شدوى الصلاح
قالت الباحثة في منتدى البحرين لحقوق الإنسان غنى رباعي، إن ما تبديه السلطات البحرينيّة اليوم من استخفاف بحياة المعتقلين، استمرار في سياسة الانتقام الكيديّة الممنهجة التي تمارسها منذ بداية الأزمة سنة 2011 من أجل القمع والتضييق على الرأي المعارض المطالب بأدنى حقوق المواطنة.
وأوضحت في حديثها مع “الرأي الآخر” أن عدد معتقلي الرأي المصابين بفيروس كورونا في سجون البحرين تخطّى 220 إصابة مؤكّدة منذ إعلان تسجيل أوّل إصابة بتاريخ 23 مارس/ آذار 2021، معظمهم في سجن جو المركزي وخصوصاً المبنى رقم 12، وخمسة منهم في توقيف الحوض الجاف.
وأضافت غنى، أن بعض معتقلي الرأي المصابين بكورونا يعانون من أمراض مزمنة كالصرع أو مرض تكسّر الدم المنجلي (Sickle Cell Disease) أو أمراض القلب أو الضغط، مؤكدة أن أعداد المصابين تتزايد يوميّاً في ظل ظاهرة اكتظاظ السجون التي تتعمّدها السلطات كشكل من أشكال الانتقام من مواطنيها المعارضين.
وأشارت إلى أن المنظّمات الحقوقيّة لم تنكفئ عن المطالبة بمعالجتها (أي مشكلة الإكتظاظ) منذ بداية الأزمة سنة 2011، موضحة أن السلطات البحرينية منعت منذ بداية انتشار جائحة كورونا في البحرين العام الماضي مارس/آذار 2020، الزيارات العائليّة المباشرة إلى السجون واستبدلتها بالاتصال المرئي.
وأشارت غنى، إلى أن ذلك الإجراء رافقه رفع كلفة الاتصال وتقليص مدّته المسموحة للمعتقلين للتواصل مع عائلاتهم وتقليص عدد الأرقام الهاتفية المسموح لكل معتقل التواصل معها، ساخرة بالقول: “هكذا ارتأت السلطات إبعاد جائحة كورونا عن السجون”.
ولفتت إلى أن المنظّمات الحقوقيّة المستقلّة رصدت إهمال في اتخاذ التدابير الاحترازية والوقائيّة اللازمة من قبل إدارات السجون لتفادي دخول الفيروس إلى السجن، منها مخالطة عناصر شرطة السجن عوائلهم ومجتمعهم خارج السجن، ثمّ يحتكّون بالمعتقلين داخل السجن.
وبينت غنى، أن ذلك كان يتم دون التقيّد بإجراءات الوقاية اللازمة من تعقيم وارتداء مستمر للكمامات، ودون أي حسيب أو رقيب من قبل إدارات السجون، على الرغم من توجيه المطالبات إليهم من عوائل المعتقلين ومن المنظّمات الحقوقيّة المستقلّة في هذا الشأن وتحذيريهم من عواقب ما قد تؤول إليه الأمور.
وأكدت أن أهالي معتقلي الرأي كانوا قلقين جدّاً على أوضاع أبنائهم وطالبوا بتأمين البيئة الصحيّة اللازمة لحماية أبنائهم المفترض ألا يكونوا معتقلين من الأساس لأنّهم أبرياء.
وقالت الباحثة البحرينية، إن السلطات تعاطت بعد تفشّي جائحة كورونا في السجون والإعلان عن وجود مصابين، مع الحدث المستجد بكيدية، إذ أنّ أوّل إجراء اتّخذته هو حرمان المعتقلين من الاتصال بذويهم.
وأشارت إلى أن ذلك من أجل التعتيم على وقائع ما يحصل داخل السجون من استمرار في إهمال حماية المعتقلين من الإصابة بالفيروس والاستمرار في الحرمان العام من العلاج والاكتظاظ، ممّا يشكّل خطر كبير على حياة المعتقلين.
ولفتت غنى، إلى أن إدارة السجن كانت تدعي عند الاتصال بها من قبل عوائل المعتقلين للاطمئنان عليهم، أنّ ابنهم ممتنع عن الاتصال، أو تدّعي بأن ليس هناك أي إصابات بالفيروس في السجن، رغم وجودها على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الصحّة.
وأكدت أن إدارة السجن تقوم اليوم بمحاولة إرغام المعتقلين على أخذ اللقاح ضد الفيروس بأسلوب التهديد بالحرمان من الطعام أو من الاتصال أو التعذيب، رغم تخوّف المعتقلين من أخذه لما فيه من خطر على حياتهم في ظل عدم التأكّد التام من عدم إصابة المعتقلين قبل أخذ اللقاح.
وأفادت بأن عوائل المعتقلين والمنظّمات الحقوقيّة المستقلّة يطالبون بشكل حثيث بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، ويحذّرون من احتمال وقوع كارثة حصول وفيّات في السجون بسبب الإهمال الصحّي المتعمّد من قبل السلطات البحرينية خصوصاً في ظل انتشار جائحة كورونا.