شدوى الصلاح
قال الأكاديمي المغربي وأستاذ العلوم السياسية الدكتور محمد الحساني، إننا أمام حالة من السعار في هرولة المغرب نحو التطبيع المشين مع العدو الصهيوني والارتماء في أحضانه بخطوات متعددة الأبعاد أخطرها على الإطلاق التعاون الأمني الذي يصل حد الاختراق.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن المغرب بطبيعة موقعه الجيوغرافي يجعل الكيان الصهيوني قادراً على ممارسة دوره الاستخباراتي، مؤكدا أن المغرب بالنسبة للاحتلال مجال استراتيجي بامتياز.
وحذر الحساني، من أن المغرب إذا أصبح قاعدة مركزية لهذا المجال فتكون الدولة قد فرطت في مجالنا الأمني، مشيرا إلى أن أي دولة تفرط في هذا المجال تصبح مشاعاً لا حصانة لها لأن فقدان الأمن القومي لأي بلد يعني أنه فقد مع ذلك جزء كبيراً من استقلاله.
وأضاف أن التطبيع مع الكيان الصهيوني جرم أخلاقي أكثر من كونه جريمة سياسية فقط، لأن كل دولار تقدمه الخزينة العامة المغربية للكيان من خلال الاتفاقيات المبرمة وما سيتلوها مستقبلا يُعد مشاركة فعلية في كل الجرائم التي يرتكبها بحق الفلسطينيين وأرضهم.
وأكد الحساني، أن التماهي المغربي مع الكيان يجعله شريكا أيضا في كل الجرائم التي يرتكبها في كل بقعة تمتد إليها يد الإجرام الصهيوني، مشيرا إلى أن المغرب بذلك أصبح ممولاً رسمياً للإرهاب الصهيوني، وشريك في الجرم والجريمة.
وذّكر بأن ما يقع هو إهدار للمال العام للشعب المغربي وسطو عليه من قبل السلطة دون وجه حق، وهذه جريمة أخرى ينبغي أن يحاسب عليها كل من تورط فيها لأن المغرب أولى بالملايين أن تنفق في مجالات داخل البلد في وقت يعيش أزمات خانقة اجتماعية تكاد تعصف به.
وفيما يتعلق بتعاون أئمة المسلمين وحاخامات اليهود من خلال الرابطة المحمدية، قال الحساني: “حاولت أفهم الداعي إلى ذلك فلم أجد إلا أن المطلوب من الأئمة في مساجد المغرب أن يصبح لهم نصيب من الدعاء مع الكيان الصهيوني أن يحفظه الله وينصره على الأعداء”.
ووصف ذلك بأنه “عبث وحمق وجنون لأن الموضوع كله إسفاف؛ وكان يفترض من القائمين على تلك الرابطة أن يفروا منه لأنهم لو كانت عندهم ذرة مروءة لفضلوا على الأقل الاستقالة من مناصبهم على أن يلوثوا أيديهم بذلك وهم علماء الشريعة وحاملي لوائها”.
وعن دور لجنة القدس التي يرأسها ملك المغرب وهل هرولة النظام المغربي نحو التطبيع مع الكيان يعني إعلان وفاتها، قال الحساني: “عندما نتحدث عن لجنة القدس ينبغي ألا ننسى السياق الذي جاءت فيه هذه اللجنة”.
وأوضح أنها جاءت في سياق مزايدات كانت بين الأنظمة الغربية في ظرفية تاريخية معينة على القضية الفلسطينية إذ كان الكل ينادي بأنه حامي حمى الأرض والمقدسات، وكانت اللجنة جزء من هذا السياق والتسابق فقط.
ورأى أن تصورها أكثر من ذلك خطأ حقيقي، مضيفا: “لذلك هذه اللجنة لم يسجل لها أنها قدمت مبادرة أو أي شيء من هذا القبيل، فهي تؤكد أن عملها إغاثي بالدرجة الأولى، يتمثل في تقديم مساعدات طبعا وفق المسموح به من قبل سلطات الاحتلال.
وأكد الأكاديمي المغربي، أن لجنة القدس حريصة أن تقدم تقريرها السنوي في هذا المجال، ولذلك لا ينبغي أن نذهب بعيداً في النظر إليها لأنها كانت ولا تزال تشتغل في سياقها وهو المزايدات فقط.
يشار إلى أن المغرب طبع علاقاته رسميا مع الكيان الصهيوني في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، ليصبح بذلك سادس دولة عربية تطبع مع الاحتلال بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين والسودان.
ومنذ توقيع اتفاق التطبيع رسمياً تسير العلاقات بين الجانبين في منحى تصاعدي توج بزيارات وزراء صهاينة إلى المغرب، كان آخرها زيارة وزيرة الاقتصاد والصناعة الصهيونية أورنا باربيفاي، أمس الأول الأحد 20 فبراير/شباط 2022.
ومنذ بداية الشهر الجاري تصاعدت وتيرة التنسيق والتعاون المغربي الصهيوني
إذ تقرر إطلاق خطاً جوياً جديداً يربط الدار البيضاء بتل أبيب يوم 13 مارس/آذار المقبل، ووقع الطرفان اتفاقية تجارية تاريخية.
وبحثا التعاون بين أئمة مسلمين وحاخامات يهود، كما اشترت المغرب منظومة دفاع جوي من الاحتلال، وأحالت الحكومة المغربية إلى البرلمان، بداية الشهر الجاري، مشروع قانون للمصادقة على اتفاقية موقعة مع الكيان تتعلق بالخدمات الدولية.
وتنص الاتفاقية على أن “الطرفان يؤكدان قلقهما البالغ بشأن ما يقع من أعمال أو تهديدات ضد أمن الطيران المدنير”، وتشمل بنودا تتعلق بـ”الإعفاء المتبادل من الرسوم الجمركية ومصاريف التفتيش والضرائب التي لا تتعلق بتكلفة الخدمات المقدمة على متن الطائرة”.