قالت منظمة “القسط” لحقوق الإنسان إنه في بداية عام 2021 كان للضغط العالمي الشديد على القيادة السعودية لتحسّن سجلها الحقوقي المزري مفعول في بعض الإصلاحات الشكلية والتنازلات البسيطة، لكن حالما خفّ الضغط واصلت نهجها القمعي المعتاد وتجدّدت وحشيته.
وأوضحت المنظمة، خلال التقرير السنوي الذي نُشر اليوم بعنوان: (بعد أنْ أغلق الستار، اشتدّ القمع.. حقوق الإنسان في السعودية)، أن عام 2021 بدأ بضغطٍ دوليٍّ شديدٍ على السلطات السعودية حول انتهاكاتها لحقوق الإنسان إثر التركيز الذي سلط على المملكة أثناء رئاستها مجموعة العشرين في عام 2020 ورافقته وعودٌ من الإدارة الأمريكية الجديدة بأخذ موقفٍ أكثرَ نقديّةً تجاه الرياض.
وأشار التقرير إلى أن تعهد ولي العهد محمد بن سلمان أثناء هذه المدة بإصلاحات مؤسساتية ضخمة خلال عام 2021، لم تنشر تفاصيله، ناهيك عن تطبيقها.
وقال: “رغم الإفراج عن شخصيات بارزة منها مدافعات عن حقوق الإنسان ومعتقلو الرأي، لم تتركهم السلطات دون قيودٍ، ما يعني أنّ حريتهم منقوصة”.
ورصد تقرير القسط تحولا في سياسة الإعدامات المتعلقة بالمخدرات، وهذا التحول وإن كان صغيرا إلا أنه إيجابي، أما فيما يتعلق بالإصلاحات الأخرى المتعلقة بعقوبة الإعدام، فلا زالت الأمور غير واضحة.
وأضاف “ولكن مع تبدد الأضواء عادت السلطات وصعّدت نهج الانتهاكات القديم، بل وأضافت عليه توجهًا جديدًا لاحظته القسط، بتعريض حياةِ معتقلي الرأي للخطر عمدًا، ما يدل على تصاعد نيّاتها الانتقامية، ما أدى في حالة الإصلاحي موسى القرني إلى جريمة قتله في السجن، حيث نأت السلطات عن التحقيق في القضية”.
وتابع “وقد زاولت السلطات في هذا العام ما عهد عنها سابقًا من مداومة دؤوبة على قمع حريّة الرأي والمعارضة السلمية، بإنزال أحكام مطولة بالسجن على عددٍ من النشطاء والنّقاد”.
وقال المدير التنفيذي لمنظمة القسط نبهان الحنشي: “يمكننا الاستنتاج من مراقبتنا للوضع الحقوقي في السعودية عن كثب أنّ لا بديل عن الضغط الدولي سبيلًا لدفع السلطات السعودية لإحداث تقدّمٍ فعليٍّ نحو تكريس حقوق الإنسان”.
وأضاف “ولهذا نحثّ المجتمع الدوليّ على أنْ يجدد مطالبته الملحة بالإصلاح والاحترام الكامل للحقوق والحريّات الأساسية في السعودية وأنْ يداوم على ذلك”.
وأكدت الاستنتاجات المحورية لتقرير القسط السنوي لعام 2021 أنه “لم يتمخض عن وعود فبراير 2021 بإصلاح المؤسسات القضائية أي خطواتٍ فعلية”.
وأوضحت الاستنتاجات أنه “ومع اختتام السلطات معركتها على الشخصيات البارزة باعتقال أعداد كبيرة منهم، واصلت حربها على حريّة الرأي وتكميم الأفواه بالاعتقال التعسفي للنشطاء والمدونين صغار السن وغير المعروفين، إلى جانب أهالي المعتقلين”.
ورغم الإفراج المشروط عن عشرات معتقلي الرأي في 2021 إلا أن السلطات لم تتركهم دون قيود، ففرضت عليهم منع السفر والعمل والمشاركة على شبكات التواصل الاجتماعي تعسّفًا، من بين قيود أخرى.
واستنتج التقرير تصعيدًا مقلقًا لحالات الإهمال الطبي والإداري المتعمّد أدّى قصدًا أو استهتارًا إلى وفيّاتٍ في السجن، صاحبه التوظيف الاعتيادي للإخفاء القسري، ما يكشف مجددًا الأوضاع الخطرة التي يقاسيها معتقلو الرأي.
ونفذت السلطات السعودية 67 إعدامًا في 2021، أكثر من ضعف حالات 2020 ولكن دون معدل السنوات الماضية في المملكة، ولأول مرةٍ منذ سنوات لم ينفذ أي حكم إعدام على قضية معنية بالمخدرات حصرًا، وفق التقرير.
كما واصلت السلطات السعودية في 2021 مصادرتها غير المشروعة للأراضي بذريعة التطوير وهجَّرت مئات السكان، منها قضية هدم حيٍّ كاملٍ في جدة.
ورغم مزاعم السلطات بتمكين النساء السعوديات، فقد انتهى هذا العام دون أنْ يلغى نظام الولاية الجائر، وبقيت النساء مخضعاتٍ لتحكم الرجال.
ووضعت السلطات بعض الإصلاحات المحدودة لنظام الكفالة سيء السمعة، وهي إصلاحاتٌ لم تخلو من الثغرات والاستثناءات، إذ لا تمسّ أوضاع الملايين من العمالة المنزلية.
وفي أكتوبر صوّت مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة ضدّ تجديد الآلية الوحيدة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في حرب اليمن، بعد ضغطٍ شديدٍ من السعودية وحلفائها، وواصلت الحكومات الغربية تصدير الأسلحة إلى التحالف.