في أعقاب الكشف عن أزمة سحب السلطات السويدية أطفال اللاجئين السوريين من ذويهم بدعوى عدم أهليتهم لتربيتهم، فند الباحث المستقل مهنا الحبيل، الأزمة ووضع آليات لحلها، مؤكدا أنها قضية خطيرة سواء في السويد أو كندا أو غيرهم، وتختلف في مستوياتها ودقة الأنباء حولها.
وأشار في سلسلة تغريدات دونها على حسابه بتويتر اليوم الإثنين، إلى وجود دلائل على توجهات مركزية تعتمد الأيدلوجية الغربية المنحازة ضد المسلمين وليس فقط أخطاء موظفين، بالإضافة إلى مساحة جهل حقيقية من قبل المجتمع الغربي أو بعض الموظفين لا تنفي وجود سياسات عميقة ممنهجة.
وأعرب الحبيل، عن احترامه آراء المجموعات الدينية المتعددة بما فيها المحافظة التي تؤمن بفتوى شيوخها مغادرة المهجر لتأمين أولادها كحق شخصي لكل أسرة لكن ذلك ليس حلاً لعشرات الملايين من المسلمين، موضحا أن المهم ألا يتحول الموقف إلى ظاهرة تحريض للمسلمين ضد شركاء المجتمع.
وحذر أيضا من أن يتحول ذلك إلى مواجهة الدولة بعنف سواء بالتعبير أو استدعاء خطاب متطرف لن يعالج الأزمة بل العكس سيخلق مدخلاً خطيراً للإسلاموفوبيا، لافتا إلى أن من يمكنهم الخروج والعودة إلى بلد مسلم نسبتهم ضئيلة فضلا عن ظروف بلدان المسلمين ذاتها.
وأوضح الحبيل، أن مسارات المعالجة لابد أن تنطلق من فقه الأزمة في أرض الواقع في مساريها الأول “المدافعة السياسية والحقوقية القوية المنضبطة مع مؤسسات الدول الغربية والنشاط مع المجتمع الشريك في حقوق الأسرة والطفولة من غير المسلمين وشرح رؤيتنا القيمية لهم”.
وبين أن المسار الثاني هو التأهيل الفكري للمربيين والوالدين عبر مناهج تؤسس على القيم الإسلامية حتى لو تعددت مصادر الاجتهاد في تحريرها لأن المهم قوة فهمها وإتاحتها للأجيال، بالإضافة إلى فهم القوانين ليس لإقرار مبادئها المخالفة للفطرة ولكن لتجنيب الأسر رياح التفريق والعزل الذي لا يطبق على من كان خطراً على أولاده أو أضر بهم بالفعل.
ولفت الحبيل، إلى أن التفريق والعزل يشمل أبرياء ويضخم أخطاء واردة الوقوع من الوالدين ويكون العقاب عليها نتيجته تدمير لحياة الطفل من خلال مفهوم (عزل الأبارتايد) وهو ذات جوهر الفكرة التي طبقت على السكان الأصليين في أمريكا الشمالية، بتبرير ذلك بتخلف الضحايا.
وحذر من تمكين خطاب الغلو كمرجعية لهذه القضايا خشية من قلب الطاولة على المسلمين في المهجر، مشيرا إلى وجود جهود عديدة سعت لحلول ولا تزال تساهم إيجابياً في أمريكا الشمالية وأوروبا، لكن الحاجة أكبر لدعم الضحايا وتحقيق معادلة توازن بمؤسسات مدنية تواجه بلغة ووسائط قانونية وأخلاقية.
وكشف الحبيل، عن وجود مشروع جاري العمل عليه لتأسيس منصة مدنية مع بعض الأخوات والأخوة ذوي العلاقة والتجربة التاريخية في كندا لفهم مجتمعهم في شقه الأنجلوساكسون والكيبكي الفرنسي تساعد في تفعيل المنبر المدني الحقوقي للدفاع عن المسلمين.
وأعرب عن أمله أن يساهم ذلك في خلق مسار دستوري سياسي حقوقي فاعل يخلق فارقاً لصالح الدفاع المدني الضعيف في خطاب المسلمين، موضحا أن المشروع المقترح يعتمد لغة فاعلة وغير عدائية مع المجتمع ويشمل الأديان المختلفة وكل من يؤمن بحقوق الأسرة والطفولة.
وحث على تجنب استفزاز المجتمع الغربي الذي تقرع فوقه طبول الكراهية للمسلمين ليستثمر ذلك القوى السياسية سواء اليمينية واللبرالية التي تتحد أحياناً في فكرة الخنق الحقوقي لقيم المسلمين باسم التطور.
يشار إلى أن لاجئين سوريين مقيمين في السويد هربا من ظروف الحرب المشتعلة في بلادهم منذ 2011، أطلقوا حملة على تويتر بعنوان #أوقفوا_خطف_أطفالنا تنديدا بسحب السلطات السويدية ممثلة في مكتب الخدمات الاجتماعية “السوسيال” أطفالهم منهم، ومنحهم لعائلات بديلة تختلف عنهم في العقيدة والعادات والتقاليد، بدعوى عدم أهليتهم للتربية.
الناشطون عدوا ما تمارسه السلطات السويدية إتجارا بالبشر، وعنصرية واستهدافا للمسلمين، مشيرين إلى أن الصحف السويدية المحلية كشفت فساد مكتب السوسيال ورصدت حالات اغتصاب متكرر في العائلات البديلة التي تتبنى الأطفال المسحوبين من ذويهم.
وبدورها، استنكرت رابطة علماء المغرب العربي ما يحصل لأطفال اللاجئين المسلمين في السويد، موضحة أنها تأكدت عبر تقصيها من صحة أنباء تعرض الأطفال في السويد لاعتداء سافر من طرف جهاز السوسيال.
وأشارت إلى أن المسلمين اللاجئين بالسويد هربا من الحروب المستعرة في أوطانهم، يواجهون ما هو أشد وقعا في نفوسهم، إذ يختطف أطفالهم ويمنعوا من التواصل معهم، ويسلموا إلى أسر نصرانية تنشئهم تنشئة على غير دينهم وتعمل على طمس هويتهم وتغيير أخلاقهم.
وأكدت الرابطة أن ذلك يخالف الحقوق الإنسانية التي تنص عليها المعاهدات الدولية، معلنة رفضها لهذا الاختطاف الذي يقع في السويد خاصة وفي بلدان أوروبا عامة، لأنه يحدث لأبناء الجالية المسلمة وأبناء اللاجئين المستضعفين، دون مبررات كافية أو أحكام قضائية.