منذ سنوات روّجت الإمارات نفسها كملاذ آمن للأعمال والسياحية في واحدة من أكثر المناطق المضطربة في العالم.
لكن سلسلة الصواريخ طويلة المدى التي أطلقها الحوثيون في الآونة الأخيرة أدت إلى وصول الخطوط الأمامية للحرب في اليمن إلى شواطئ الإمارات.
ويقاتل الحوثيون المدعومون من إيران قوات الحكومة اليمنية وتحالف عسكري يضم السعودية والإمارات منذ عام 2015.
وحافظت الإمارات، التي سحبت معظم قواتها من اليمن في عام 2019، على دعمها وتدريبها لقوات انفصالية يمنية حققت انتصارات في يناير ضد الحوثيين، بما في ذلك استعادة محافظة شبوة الغنية بالطاقة.
وهكذا، أصبحت الإمارات هدفاً لصواريخ الحوثيين وطائراتهم بدون طيار العابرة للحدود في نفس الشهر.
وأعلنت الجماعة، منذ بداية العام، مسؤوليتها عن ثلاث هجمات على الإمارات استهدفت مطار أبوظبي ومنشآت النفط المزدحمة، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص يعملون لدى شركة النفط العملاقة أدنوك.
وتبنت مجموعة عراقية منفصلة غير معروفة تدعى ألوية الوعد الحق هجومًا رابعًا، مما أثار مخاوف من أن الجماعات الأخرى قد تحذو حذوها.
ووقعت الهجمات خلال ذروة موسم السياحة الشتوية للإمارات وأثناء زيارات دبلوماسية كبرى، بما في ذلك أول زيارة لرئيس الكيان الصهيوني إلى البلاد.
ويحذر محللون من أنه إذا استمرت الهجمات فهناك خطر من أنها قد تشوه سمعة الإمارات بأن أراضيها جزيرة “رخاء وسلام”.
وإذا استمرت هذه الهجمات، فمن الواضح أن الإمارات تخاطر بشدة بتعرضها لضربة شديدة.
وحذرت بعض الدول مواطنيها- بشكل لم يكن تصوره من قبل- كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من احتمال وقوع المزيد من الهجمات، وأن “هناك احتمالًا لتهديد متزايد ضد المصالح الغربية، بما في ذلك ضد مواطني المملكة المتحدة”.
وقالت واشنطن بشكل منفصل الأسبوع الماضي إنها ستزود الدولة الخليجية بأنظمة مضادة للصواريخ وسفينة مدمرة وسرب من طائرات إف -22 المقاتلة.
وسافر الجنرال في مشاة البحرية الأمريكية فرانك ماكنزي، الذي يشرف على القوات الأمريكية في الشرق الأوسط ورئيس القيادة المركزية، إلى الإمارات يوم الأحد لإجراء محادثات بشأن جهود تعزيز النظام الدفاعي للدولة الخليجية.
واعترف بأن الهجمات “مقلقة للغاية بالنسبة لدولة الإمارات”.
وداخل الإمارات، يبدو السكان على حافة الهاوية، إذ أثار انفجار وحريق في مبنى ليلة الثلاثاء بالقرب من منطقة سكنية مركزية في أبو ظبي موجة من الذعر عبر الإنترنت من ضربة صاروخية أخرى للحوثيين.
وقالت السلطات في وقت لاحق إن السبب في ذلك هو انفجار اسطوانة غاز، لكن مستوى التكهنات والقلق يتحدث الكثير عن اهتزاز ثقة السكان.
واعترف المحلل الإماراتي البارز عبد الخالق عبد الله بأن الإمارات لم تكن معتادة على مثل هذه الهجمات وأن حدودها لم يتم اختراقها في التاريخ الحديث.
لكن عبد الله ادّعى، خلال حديثه لصحيفة إندبندنت، أن “التأثير الاقتصادي والسياسي والعسكري لهذه الهجمات صفري” .
وقال ديفيد روبرتس، خبير شؤون الخليج في كينجز كوليدج لندن: “في الوقت الحالي لا أرى أن الأمر سيغير قواعد اللعبة حتى يحدث شيء مهم”.
وأضاف “إذا جعل الحوثيون من استهداف الإمارات سياسة، ووضعوها تحت التهديد، فقد يتغير ذلك”.
وتابع “في نهاية المطاف، إذا استمرت هذه الهجمات، فمن الواضح أن الإمارات تخاطر بشدة بتعرضها لضربة متكررة شديدة”.
وذكر أن أحد أكبر آثار هجمات الحوثيين على الإمارات والسعودية (وتحديداً هجوم 2019 على أكبر مصنعين لمعالجة النفط في السعودية) كان على أساس الاعتقاد بأن الولايات المتحدة ستدعمهم دائمًا.
وقال لصحيفة الإندبندنت: “لقد ازدهرت ممالك الخليج تحت هذا الدرع الدفاعي الأمريكي السحري”.
وأضاف “لقد أساءوا فهم المشاركة الأمريكية بشكل أساسي. لقد تم الاستناد إلى هذا الخطأ في الاتصال بأنهم محاصرون في حماية الولايات المتحدة”.
وعلى الرغم من وجود الولايات المتحدة في الإمارات لإجراء محادثات بشأن تعزيز أنظمة الدفاع، فقد لا يكون ذلك كافياً لمنع جميع الصواريخ.
ومن الواضح أنه مع استمرار حرب اليمن، أصبح خط المواجهة أقرب من أي وقت مضى.