شدوى الصلاح
قال مستشار المنظمة الأوروبية لحقوق الإنسان طه الحاجي، إن حكم الإعدام “قصاصاً” الصادر أمس الأربعاء 2 مارس/آذار 2022، من محكمة تبوك الجزائية السعودية بحق المعتقل عبد الله الحويطي، الذي اعتُقل وهو قاصر، يكشف ادعاءات السلطة.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن ترويج السلطات السعودية وقفها قتل القاصرين “غير صحيح”، خاصة أن لدينا واقعة إعدام الشاب مصطفى آل درويش في قضية تعزيرية أي بتقدير من القاضي وليست نصاً في الحدود أو القصاص.
وتابع الحاجي: “الآن يُحكم بالإعدام في قضية عبدالله الحويطي بعد أن ألغت الحرابة”، مؤكدا أن هذه الأحكام تكشف الوضع الحقيقي لقضايا إعدام القاصرين في المملكة، حتى بعد صدور قانون الأحداث الذي نص على تحديد عقوبات القاصرين ولم يكن ضمنها عقوبات الإعدام.
وأشار إلى أن قضية الحويطي كشفت أن الحكومة السعودية ألغت عقوبة الإعدام في جزء معين ولم تلغها بالمطلق بالنسبة للقاصرين، موضحا أن السلطة ألغت الإعدام فقط في الأحكام التعزيرية.
وبين الحاجي، أن قضية الحويطي هي جناية قتل ولذلك لم تُلغ وفق القانون السعودي، وسبق وصدر حكماً بحقه بالقتل بحد الحرابة لكن المحكمة العليا نقضت الحكم وأعادت محاكمته من جديد والآن الحكم الجديد صدر بالقتل قصصاً.
وأضاف أنه في كلا الحالات سواء كان حراباً أو قصاصاً فهو “حكم بقتل قاصر” اعتقل في سن 14 سنة ووالدته تنفي اتهامه وتؤكد أنه كان في منطقة بعيدة عن موقع الحادث الذي شهد واقعة السرقة والسطو المسلح على محل ذهب ثم قتل شرطي وسرقة سيارة الدورية الأمنية.
ولفت الحاجي، إلى أن والدة الحويطي ومحاموه يؤكدون أن مواصفات الجاني الذي ظهر في تسجيلات الكاميرات المصورة للحادث لا تنطبق على عبدالله، إذ تُظهر شخص طويل القامة، مذكرا بأنهم أثبتوا أنه كان موجوداً في مكان آخر في نفس توقيت وقوع الحادث.
وأشار إلى أن والدته تعتقد أن هناك أمر يحاك سراً في هذه القضية للتغطية على شخص آخر لا يريدون إعدامه أو كشف بعض الانتهاكات، لافتا إلى أنها أكدت أن نجلها تعرض أثناء التحقيق إلى التعذيب وانتهاك عدد من القوانين.
يشار إلى أن الملك سلمان بن عبدالعزيز قد حدد في 2018 عقوبة السجن 10 سنوات كحد أقصى في الجرائم التي يرتكبها القاصرين، باستثناء الجرائم التي يُعاقب عليها بالإعدام؛ وفي 2020 أصدر مرسوماً بإنهاء مثل هذه الإعدامات في القضايا التي تحدد أحكامها وفقاً لتقدير القضاة.
تعود حيثيات قضية الحويطي، إلى اقتحام سارق في مايو/آيار 2017، محل مجوهرات في مدينة ضباء السعودية، متنكرا بزي امرأة، مرتدياً عباءة سوداء وغطاء رأس، وحطم زجاج المحل، وأطلق النار على اثنين من الموظفين وأصابهما بجروح، وسرق مجوهرات بقيمة 200 ألف دولار.
وأطلق اللص أثناء هروبه النار على ضابط شرطة مما أدى إلى وفاته؛ وألقت قوات الأمن القبض على عبدالله الحويطي حين كان عمره 14 عاماً، واتهمته بالسرقة والقتل؛ رغم تأكيده تعرضه للتعذيب الشديد بهدف انتزاع اعترافات منه.
وفي 27 أكتوبر 2019 أصدرت المحكمة الجزائية بمنطقة تبوك حكمًا بقتل الحويطي حدًا، بتهمة السطو المسلح على محل المجوهرات وقتل عسكري، وأُدين خمسة آخرون معه بالتورط في نفس الجريمة.
وحُكِم على كل واحد منهم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً، بالإضافة للجلد ألف جلدة ودفع قيمة المسروقات التي تقدر بـ 800 ألف ريال سعودي.
وبحسب تأكيدات منظمات حقوقية حينها، فإن الحكم جاء بناء على أقوال منتزعة تحت التعذيب، وينتهك اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة 1996، ويخالف قانون نظام الأحداث المحلي الذي ينص صراحة على منع إصدار أحكام الإعدام بحق الأطفال.
وفي يناير/كانون الثاني 2021 صادقت محكمة الاستئناف على الحكم، وفي أبريل/نيسان 2021 طالبت الأمم المتحدة السعودية برفع حكم الإعدام عن الحويطي وعّدته حكماً تعسفياً.