ما زالت الحكومة السعودية تواصل أعمال هدم المنازل في محافظة جدة، وترفض تقديم التعويضات ومساعدة الذين تم تشريدهم، من أجل تنفيذ مشروعات يتوقع الخبراء لها الفشل الذريع، وأنها فقط لإرضاء طموحات ولي العهد السعودي.
ودعا الناشط السياسي سلطان العبدلي، إلى الانضمام لوقفة احتجاجية أمام مقر السفارة السعودية في لندن، تنديدا بانتهاكات النظام السعودي بحق مواطني جدة، وما اقترفه من هدم للمنازل والمساجد.
وقال في تغريدة على حسابه بتويتر، اليوم الجمعة، إن الوقفة ستكون أمام مقر السفارة السعودية في العاصمة لندن، اعتراضا على مواصلة السلطات السعودية تهجير سكان أحياء مدينة جدة قسريا، لصالح إقامة مشاريع استثمارية لولي العهد محمد بن سلمان.
وطالب محمد الزبون، بإيقاف هدم الأحياء السكنية والمباني التراثية والتاريخية في المدينة، مستهجنا تهجير السكان قسريا.
ونشر مغرد، مقطع فيديو لوقفة احتجاجية جرى تنظيمها في واشنطن أمس، طالبت بوقف التهجير القسري وأعمال الهدد في جدة ومكة وتعويض الأهالي المتضررين.
كما نشر حساب حقوق الضعوف، مقطع فيديو للصلاة الأخيرة في أحد المساجد بجدة الذي سيتم هدمه وسط دموع وأحزان المصلين.
وسبق واستنكر الأمين العام لحزب التجمع دكتور عبدالله العودة، في تغريدة على حسابه، هدم المساجد ضمن حملة الإزالات التي تنفذها السلطات السعودية في جدة، من أجل مشاريع ترضي أهواء ولي العهد السعودي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، أعلنت الحكومة السعودية إقامة مشروع وسط مدينة جدة برعاية بن سلمان، بميزانية تقدر بنحو 500 مليار ريال.
وزعمت السلطات السعودية، أن الأحياء التي سيتم إزالتها من أجل إقامة المشروع، عشوائيات تضم المجرمين والهاربين، ليدمر بعدها مجمعات سكنية بأكملها ذات كثافة سكانية مرتفعة.
ومنذ بداية حملة الهدم وحتى الآن، تضرر أكثر من مليون شخص بين مواطن ومقيم، بحسب تقديرات لمنظمات مدنية، حيث أصبحوا بين ليلة وضحاها بدون مسكن يأويهم، ولجأ بعضهم إلى إقامة الخيام للعيش فيها.
وجرى هدم أكثر من 10 أحياء سكنية بالكامل وسط جدة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021، مع مواصلة الهدم في نحو 10 مناطق أخرى، إذ تستهدف الخطة 60 منطقة تقع في الجزء الجنوبي من المدينة.
من جانبه، قال حزب التجمع الوطني، في 29 يناير/كانون الثاني الماضي، إن “عمليات الهدم والإزالة والتهجير التي تنفذها السلطات السعودية جائرة”، مشيرا إلى الضرر الكبير الواقع على المواطنين في عدة مناطق متعددة.
وندد في بيان له، بانعدام الشفافية والتقصير الشديد بحق المتضررين وعدم الاستماع إلى مطالبهم، مستنكرا ضعف التعويضات وتأخرها وأخذ توقيعات بعض الأهالي بالاستلام بعد عامين أو ثلاث، مع حرمان أغلب المهجرين من أي تعويضات بمزاعم عدم توفر صكوك ملكية.
واستهجن الحزب، محاولات الإعلام الموالي لآل سعود، تصدير صورة أن تلك الأحياء عشوائية يسكنها مروجي المخدرات والمجرمين، قائلا إن ذلك تشويه للشعب والسكّان بعد رميهم بالتهم جزافا والأوصاف التحقيرية.
وأكد أن الكثير من الأهالي المهجرين تحولوا من ملاك عقار إلى باحثين عن مسكن بالإيجار، ومن سكان مباني خيرية وقفية إلى مشردين بلا مأوى بعد أن تمت إزالة أوقاف الإيواء.
ولفت الحزب، إلى أن القرارات كانت مفاجأة وفي أوقات قصيرة وغير كافية للاستعداد للانتقال، وبدأت حملة الهدم بفصل تيار الكهرباء، كما منعت بعض الشركات المسؤولة عن تنفيذ الإزالات، المواطنين من أخذ بعض مقتنياتهم، بهدف سرقتها فيما بعد.
وطالب الجميع بعدم التواطؤ مع النظام السعودي في جرائمه المستمرة، وبالوقوف في صف ضحايا عمليات التهجير القسري، ونقل قضيتهم وتصعيدها حتى ينالوا حقوقهم كاملة، مذكرا بأن السلطات تنتهك حقوق الجميع، ولم يعد أحد في مأمن منها.
وتهجير سكان جدة لم يكن الأول في المملكة، إذ سبق وهجر النظام السعودي قبيلة الحويطات بحجة إنشاء مدينة نيوم، إحدى مشاريع ولي العهد المتوقع لها الفشل، حيث هُجرت مئات العائلات من تبوك بادعاءات أن مناطقهم عشوائية أو لإقامة مشاريع تنموية على أراضيهم.
وكان ولي العهد السعودي، أعلن في أكتوبر/تشرين الأول 2017، إقامة مشروعا لإنشاء منطقة استثمارية تجارية وصناعية على الساحل الشمالي الغربي من البحر الأحمر باسم “نيوم”، بهدف التقليل من الاعتماد على عوائد النفط.
وفي منتصف أبريل/نيسان 2020، نشرت وكالة الأنباء السعودية بيان مقتضب من رئاسة أمن الدولة، قالت فيه، إنه “أثناء قيام الجهة المختصة بمهام القبض على أحد المطلوبين، ويدعى عبد الرحيم بن أحمد محمود أبو طقيقة الحويطي (سعودي الجنسية)، قتل بمنزله في منطقة تبوك، بعد أن بادر بإطلاق النار تجاه رجال الأمن”.
وقبل اغتيال الحويطي بأيام، نشر مقطع فيديو أوضح فيه أنه مستهدف من قبل الأجهزة الأمنية، لأنه يرفض إخلاء أرضه الواقعة ضمن مشروع نيوم، قائلا: “ليس هناك شيء أكبر من خروجي من أرضي.. جميع الناس غير موافقة على التهجير القسري”.
كما اشتهر بانتقاده لإجلاء السلطات السعودية أبناء قبيلته في إطار مشروعات اقتصادية مخطط لها على أراضي تضم أرضه ومنزله في منطقة الخريبة التابعة لمحافظة تبوك في شمال غربي البلاد.
ونشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، في أبريل/نيسان 2020 تحقيقا قالت فيه، إن مشروع “نيوم” يواجه صعوبات تتعلق بـ”عملية تهجير أكثر من 20 ألف مواطن بشكل قسري وكان عديد منهم قد سكنوا في المنطقة لعدة أجيال”.
وأفاد موقع ميدل إيست آي البريطاني، بأن “مئات الآلاف من السعوديين أصبحوا في الشوارع، بعد إزالة النظام لمنازلهم ضمن عمليات هدم غير مفهومة في جدة، تزعم السلطات أنها تهدف لإزالة العشوائيات وتطوير المنطقة”.
وأشارت إلى أن السلطات لم توفر لهم مساكن حكومية مؤقتة، كما أنها لم تدفع لهم أي تعويض، مما أدى إلى تحويل الكثيرين من أصحاب المنازل إلى مستأجرين، لافتة إلى ارتفاع أسعار الإيجار بالمدينة الأمر الذي تسبب في تأزيم أوضاعهم.