قالت جماعات حقوقية إن إعدام متظاهر سعودي بتهمة ارتكاب جرائم يُزعم أنه ارتكبها عندما كان قاصرًا قد يحدث قريبًا، معربين عن خشيتهم من أن يكون إعدامه جزءًا من حملة إعدام جماعي أكبر قادمة.
ويُمكن أن يُعدم مصطفى الدرويش، البالغ من العمر 26 عامًا والمحكوم عليه بالإعدام في السعودية، في أي لحظة بسبب جرائم يُزعم أنه ارتكبها عندما كان مراهقًا، واستنفد استئنافه النهائي في نهاية مايو ولا يتطلب حكم الإعدام الصادر بحقه سوى توقيع الملك.
ونُقلت قضية الدرويش مؤخرًا من أعلى محكمة سعودية إلى رئاسة أمن الدولة بعد سلسلة من الاستئنافات.
وقالت دعاء دهيني الباحثة في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان: “هذا يعني أنه لم يعد هناك أي خطوات قانونية يمكن اتخاذها. عائلته داخل السعودية مستاءون وخائفون للغاية”.
وقال طه الحاجي المستشار القانوني للمنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان الذي مثل المتهمين في قضايا المحكوم عليهم بالإعدام في السعودية ويعيش الآن في المنفى بألمانيا إن “تنفيذ الحكم يعتمد الآن فقط على توقيع الملك”.
وأضاف الحاجي أن التوقيع الملكي لأمر الإعدام النهائي يتم خلف أبواب مغلقة ولا يوجد جدول زمني لموعد ذلك.
ووصفت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمة الحقوق القانونية ريبريف ومقرها المملكة المتحدة، قضية الدرويش بأنها مقلقة بشكل خاص.
وقُبض على الدرويش في عام 2015 لمشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة في عامي 2011 و2012 عندما كان عمره من 17 إلى 18 عامًا، وشملت التهم الموجهة إليه المشاركة في تمرد مسلح ضد الحكام، وتشكيل شبكة إرهابية مسلحة، والسعي إلى زعزعة اللحمة الوطنية من خلال مشاركته في أكثر من 10 أعمال شغب.
وقال إنه اعترف بارتكاب جرائم مختلفة تحت التعذيب، فيما قالت عائلته إنه لم يكن لديه تمثيل قانوني مناسب وإنهم لم يتمكنوا من معرفة ما يحدث لابنهم.
والدرويش هو أحد أفراد الأقلية الشيعية في السعودية التي تمثل نحو 10٪ من سكان البلاد
وفي مارس / آذار 2020، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مرسوما يعلن أن الجرائم التي يرتكبها أشخاص دون سن 18 عاما لن يعاقب عليها بالإعدام، وأن الأحكام ستقتصر بدلا من ذلك على 10 سنوات سجنا.
وفي مارس 2021، تم تغيير أحكام العديد من المسجونين وفقًا لذلك، بينهم علي النمر وداود المرهون وعبد الله الزاهر الذي كانت أعمارهم تتراوح بين 15 و17 عامًا عندما تم القبض عليهم لأول مرة.
وكان جميع هؤلاء ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، لكن يمكن الآن إطلاق سراحهم بحلول عام 2022، بالنظر إلى الوقت الذي قضوه.
“وعود كاذبة”
ومع ذلك، لا يبدو أن وعد العام الماضي ينطبق على جميع السجناء الأصغر سنا المحكوم عليهم بالإعدام، ومن بين هؤلاء الدرويش ورجل آخر هو عبد الله الحويطي، أدين بالقتل والسطو المسلح عام 2017، عندما كان يبلغ من العمر 14 عامًا، وهو يؤكد أنه بريء وأنه اعترف بعد التعذيب.
وقال الحاجي “هذه الوعود من السلطات السعودية بعدم قتل القاصرين كانت موضع ترحيب، ولكن حتى بعد تقديمها، كنا قلقين بالفعل بشأن كيفية الالتفاف عليهم”.
ومنذ عام 2018، كان لدى السعودية قانون يمنع عقوبة الإعدام على الجرائم التي يرتكبها الأحداث، لكنه في الممارسة العملية مفتوح للتفسير ويمكن التحايل عليه.
وبحسب منظمة هيومان رايتس ووتش، فقد اتُهم بعض المذنبين القصر “بالسعي لزعزعة النسيج الاجتماعي من خلال المشاركة في الاحتجاجات والمواكب الجنائزية” و”ترديد شعارات معادية للنظام”.
وصنف المدعون هذه الجرائم على أنها خطيرة للغاية بموجب الشريعة الإسلامية وطلب عقوبة الإعدام.
وقال مايكل بيج نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش في بيان: “يروج السعوديون للإصلاحات القضائية باعتبارها تقدمًا بينما يبدو أن المدعين يتجاهلونها بشكل صارخ ويواصلون العمل كالمعتاد”.
وأضاف “إذا كانت السعودية جادة في إصلاح نظام العدالة الجنائية، فعليها أن تبدأ بحظر عقوبة الإعدام ضد الجناة الأطفال المزعومين في جميع الحالات”.
انعدام الشفافية في النظام القضائي السعودي يعني أن ظروف الاعتقال يمكن أن تتغير أيضًا، بحسب ناشطين في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان.
وقالت الباحث في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان دهيني “[السلطات] تتلاعب بالشروط والأحكام. على سبيل المثال، سيبقون الشخص في السجن لسنوات، ثم قد يضيفون شيئًا إلى لائحة الاتهام ويقولون أن هذا الشخص كان بالغًا عندما ارتكب هذه الجريمة”.
إعدامات جماعية تلوح في الأفق
وبالإضافة إلى التطورات المقلقة في قضايا عقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها قاصرون، قال نشطاء في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان إنهم قلقون أيضًا بشأن الإشارات الواردة من المملكة بشأن احتمال إعدام جماعي لمحكوم عليهم بالإعدام.
وفي أبريل 2019، أُعدم 37 رجلاً دفعة واحدة في السعودية، بينهم اثنان كانا طفلين وقت ارتكاب جرائمهما.
وفي يناير 2016، أُعدم 47 رجلاً أثناء إعدام جماعي.
وتُعرف السعودية بأنها رائدة عالمية في مجال عقوبة الإعدام، لكن كانت عمليات الإعدام أقل من المتوسط في عام 2020، حيث أبلغت لجنة حقوق الإنسان في البلاد عن إعدام 27 شخصًا العام الماضي، لكن ذلك جاء بعد عام قياسي في عمليات الإعدام في عام 2019، عندما قُتل 184 شخصًا.
وقال جييد بسيوني، الذي يقود فريق ريبريف في الشرق الأوسط، إن الانخفاض في عام 2020 يمكن أن يُعزى إلى عدد من العوامل.
وأضاف “في الغالب كان لهذه القضايا علاقة بالوباء ولكن أيضًا بسبب وقف غير رسمي واضح لتنفيذ أحكام الإعدام في جرائم المخدرات غير العنيفة”.
علامات مقلقة
ويخشى نشطاء المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان من أن عدد الإعدامات على وشك الارتفاع مرة أخرى، مشيرين إلى أن العديد من عمليات الإعدام الـ 27 في عام 2020 نُفذت في نهاية العام.
وقالت دهيني “هناك عدد من القضايا الأخرى تقترب أيضًا من خياراتهم القانونية الأخيرة في الشهرين المقبلين”.
وأضافت “هناك 53 شخصًا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم حاليًا في السعودية، وفقًا لإحصاءات المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان في مارس الماضي، ويخضع 16 من هؤلاء إلى إجراءات استئناف نهائية وتم الانتهاء من ثلاثة أحكام بالإعدام، بما في ذلك حكم الدرويش”.
وأوضحت أن من بين السجناء البالغ عددهم 53 سجينًا، ارتكب خمسة منهم جرائم عندما كانوا دون سن الثامنة عشرة.
وينتمي جميع المحكوم عليهم بالإعدام تقريبًا إلى منطقة القطيف، موطن الأقلية الشيعية في البلاد.
وقالت دهيني “كل هذه الخطوات التي يتم اتخاذها الآن ستكون لها عواقب ونشعر بأن شيئًا ما يجري التحضير له”.
وقال بسيوني من منظمة ريبريف: “المشكلة هي أنه كانت هناك فجوة مستمرة بين ما تقوله السلطات السعودية بشأن إصلاح العدالة الجنائية وما تفعله”.
وأضاف “وفي الماضي، تبع الحديث عن إنهاء عقوبة الإعدام للأطفال إعدامات جماعية. وعندما نقول إن مصطفى الدرويش وعشرات آخرين معرضون لخطر الإعدام، فذلك لأنه يمكن أن يحدث بجرة قلم”.