قال عالم السياسة الأمريكي الشهير فرانسيس فوكوياما إن الطائرات بدون طيار “رفعت” تركيا وقدراتها العسكرية على الصعيد الدولي، وأشارت إلى تحول تاريخي في الحرب التي تغير بها تركيا الشرق الأوسط.
وكان فوكوياما تكهن خلال مقالة نشرها في صحيفة American Purpose ، بظهور حرب الطائرات بدون طيار خلال العقد الماضي.
وقال إنه قبل 11 عامًا، بدا كما لو أن الطائرات المسلحة بدون طيار ستُستخدم في المستقبل فقط في “الاغتيالات المستهدفة” لشخصيات سياسية أو “ضد البنية التحتية الحيوية مثل محطات الطاقة النووية”.
لذلك كان من المفاجئ أن يتم استخدام الطائرات المسلحة بدون طيار بدلاً من ذلك في الحرب نفسها.
وأشار في المقالة إلى أن هذه القدرات طورتها تركيا بشكل كبير بدلاً من أن تظل مقتصرة على أمثال الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي.
وكان فوكوياما في الماضي سيئ السمعة بسبب نظريات سياسية غريبة الأطوار مثل “صراع الحضارات”، حيث تتعارض الحضارات الغربية والإسلامية بطبيعتها مع بعضها البعض، وحضارة “نهاية التاريخ”، التي ذكر فيها أن هيمنة الديمقراطية الغربية وانهيار الشيوعية يعني أن التاريخ قد بلغ ذروته.
ومع ذلك، فإن ملاحظاته حول الأهمية المتزايدة في حرب الطائرات بدون طيار هي واحدة من نظرياته المعترف بها وذات المصداقية.
يذكر فوكوياما أنه في حرب عام 1967 بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي، “دُمرت دبابتان مصريتان فقط من الجو في الضربة الجوية الإسرائيلية الضخمة، لأنه كان من الصعب جدًا إصابة هدف صغير جدًا بطائرة”.
وتغير ذلك في نهاية المطاف مع تطوير الذخائر الموجهة بدقة، وأخيراً باستخدام الطائرات المسلحة بدون طيار التي تعتبر “أرخص، وأصغر، ويصعب هزيمتها”، والتي “لا تخاطر حتى بحياة الطيارين البشر”.
لذلك على مدى العقد الماضي، طورت تركيا بشكل كبير تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الخاصة بها للتغلب على العديد من عمليات حظر الأسلحة والقيود المفروضة عليها، مما أدى إلى ظهور نماذج مثل الطائرات بدون طيار “بيرقدار” و”العنقاء”، التي لفتت الانتباه العالمي إلى صعود تركيا في صناعة الأسلحة العالمية.
وكانت طائرات بيرقدار تي بي 2 بلا طيار على وجه الخصوص أحدثت دمارًا في قوات النظام السوري في مارس من العام الماضي ردًا على مقتل 34 جنديًا تركيًا، كما كان لها دور فعال في مساعدة الحكومة الليبية على هزيمة هجوم المشير خليفة حفتر على طرابلس في ذلك الصيف، ومكنت أذربيجان من تحرير المناطق الاستراتيجية في ناغورنو كاراباخ وكسب الصراع في نوفمبر.
ورأى فوكوياما أن مثل هذه التطورات تعني أن تركيا “ارتقت بنفسها لتصبح وسيطًا إقليميًا رئيسيًا له قدرة أكبر على تشكيل النتائج من روسيا أو الصين أو الولايات المتحدة.. لقد فعلت الطائرات بدون طيار الكثير لتعزيز صعود تركيا كقوة إقليمية في العام 2020”.
كما أنها جعلت الشرق الأوسط أكثر تنوعًا جيوسياسيًا، حيث لم تقم تركيا بمواءمة سياستها الخارجية مع دول الخليج العربي، ولا إيران وشبكة وكلائها، ولا مع الولايات المتحدة أو روسيا بالكامل، وفق الكاتب.
وأضاف “لقد عارضت نظرائها من القوى السنية، دول الخليج، في ليبيا ؛ وفي الوقت نفسه انحازت إلى جانب روسيا بشراء نظام الدفاع الجوي S-400 الأخير أثناء مهاجمة القوات الروسية في سوريا”.
وأشار إلى أن “العيب الوحيد هو أنه، مثل أي ثورة في الأسلحة العسكرية، فإن عنصر المفاجأة والهيمنة التركي الذي أعطته لها الطائرات بدون طيار يمكن مواجهته قريبًا باستخدام أحدث التقنيات في السنوات المقبلة”.
ولفت فوكوياما إلى أن الدول وجيوشها “تتدافع لمعرفة كيفية الدفاع عن نفسها ضد الطائرات بدون طيار، وليس من الواضح من سيفوز في سباق التسلح بين الطائرات بدون طيار والإجراءات المضادة للطائرات بدون طيار”.
ولم يكن عالم السياسة الأمريكي المثير للجدل هو الشخصية البارزة الوحيدة التي أشادت بتقدم تركيا في حرب الطائرات بدون طيار، لكنه اعتبرها فعالة للغاية لدرجة أن وزير الدفاع البريطاني نفسه وصفها بأنها ” غيرت قواعد اللعبة “، كما وصفها خبير أمني أمريكي بأنها “غير مسبوقة”، فيما حذر محلل في المجلس الأوروبي من أن ذلك يجب أن يقلق أوروبا.