عمّان/ الرياض – خاص الرأي الآخر – لم تمض ساعتان على إعلان السلطات الأردنية شن حملة اعتقالات طالت مسؤولين كبار في المملكة هددوا استقرار البلاد، حتى أصدرت السعودية موقفًا مؤيدًا لإجراءات السلطات في عمّان.
ومن اللافت أن بيان الديوان الملكي السعودي بشأن الأزمة في الأردن، كان أول تعقيب عالمي على الحدث، الذي لم تُعرف تفاصيله كاملة بعد.
وبالنسبة إلى مراقبين، فإن بيان الديوان الملكي السعودي السريع، لم يكن يهدف بدرجة أساسية لإعلان التضامن مع الملك عبدالله بن الحسين، بقدر ما كان محاولة لنفي تهمة “التآمر” على إسقاطه.
وجاء في البيان تأكيد وقوف السعودية “التام” إلى جانب مملكة الأردن، ومساندتها “الكاملة بكل إمكاناتها” لكل ما يتخذه الملك عبدالله الثاني بن الحسين وولي عهده من قرارات وإجراءات لحفظ الأمن والاستقرار ونزع فتيل كل محاولة للتأثير فيهما.
وتبع بيان الديوان الملكي بيان آخر لوزير الخارجية فيصل بن فرحان، أكد خلاله حرص الملك سلمان وولي عهده على “الدعم اللامحدود لكل ما يعزز العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين والشعبين الشقيقين ويخدم مصالحهما المشتركة”.
وذكر أن “دعم ومساندة المملكة لشقيقتها المملكة الأردنية الهاشمية دائم وثابت في كافة الأزمنة والظروف وفي مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتنموية”.
وأشاد بن فرحان “بما يوليه جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين من قيادة حكيمة للمسيرة الاقتصادية والنهضة التنموية الشاملة في الأردن الشقيق وبما يعود بالخير والرفاه للشعب الأردني الشقيق”.
وذكر أن “استقرار الأردن وازدهاره هو أساس لاستقرار وازدهار المنطقة بأكملها”.
منبع التخوفات
ولعل أبرز التخوفات السعودية من اتهامها بالتواطؤ أو حتى المشاركة فيما قيل إنه محاولة انقلاب في الأردن، اعتقال مسؤولَين أردنيَين رفيعَين ضمن الحملة، على علاقة وثيقة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وكان من أبرز المعتقلين رئيس الديوان الملكي الأسبق باسم إبراهيم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، ومن اللافت أنها شغلا منصب المبعوث الخاص للملك عبد الله الثاني إلى السعودية، على فترات.
ولا توجد الكثير من التفاصيل حول شخصية الشريف حسن غير أنه شغل منصب مبعوث ملك الأردن إلى الرياض، وأنه من “الأشراف الهاشميين”، ويقيم في السعودية، ويحمل جنسيتها إلى جانب الأردنية.
أما بالنسبة لباسم عوض الله؛ فهو اسم لامع في الأردن والسعودية والإمارات، حتى أن البعض يُطلق عليه “محمد دحلان الجديد”.
وفي الأردن يبدو الرجل “سيء الصيت والسمعة”، وارتبط اسمه بما سُمّي برنامج “الإصلاح الاقتصادي”، الذي يقول أردنيون إنه أسهم في تدهور أوضاعهم المعيشية.
وفي أواخر عام 2018، أطاح ملك الأردن بعوض الله الذي كان يشغل منصب مبعوثه الخاص إلى السعودية، والذي برز خلال هذه الفترة بشكل ملاحظ إلى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وقيل إنه أصبح مستشارًا له.
بعد أن أنهى ملك الأردن خدمات عوض الله، توجّه الأخير إلى الإمارات، ليتقلد منصب الرئيس التنفيذي لشركة طموح في دبي، بعد أن كان سابقًا عضو في مجلس إدارة كلية دبي للإدارة الحكومية.
وتقول مصادر إن عوض الله كان مسؤولًا عن التنسيق بين الحُكام في السعودية، وبعض الأمراء وشيوخ القبائل في الأردن.
ملفات إقليمية
وعلاوة على الشخصيات التي يُمكن أن تدفع البعض لتوجيه أصابع اتهام للسعودية في الأزمة الأردنية، توجد ملفات إقليمية أوقعت ما يمكن أن يُسمى تصادمًا بين الجانبين.
ومن أبزر هذه الملفات، تراجع الأردن عن مقاطعته قطر، بعد عامين من انضمام عمّان إلى السعودية والإمارات والبحرين ومصر ضد الدوحة.
وفي يونيو/ حزيران 2019، أعادت الدوحة وعمّان تبادل السفراء بعد عامين من سحبهما، وقالت مصادر حينها إن الأردن تعرّض لضغوط سعودية أجبرته على مقاطعة قطر في أول الأزمة الخليجية.
وفي ملف آخر، برز الغضب الأردني من محاولات السعودية القفز على “الوصاية الهاشمية” على المقدسات في مدينة القدس المحتلة.
وفي تأكيد على ذلك، قال رئيس الديوان الملكي السابق في الأردن عدنان أبو عودة إن هناك: “محاولات سعودية لتجريد الهاشميين من الوصاية على المقدسات في مدينة القدس”.
وعقب ذلك، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن “الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس تاريخية ومدعومة من كل الدول العربية والإسلامية والعالم”.
وشدد على أن للوصاية الهاشمية “دور مهم في الحفاظ على وضع الأماكن المقدسة الراهن، وهويتها العربية والإسلامية والمسيحية”.
ويبدو أن الصحف الإسرائيلية بدأت في تسريب بعض المعلومات عما يحدث في الجارة الشرقية، تتضمن بعض التفاصيل عن “محاولة الانقلاب”.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيليّة عن “مصادر كبيرة في الأردن” قولها إن: “السعودية وإحدى إمارات الخليج تورطتا خلف الكواليس في محاولة الانقلاب”.
وأشارت الصحيفة إلى أن ملك الأردن زار السعودية الشهر الماضي، والتقى ولي عهدها محمد بن سلمان، دون أن يخرج أي بيان رسمي أو تفاصيل عن الزيارة.
وفي الوقت الذي قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن ولي العهد الأردني السابق الأمير حمزة بن حسين- الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني- تعرّض لفرض الإقامة الجبرية على خلفية مشاركته في المخطط، نفى رئيس أركان الجيش الأردني يوسف الحنيطي ذلك.
لكن الأمير حمزة خرج في تسجيل فيديو من داخل قصره ليؤكد أنه تحت الإقامة الجبرية، وطُلب منه البقاء في المنزل وعدم الاتصال بأي شخص.
وشدد الأمير حمزة في الفيديو على أنه لم يكن جزءًا من أي مؤامرة أجنبية، ونددت بنظام الحكم الذي اعتبره فاسدًا.