هاجمت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية بشدة مجلة “ذا أتلانتيك” بسبب محاولتها تلميع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال حوار أجرته معه قبل أيام، واصفة ذلك بأنه “مثير للاشمئزاز”.
وقالت الصحيفة في مقالة، وفق ترجمة موقع “الرأي الآخر”، إن وسائل الإعلام في واشنطن تتمتع بتاريخ طويل في إحياء الحكام المستبدين القتلة، خاصةً عندما يكون هؤلاء المستبدون من الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة.
وأضافت أن “قصة غلاف ذا أتلانتيك في أبريل، “القوة المطلقة”، عن محمد بن سلمان- التي كتبها غرايم وود، وتضمنت مقابلات أجريت جنبًا إلى جنب مع رئيس تحرير المجلة، جيفري جولدبيرج- هي جزء من هذا التقليد، ودراسة حالة لكل ما هو خطأ في صحافة الوصول، والتثبت اللاأخلاقي من الرجال الأقوياء المتوحشين”.
وتابعت “في بداية المقالة، قام وود بأداء الجمباز الفكري لمحاولة تبرير عملية التبييض الطويلة القادمة”.
وأشارت إلى أن المقالة حاولت جعل محمد بن سلمان قريبًا من الناس، بوصفه “ساحرًا ودافئًا وغير رسمي وذكي، ويأكل الإفطار كل يوم مع أطفاله، ويفضل Game of Thrones على House of Cards”.
ولفتت المقالة إلى أن الحوار تضمن بعض الانتقادات الحادة، مثل القول إن محمد بن سلمان خلق مناخًا غير مسبوق من الخوف والقمع في السعودية، “لكن يبدو أنه مناسب كجزء من رواية جذابة عن سيطرة الذكور تُباع في الولايات المتحدة”.
وقالت إن: “الأمر الأكثر إثارة للاشمئزاز هو أن المجلة أعطت محمد بن سلمان منصة ليس فقط لمواصلة إنكاره السخيف لوجود أي علاقة بقتل جمال (على الرغم من أن ذلك تم تنفيذه من قبل شخصيات في دائرته المقربة وخلصت وكالة المخابرات المركزية إلى أنه أعطى الأمر بالقبض أو القتل)، ولكن أيضًا لتقديم نفسه على أنه الضحية الحقيقية”.
وذكرت المجلة أن بن سلمان قال إن “حادثة خاشقجي كانت أسوأ شيء حدث لي على الإطلاق”، وأنه أخبر أشخاصًا مقربين منه بأن الجريمة “آذتني وأضرت بالسعودية، من منظور المشاعر”.
وأضافت “واشنطن بوست”، “كان يمكن للمجلة أن يكون له دور واحد هو حديث محمد بن سلمان عن دوره في اغتيال جمال، وليس السماح له بتشويه سمعة جمال، قائلاً إنه ليس مهمًا بما يكفي لقتله، وأنه لن يكون حتى من بين أكثر 1000 شخص على القائمة”.
وأكدت “واشنطن بوست” أن “ذا أتلانتيك” أظهرت نفسها بأنها “مجرد أداة في حملة محمد بن سلمان لاستعادة صورته، وأعادت سرد نفس الرواية التي روج لها بن سلمان لسنوات، وهي أنه يقف وحده في مواجهة المحافظين المتدينين”.
وأشارت إلى أن حوار المجلة لم يورد إلا القليل من المعلومات حول حملة النظام السعودي AstroTurf لإغراق المشاهير والمؤثرين وشركات العلاقات العامة بأموال ضخمة لنشر أحداثهم وتجاربهم في السعودية على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت “لكن الأهم من ذلك، أن العمل يعزز النظرة السطحية للسلطة ويعامل الشعب السعودي كفكرة لاحقة”.
وأشارت إلى أن “الشخصيات المؤثرة مثل رجل الدين المسجون سلمان العودة- الذي يمكن القول إنه كان يتمتع بنفوذ أكبر في جميع أنحاء الشرق الأوسط بأكمله بآرائه الإصلاحية التقدمية قبل ظهور محمد بن سلمان على الساحة- لم يتم ذكره سوى في إشارة عابرة”.
ولفتت إلى أن “لجين الهذلول، الناشطة في مجال حقوق المرأة التي تم إطلاق سراحها من السجن مؤخرًا، لم تحصل إلا على عدد قليل من الصفوف”.
وذكرت أن “هناك القليل من المشاركة في رؤاهم للسعودية وحقوق المرأة والإسلام، والتي كان لديهم مساحة للتعبير عنها قبل ظهور محمد بن سلمان على الساحة”.
وأكدت “واشنطن بوست” أن حوار “القوة المطلقة” إهانة لذاكرة جمال خاشقجي وللصحافة.
وقالت: “عندما ينظر التاريخ إلى هذه الفترة، سوف تتألق هذه القطعة (الحوار) كمثال على كيف أن الطريق إلى عودة الاستبداد الوحشي العالمي قد تم تمهيده في جزء لا بأس به من قبل أسوأ جوانب صحافة الوصول في الولايات المتحدة”.