تدرس السعودية تغيير نظام المعاشات التقاعدية لمطالبة المواطنين بالعمل لفترة أطول والمساهمة بشكل أكبر في صندوق إيرادات التقاعد، وهي ضربة أخرى لمستويات المعيشة يمكن أن تقوض جهود ولي العهد محمد بن سلمان لإعادة تشكيل الاقتصاد المعتمد على النفط.
والسعودية، التي تواجه فجوة تقدر بـ 800 مليار ريال (213 مليار دولار) في صندوق التقاعد الذي تسيطر عليه الدولة- تدرس مقترحات لزيادة سن التقاعد، وفقًا لثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر تحدثوا لوكالة “بلومبرغ”.
وقال هؤلاء إن ذلك قد يتطلب أيضًا من العمال المساهمة بمزيد من رواتبهم في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، التي تدير معاشات تقاعد القطاعين العام والخاص.
وذكروا أنه لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأن تفاصيل التغييرات وما إذا كان سيتم تنفيذها.
وحذر المسؤولون السعوديون من أن النظام الحالي غير مستدام، وهو مأزق برامج التقاعد التي واجهتها جميع أنحاء العالم حيث عاش الناس لفترة أطول.
ويبلغ سن التقاعد الرسمي حوالي 60 عامًا في السعودية، لكن حوالي ثلث الموظفين يتخذون خيار التقاعد المبكر بعد العمل 20 أو 25 عامًا فقط.
ويمكن أن تكون أي تغييرات في القواعد مثيرة للجدل محليًا.
وقلب محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، عقودًا من التوقعات بأن الدولة ستستخدم ثروتها النفطية لتزويد المواطنين بمزايا مثل البنزين والطاقة الرخيصة، والوظائف الحكومية الوفيرة والمنح الجامعية.
وكجزء من خطته لإنهاء اعتماد الاقتصاد على النفط وسد فجوة الميزانية التي خلفها انخفاض أسعار النفط الخام، أعاد صياغة العقد الاجتماعي في أكبر مصدر للنفط في العالم من خلال خفض الدعم، وفرض الضرائب وانتقاد القطاع العام المتضخم.
ويكافح العديد من السعوديين ذوي الدخل المنخفض والمتوسط من أجل التكيف، وقد أدت جائحة فيروس كورونا إلى تسريع وتيرة التغيير فقط من خلال إجهاد الموارد المالية الحكومية وتسليط الضوء على الحاجة الملحة للتنويع الاقتصادي.
وردا على سؤال حول التغييرات المقترحة على نظام المعاشات، قالت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إن دمج صناديق التقاعد والتأمين في القطاعين العام والخاص الشهر الماضي “لن يؤثر على استحقاقات التأمين لعملاء التأمين، أو على المعاشات لعملاء التقاعد، أو النسب المئوية أو توريد اشتراكات لكل صندوق، ولا عملياته أو معاملاته”.
لكن نادر الوهيبي، مساعد محافظ المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، قال مؤخرًا للتلفزيون الحكومي إن التقاعد المبكر والعمر الأطول يهددان مستقبل الصندوق.
وتم تجميد ممارسة إحالة العمال المتقاعدين بعد 20 عامًا من الخدمة مؤقتًا بعد دمج الصندوق مع المؤسسة العامة للتقاعد الشهر الماضي.
وقال الوهيبي “الأشخاص الذين سيتقاعدون في وقت مبكر الآن سوف يستنزفون كل الأموال الموجودة في الصندوق. إنهم يعيشون لفترة أطول، والمال ليس كافيا، حتى لو حققنا عوائد استثمار فلكية. يدفع العمال الآن 9٪ من رواتبهم في صندوق التقاعد”.
وأثارت تصريحات الوهيبي الحادة ردود فعل سلبية من بعض السعوديين المعروفين، وهو أمر نادر الحدوث منذ أن قاد محمد بن سلمان حملة قمع أدت إلى برود الانتقادات المحلية.
قال الروائي محمد الرطيان في منشور على تويتر “حتى لو اتفقنا على أن هذه هي الحقيقة، فلا ينبغي قولها بهذه اللغة الجافة القاسية. الناس ليسوا أرقامًا في عملية محاسبية صارمة”.