسانية؛ فيما أعلنت دول عربية، كالسعودية ومصر مشاركتهما فيها، بل وتأييدهما ودعمهما للصين، وأكدتا موالاتهما لها في سياساتها التي تتخذها نحو مسلمي تركستان الشرقية.
وأضاف: “لن أتكلم عن حكم شرعي لمشاركة الدول الإسلامية في هذه الأولمبياد التي تغطى بها الصين جرائمها، بل أناشد الرياضيين العرب والمسلمين أن يركزوا فيما وراءها من استغلال أدوارهم لشرعنة جرائمها الوحشية بحق المسلمين الأويغور، ولتجميل صورتها القمعية”، مصنفا توافق مواقف الدول العربية بهذه الدرجة مع الصين “خسة وعار”.
واستنكر أمين، صمت العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الصين بحق مسلمي الأويغور، والجرائم والتي تستهدف من خلالها الإسلام والمسلمين في المنطقة، مشيرا إلى أن معسكرات الاعتقال والسجون الصينية بها ثلاثة ملايين مسلم بلا محاكمات عدلية بحسب ما تؤكده التقارير الدولية.
وأضاف: “يتم إلقاء التركستانييين في هذه المعسكرات والسجون وإعدامهم والحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، ووضعهم في معسكرات حيث يخرجون منها أموات، ثم تأتي معسكرات الأطفال الأويغور، التي تجمع أكثر من 800 ألف طفل أويغوري محتجزون فيها، يتلقون التعاليم الكونفشية والشيوعية ومدائح لكبار الحزب الشيوعي”.
وأوضح أمين، أن انتهاكات حقوق النساء الأويغوريات هي الأسوأ في العالم؛ حيث يجبرن على عملية “نزع الرحم” والتعقيم القسري داخل المخيمات وخارجها، مشيرا إلى هدم السلطة الصينية للمساجد في الإقليم؛ إذ أثبتت التقارير أنه تم هدم 16 ألف مسجد وجامع من إجمالي 24 ألف مسجد وجامع، أو تحويلها إلى ملهى ومراكز ثقافة للتعاليم الشيوعية.
وأكد أن الدول العربية على علم تام بهذه الأزمة الإنسانية وقبلها الإسلامية، لكنها أصرت مواصلة السكوت على تلك الجرائم المناهضة للإنسانية والإبادة الجماعية في مجاملةً ذليلة مقابل المصالح التي تعرضها الصين، متسائلا: “إلى متى تصمت السعودية التي تزعم نفسها قيادية العالم الإسلامي ومصر التي تدعي أنها أم الدنيا على تلك الأزمات الإنسانية والإسلامية؟”.
ومن جانبه، قال وكيل اتحاد علماء تركستان الشرقية الشيخ محمود محمد، إن مشاركة رؤساء دول عربية وخليجية في افتتاح أولمبياد بكين هذا العام يعد موقف متخاذل يعطي للصين مبرر وحجة قوية للاستمرار في سياستها العدوانية ضد الإسلام والمسلمين في تركستان الشرقية.
وأضاف محمد: “كنا كتركستانييين نتمنى أن تحذو هذه الدول حذو الدول الغربية التي قاطعت أولمبياد هذا العام دبلوماسيا وسياسيا حتى تشكل ضغط على الصين لتصحيح موقفها وسياستها ضد الإسلام والمسلمين والمدن التركستانية، لكن مع الأسف مشاركة هذه الدول تعطي للصين حجة قوية لترد بها إلى الغرب بأنها لا تحارب الإسلام والمسلمين”.
وتابع: “لأن الصين إذا كانت تحارب الإسلام والمسلمين فكان المفروض أن الدول العربية والإسلامية تديد وتستنكر ما تفعله، ولكن مشاركتها في فعاليتها وتأييدها في المحافل الدولية والتصويت لصالحها في المجالس الأممية يعطي للصين حجة قوية لترد بها على منتقديها والزعم أن المسلمين لديها بخير بحجة وقوف الدول الإسلامية والعربية معها”.
واستطرد محمد: “كنا نتمنى من هذه الدول أن تحافظ على ميثاقها ومبادئها في منظمة التعاون الإسلامي المتمثلة في أنها راعية لحقوق الأقليات المسلمة في الدول غير الإسلامية وأنها تحافظ عليهم وأنها راعية للإسلام والمسلمين وغيرها من المبادئ الكثيرة سواء المتعلقة بالمنظمة أو في الدول الإسلامية ذاتها”.
ولفت إلى أن من المبادئ الرئيسية للسعودية أنها دولة الإسلام التي تدعو إلى التوحيد والإسلام وقامت على الشريعة الإسلامية، معربا عن أسفه من أن مشاركتها في فعاليات تنظمها دولة تنتهك أبسط قواعد حقوق الإنسان وتسيئ للإسلام والمسلمين وتمارس أبشع أنواع الجرائم بحقهم وتصر على إخضاعهم للمبادئ الشيوعية، وتهدم المساجد وتحولها إلى حظائر.
وأكد محمد، أن مقاطعة هذه الدول كانت سترفع رصيدها أمام شعوبها أولا وأمام العالم العربي والإسلامي الذي يرفض الظلم الواقع على الشعب التركستاني، قائلا: “كنا نتمنى مقاطعة هذه الدول للصين دبلوماسيا حتى تكون رسالة قوية بأن ممارستها بدأت تغضب حلفاءها، ونتمنى أن تصحح المواقف المتخاذلة وأن تطبق قوانينها وشعائرها ومبادئها”.