ما زال السجين السياسي الإماراتي أحمد منصور محتجزًا في الحبس الانفرادي منذ اعتقاله في عام 2017، معزولاً عن العالم الخارجي وعن زملائه السجناء، وفق ما كشفت رسائل صاغها المعتقل وتسربت من السجن.
ويقضي منصور حكماً بالسجن لمدة 10 سنوات بتهم تتعلق بنشاطه الحقوقي، بما في ذلك “إهانة مكانة الإمارات ورموزها وقادتها” و”السعي للإضرار بعلاقة الإمارات بجيرانها من خلال نشر تقارير ومعلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي”.
وترسم الرسائل المُسربة، المؤرخة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 صورة قاتمة لظروف سجن منصور.
وأوضحت الرسائل أن السلطات قيدت زيارته بشدة، وصادر حراس السجن ملابسه وفراشه وبطانيته ومناشفه، وتركوه بقميص واحد ممزقة أكمامه.
وجاء في الرسالة: “ما هو أسوأ، لقد قطعوا الماء الساخن عن زنزانتي خلال الشتاء شديد البرودة في الصحراء”.
وأضاف “وأصدروا توجيهًا تم تعليقه في غرفة الشرطة لحرماني من ارتداء أي ملابس بأكمام طويلة وكذلك منتجات النظافة الشخصية والشاي الساخن الذي يتم تقديمه مع بعض الوجبات”.
وأكد منصور أن البرد أدى إلى مشاكل صحية مختلفة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم والحمى المتكررة.
وبعد الحكم عليه في مايو 2018، علق الحراس لافتة على باب سجنه تقول إنه غير مسموح له بمغادرة الزنزانة أو تلقي أي مكالمات أو زيارات دون إذن من كبار مسؤولي الأمن.
ودخل السجين السياسي في إضرابين عن الطعام للمطالبة بتحسين الظروف، من 17 مارس إلى 10 أبريل 2019 ومن 17 سبتمبر إلى 2 نوفمبر من نفس العام.
وتضمنت مطالبه توفير مرتبة، والوصول إلى المكتبة، وإنهاء حبسه الانفرادي، وزيارات إلى صالة الألعاب الرياضية في السجن، وتوسيع نطاق زيارته وحقوقه الهاتفية المقتصرة على زوجته وأطفاله.
ولم يُمنح سوى الحق في ممارسة الرياضة ورؤية ضوء الشمس مرات في الأسبوع.
وبعيداً عن الظروف المادية المروعة، يصف منصور محاولة متعمدة لإبقائه معزولاً.
وكتب “ما زلت ممنوعًا رسميًا من التحدث إلى سجناء آخرين، رغم أنني أحيانًا أصرخ عبر الجدران إلى الناس في الزنازين المجاورة عندما يكون هناك شخص ما هناك”.
وأضاف “حتى عندما أذهب إلى العيادة، يتم إفراغها من السجناء للتأكد من أنني وحدي، وعندما أذهب إلى صالة الألعاب الرياضية، لا يُسمح لأي شخص آخر بالتواجد هناك سواي”.
وتنص قواعد مانديلا الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن السجن على أن الحبس الانفرادي المطول – أكثر من 15 يومًا متتاليًا – يرقى إلى مستوى التعذيب، لكن منصور يرقد في السجن الانفرادي منذ أكثر من أربع سنوات.
وفي الرسائل، يحدد منصور الإجراءات القانونية التي مر بها، ويوضح بالتفصيل التهم الموجهة إليه، ومعظمها يتعلق بالنشاط، والذي يشتبه في أنه مصدره رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلها إلى المنظمات غير الحكومية والمؤتمرات التي شارك فيها.
وكان منصور انتقد علنا الاعتقالات التعسفية في السعودية المجاورة، الحليف الرئيسي للإمارات.
ويبدو أن الرسائل تؤكد نتائج تقرير هيومن رايتس ووتش الصادر في يناير / كانون الثاني.
وقال التقرير “إنه ينام على الأرض، محرومًا من الفراش أو الوسادة، بين الجدران الأربعة لزنزانة انفرادية صغيرة في سجن صحراوي في دولة الإمارات، وهي دولة تسعى إلى تصوير نفسها على أنها متسامحة وتحترم الحقوق”.
وحثت المنظمة الحقوقية القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا، على “دعوة السلطات الإماراتية في السر والعلن إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن أحمد منصور وأي شخص آخر محتجز في الإمارات بسبب ممارسته الحقوق الأساسية”.
وتتمتع الإمارات، التي احتفلت بـ “عام التسامح” في 2019، بعلاقات قوية مع الغرب وتطبيع مع الكيان الإسرائيلي العام الماضي.
ومنصور هو واحد من العديد من النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان المسجونين بسبب المعارضة السياسية في الإمارات.
وذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية عن حالة حقوق الإنسان في الدولة العام الماضي أن “أكثر من عشرين سجين رأي، بمن فيهم المدافع المعروف عن حقوق الإنسان أحمد منصور، ظلوا محتجزين في الإمارات”.
وأضاف “واصلت الدولة تقييد حرية التعبير، واتخاذ إجراءات لإسكات المواطنين والمقيمين الذين عبروا عن آراء انتقادية بشأن كوفيد-19 وقضايا اجتماعية وسياسية أخرى”.
وتابع “عدد من المعتقلين ظلوا في السجن بعد انتهاء مدة عقوبتهم دون مبرر قانوني”.