د.عبدالرحمن أبو أصيل
في بلدنا كل شيء ملخبط، ببساطة لأننا نشأنا بشكل ملخبط، مقموعين من كل مكان، السلطة والمدرسة والبيت وكل مكان، خايفين وصعب علينا نقول رأينا في أي شي، بس نقول الرأي إذا كان مسموح وبس، فنمدح إذا مطلوب منا نمدح، فيكون مدحنا نفاق، وصرنا نكره نمدح أحد وسط حفلات المدح والنفاق لمن لا يستحق، وصار الناس اللي نحبهم ويستحقون المدح ما نمدحهم إلا إذا ماتوا، صح، إذا ماتوا قلنا الله يرحمهم كانوا طيبين، الله يرحمهم فقدناهم، وفي حياتهم ممكن ما قلنا كلمة حلوة في وجوههم، وصرنا كمان نخاف نمدح أحد ويتغير علينا أو يقلب، لأن ببساطة، وأرجع للنقطة الأولى، لأننا نشأنا بشكل ملخبط، ولكن لازم نعود أنفسنا نمدح من يستحق المدح.
كثير يستحقون المدح وممكن أمر عليهم واحد واحد، ونبدأ ونسمي بوحدة تستحق المدح بكل ما تعنيه الكلمة، حب الرمان، لجين الهذلول، بأقص بعض القصص عمن عرفوها عن قرب، شي سريع وفي الزوايا القادمة نكمل، وأجزم كلكم بتتفقون معي أن لجين ما هي ناشطة وبس، ولكن إنسان نقي وقلب طيب يمشي على الأرض.
تقول قريبتي صديقة لجين سابقا، تقول كنا في الفصل يوم من الأيام، وقبل الفصل كنت أشعر بتوتر لأنني مع لجين بيكون عندنا لقاء مهم، للقاء ممكن نخرج منه بفائدة كبيرة، وممكن نتضرر، بلاش أقول مع مين، كان مع مشرفة عندها رصيد درجات وممكن لو أقنعناها ما هو نستفيد أنا ولجين، لكن كل الفصل بيستفيد، ولجين كانت أقل واحد ممكن يستفيد، فائدة كل البقية أكثر، ولو فشلنا في الإقناع ممكن نخسر كثير، وخاصة لجين كان ممكن تستعديها المديرة، وهي أكثر وحدة بتخسر، وتكلمنا اش نقول واش ما نقول، بس طبعا ما غطى اتفاقنا كل شيء، ولما دخلنا الاجتماع كانت المشرفة خبيثة ودخلت في موضوع ما توقعناه، حاولت أصرفه لكن لجين سبقتني وجاوبت وقامت تسولف براحتها، وعصبت، وحسيت لجين جابت العيد، وخرجنا ورحنا نشرب قهوتنا، وبأسلوب معصب لمت لجين وكنت متوقع رد معصب زيي، جاء الرد بكل هدوء، أنا آسفة والله ما دريت إن جوابي خطا أو يزعل، ووالله ما جيت إلا عشان أساعد وأدري ممكن أتورط لكن عادي، ولو صار شي حطوها في راسي أنا راضية. هنا تقول قريبتي صار عندي لوم الذات مليون، رد البنت يدل ما هو على قلب أبيض وبس، ولكن يدل على حرص على الآخرين أكثر من حرصها على نفسها، وللأسف المديرة حقدت على لجين وتصرفت معها تصرف بايخ ولجين تحملت السالفة كلها.
ما انتهت السالفة، لكن الأغرب أنه بعد سنوات تقول قريبتي قابلت لجين وسولفت معها وذكرتها بالموقف وبينت لها كم كبرت في عيني يومها، لكن الغريب كان رد لجين، كان ردها حبيبتي والله إنتي اللي طيبة وولله ما أذكر الموقف زين بس أذكر إنك كنتي حريصة ورهيبة، يعني ما زعلت لجين من صاحبتها، ما ندمت إنها حاولت تساعد وتورطت، يغلب على ظني أن لجين ناسية القصة ذي بشكل كامل، لأن اللي عرفه عنها أنها تمشي وتحاول تساعد، وكذا تعيش، فهذا روتين حياة وليس تصنع.
قريبتي نفسها بحضوري مع صديقة أخرى مشتركة بين قريبتي ولجين، يتكلمون عن لجين بعد اعتقالها فالثنتين يذكرون قصص للجين، وتذكروا مرة أن لجين كانت في فصل، وصار تفتيش، وكانت المديرة سيئة وتحاول تعاقب أي وحدة، عندها رغبة كبيرة في العقاب وأذية البنات، وفتشت الشنط، وجمعت مجموعة أشياء وسمتها ممنوعات، مع أنه ما كان فيها أي شيء ممنوع، بس واضح المديرة كان لها نفس تعاقب، أخذت عطور، وكريمات، وأمشاط، وشباصات، أي شيء لقوه في الشنط غير الكراسات والأقلام شلوه، واضح فيه استقعاد، لجين في شنطتها زي ما في شناط البقية، وأخذتهم وودتهم الإدارة، وكانت قريبتي وصديقتها مع المجموعة، العدد كبير، بعضهم من فصول ثانية وما يعرفون أسماؤهم، وبدأت المديرة تصارخ وتسب وتهدد، هذي ماهي مدرسة، هذا صالون تجميل، انتم ما جيتوا تدرسون، انتوا حقين استعراض وقلة أدب، واستمرت تتجاوز في كلامها، وعدد من البنات انهاروا وقاموا يبكون، وخرجت المديرة وهي تصارخ وتنادي على مدرسة ثنية تقول جيبي لي الملفات أتفاهم معهم، ويوم خرجت لجين بصوت عالي، بنات بنات ليش تبكون اش فيكم ما سويتوا شي خطأ، ثم قالت لجين للبنات “أي وحدة خايفة ما عليكم تجحد أن في شنطتها شي وتقول أن أغراضها لي وكانت في شنطتي وأنا عادي أتحمل عقاب أي وحدة منكم إذا أحد منكم خايف أو أهلكم ما راح يتفهمون موقفكم”، ما وقفت هنا، لما رجعت المديرة بدأت لجين ترد، وتقول لها إن اللي سووه البنات ما كان خطأ، وأن تصرف المديرة وألفاظها هي اللي كانت خطأ، فأثبتت لجين يومها محاولتها إنقاذ الضعيف، واستعدادها تفدي، وجرأتها في الحق، وعدم خوفها من الظالمة.
باقي قصص كثيرة سمعتها عن لجين كيف تسامح بشكل عجيب اللي ظلموها، ما هو تسامح وبس، لا ترحم وتعطف على اللي ظلموها وأساءوا لها، وفي يوم جاي بأقص لكم قصة الشخص اللي طلبت منه يساعد اللي أخطأوا عليها، وقالت صح أخطأوا لكن مساكين ما هم فاهمين قبح اللي يسوون، وما ودي أشوفهم بحاجة وما أوقف معهم، بأقص القصة في الزاوية الجاية، وبأقص قصة لما قامت تدافع عن وحدة وتورطت وطلبناها تسكت وردت “لو أنا في ورطة ما ودي الناس تتركني وتتفرج، فإذا شفت أحد ينظلم ما يصير أسكت”.
لجين تلقت ظلم كبير من السلطة، واللي شافته ما يصدقه عقل، وصبرت وخرجت بعقلها لسبب وحيد، لأن الله معها، ولأن الله حفظها بقلبها الطيب، ونيتها الصافية، لجين تعذبت وتعرضت لتحرش ولخذلان من ناس كانت تشوفهم قريبين منها، وتعرضت لتشويه سمعة، وتعرضت لحسد حتي أنها وهي تكسب الجوائز يجي ناس ويقولون اش معنا لجين، ليش كل هذا للجين، وأحرقهم حسدهم واسمها يذكر في كل مكان، وبرروا حسدهم أن العالم يذكرها بسبب لبسها أو شكلها، حسدهم ما سمح لهم يعترفون أن لجين غير، ولجين تستحق، ومع كل هذا لجين وين واللي ظلموها وخذلوها وين، لجين اسمها في كل العالم، رؤساء العالم يتشرفون بنطق اسمها، واللي ظلموها كل العالم يحس بانحطاط إذا ذكرهم، ويطارده العر إذا تعامل معهم، نية لجين وقلبها الطيب، نصر حب الرمان، وبأكتب في الجاي شي يوضح الناس كم تحب لجين، لأن لجين لازم تعرف إنا كسبت قلوب ناس كثير، وأن وجود قلوب طيبة زيها ما هو نصر لها بس، نصر للصدق والنقاء.
ألقاكم في زاوية جديدة مع أسماء جميلة كثير لازم نقول لهم إننا نحبهم قبل نفقدهم، وبأمر عليهم واحد واحد، مرات كثير، وحب الرمان له عودة.
د.عبدالرحمن أبو أصيل@DissidentsRally