فاطمة يوسف الغزال
تأخُّر إنجاز المشروعات مشكلة قديمة متجددة، تؤرق كثيراً من فئات المجتمع، ويبدو أن تأخر المشروعات أصبح أمراً واقعاً لا مفر منه، وأصبح الكثير من سكان المناطق التي بها مشاريع متأخرة في التنفيذ يتعايشون مع هذا الوضع، بسبب شعورهم ويأسهم من حل المشكلة.. وإذا كان تأخر إنجاز المشروعات عن موعدها حسب الجدول الزمني لا يزال مستمراً.. فالتساؤل المطروح حالياً من هو المسؤول عن هذا التأخر؟ وكيف يمكن معالجة هذه المعاناة التي تمس قطاعا واسعا من أهل قطر من كافة الفئات؟
معاناة المواطنين
يعاني الكثير من المواطنين من تأخر تنفيذ بعض المشاريع والتي قد تعرقل دخولهم وخروجهم إلى بيوتهم أو إلى الأماكن الحيوية التي يترددون عليها باستمرار خاصة كبار السن والنساء، وقد يتسبب ذلك في عدم التزام الكثير من المتأثرين بأوقات محددة مثل أماكن العمل أو المدارس وغيرها، ويبدي الكثير اندهاشه للسنوات التي تظل فيها الحفريات موجودة في مكانها دون أي تغيير رغم أنه يرى من وجهة نظره أن المشروع لا يستحق كل هذه المدة الطويلة.
أسباب تأخر تنفيذ المشاريع
الأسباب كثيرة ومتعددة وتختلف من مشروع لآخر، منها ما هو متعلق بالشركة المنفذة أو المكتب الاستشاري، وقد يكون السبب هو إسناد هذه المشاريع المتأخرة إلى مقاولين غير جادين على الإطلاق، إضافة إلى معاناة الكثير من الشركات من نقص العمالة المدربة، بالإضافة إلى ضعف بعض الشركات في تقدير المدة الزمنية الصحيحة لعدم وضعها في الاعتبار لبعض الأمور مثل ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف الذي يتسبب في خفض مدة العمل، وبالتأكيد أن الأمر في غاية الأهمية لأن تأخر المشروعات يؤثر بشكل سلبي على النهضة العمرانية للبلاد، وقد يؤثر بشكل ما على تنفيذ رؤية قطر 2030، أو يتم تعطيل بعض الإنجازات والمكتسبات بسبب عدم إنجاز الخطط العمرانية في الوقت المحدد، كما أن التأخير يستنزف موارد الدولة.
ضرورة معالجة أسباب التأخير
ومن الواضح أن من الأسباب الرئيسية في تأخر هذه المشاريع وخاصة ما يخص البنية التحتية هو عدم التنسيق ما بين الجهات المنفذة للمشاريع في الدولة بصورة صحيحة، فيحدث أن تنفذ “أشغال” مثلا وتبدأ بالتنفيذ لشارع ما، وبعد أو أثناء التنفيذ تقوم “كهرماء” أو إحدى شركات الاتصالات بتنفيذ مشروعها على نفس الشارع.. لذا فإن التنسيق الجيد بين تلك الجهات الخدمية يزيل كثيرا من العقبات التي تؤخر أعمال الحفر وإعادة الحفر من جديد، وأحيانا يظهر عدم التنسيق بين القطاعات داخل هيئة الأشغال العامة مثلا يقوم قطاع الطرق بتنفيذ تعبيد طريق ثم يقوم قطاع الصرف الصحي بإعادة حفر الشارع بعد مدة قصيرة لمد مجاري الصرف الصحي، وبعد الانتهاء منه يتم إعادة الطريق بصورة مختلفة عن شكله الأول مما يشوه منظر الطريق، لذلك تكمن المعالجات في التنسيق بين الهيئة والجهات الخدمية وبين القطاعات في الهيئة نفسها، كما يجب مخالفة الشركات والمكاتب الاستشارية مخالفات رادعة لكي لا يتكرر منها التأخير مرة أخرى، والتساهل في فرض هذه الغرامات يستسهل على هذه الشركات تكرار التأخير، وكذلك الاختيار الأمثل للشركات والمكاتب الاستشارية ذات الكفاءة العالية دون أي محاباة لأن عدم الكفاءة أحيانا يتسبب في التأخير.
كسرة أخيرة
تأخر تنفيذ مشاريع الطرق هاجس يؤرق المواطنينحفاظاً على مكتسباتنا النهضوية التي تشهدها بلادنا يجب أن نكون كلنا يدا واحدة وعلى مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقنا وعلى قدر الثقة التي أولتنا إياها القيادة الحكيمة لدولتنا ونحكِّم ضمائرنا في القيام بواجباتنا على أكمل وجه كل في موقعه، وأن يكون لدى الجهات المالكة لهذه المشاريع وحدات رقابية مشتركة مع الجهات المعنية تقوم بدراسة أسباب التأخير لكل مشروع وتضع الحلول والمعالجات السريعة لتفادي هذه العوائق والمسببات في المشاريع المستقبلية ولكن من الواضح لنا من كثرة تأخر هذه المشاريع أنه لا توجد جهات تقوم بوضع الدراسات اللازمة لبحث هذه الحالات لتكرار أسباب التأخير من مشروع لآخر، ومن أهم هذه المعالجات إعادة النظر في تأهل وتصنيف شركات المقاولات، وعمل اختبارات هندسية وفنية لكل المهندسين والفنيين والإداريين في شركات المقاولات للحصول على التصنيف، وبالتالي على التأهيل لمشاريع الدولة والحد من تغييرات المالك، والمراقبة الصارمة لشركاء المشروع ومراحل تنفيذ المشروع بصورة مباشرة، لخلق بيئة عمل مراقبة ومحكمة، وعدم التهاون والمحاباة في المال العام للدولة.
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”