دعا تحالف المراقبة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى الوقف الفوري لاستخدام وبيع ونقل تكنولوجيا المراقبة إلى الحكومات القمعية الاستبدادية في المنطقة، بعد الكشف عن فضيحة برنامج “بيغاسوس” الإسرائيلي.
وقال التحالف، الذي يتشكل من منظمات حقوق الإنسان، إنه: “بالنظر إلى ما تكشَّف من معلومات أدَّت إلى فضح الحدِّ الذي بلغته المراقبة التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون ونشطاء الإنترنت، التي سهَّلتها برمجيات التجسس المسمَّاة بيغاسوس التي طوَّرتها المجموعة الإسرائيلية NSO، فإنَّنا نحث جميع الدول على فرض وقف تام على التعاطي مع هذه التكنولوجيا إلى أن يتم وضع إطار تنظيمي واضح يكون معنياً باعتبارات حقوق الإنسان”.
وأوضح أنه منذ التحقيق الذي أجرته منظمة سيتيزن لاب في عام 2016، الذي بيَّن أحد الاستخدامات المبكرة لبيغاسوس من الإمارات للتجسس على المدافع الإماراتي البارز عن حقوق الإنسان أحمد منصور، الذي يقضي حالياً 10 سنوات في السجن في ظروف غير إنسانية، ما فتئت صناعة المراقبة تزدهر دونما رادع.
وأشار التحالف إلى التحقيق الذي أجرته منظمة العفو الدولية ومنظمة فوربيدِن ستوريز (قصص محظورة)، بشأن مشروع بيغاسوس، والذي كشف عن تحديد الحكومات 50 ألف رقم هاتف باعتبارها أهداف مراقبة محتملة، بما في ذلك الإمارات، والبحرين، والمغرب، والسعودية.
وقال التحالف إنه: “من بين المضامين الصادمة التي كشف عنها تحقيق مشروع بيغاسوس، برزت عمليات المراقبة الجماعية واسعة النطاق التي نفَّذتها السلطات المغربية على قائمة من المستهدفين قوامها عشرة آلاف رقم هاتف، بما في ذلك أرقام عدد من قادة العالم والناشطين والصحفيين”.
وحدَّد التحليل، وفق التحالف، ما لا يقل عن 35 صحفياً استهدفتهم الحكومة المغربية ببرمجيات بيغاسوس، تمت لاحقاً محاكمتهم في ظروف تدعو إلى الريبة، أو تعرضوا إلى حملات من الترهيب والمضايقة أقرَّتها الدولة، ومن بين هؤلاء توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني، محررا صحيفة أخبار اليوم، وصدر بحق بوعشرين حكم بالسجن لمدة 15 عاما باتهامات تتصل بالاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي والاغتصاب والبغاء، كما اعتقل زميله الريسوني بتهمة الاعتداء الجنسي في أيار/ مايو 2020، وحكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات في 9 تموز/ يوليو 2021.
وأكد التحالف الحقوقي أن انتهاكات للإجراءات القانونية الواجبة والحق في المحاكمة العادلة شابت محاكمة كلٍّ منهما.
وذكر التحالف أن حكمًا بالسجن ست سنوات صدر بحق الصحفي والناشط الحقوقي المغربي عمر الراضي في 19 تموز/ يوليو 2021 استناداً إلى اتهاماتٍ مطعون في صحتها تتصل بالتجسس والاغتصاب.
وفي حزيران/ يونيو 2020، كشفت منظمة العفو الدولية أن الراضي كان استُهدف ببرمجيات NSO للتجسس بعد ثلاثة أيام فقط من قيام المجموعة بإصدار سياستها المتعلقة بحقوق الإنسان.
ولفت التحالف إلى أن “تقرير مشروع بيغاسوس كشف عن أدلة مخيفة أخرى بيَّنت أن أفراد عائلة وأصدقاء الصحفي السعودي المقتول والمقطَّعةِ أوصالُه، جمال خاشقجي، استُهدفوا ببرمجيات بيغاسوس للتجسس قبل مقتله وبعده”.
ووفقا للتحليل الذي أجراه مختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، فإنَّ هاتف خطيبة خاشقجي التركية، خديجة جنكيز، من طراز آيفون، استُهدف واختُرق بنجاح بعد أربعة أيام من مقتل خاشقجي، ومرات عديدة في الأيام التي تلت.
كما تضمَّنت الأهداف الأخرى نجله عبد الله خاشقجي وزوجته حنان العتر وصديقه والمدير العام السابق لقناة الجزيرة وضَّاح خنفر، ومحامي حقوق الإنسان البريطاني رودني ديكسون الذي مثّل جنكيز في رفع دعوى قضائية بشأن مقتل خاشقجي.
وأكد التحالف أن “هذه المعلومات تبين أنَّه ليس هناك من هو في مأمن، إذ ترددت حتى أسماء الأشخاص الذين فروا من بلادهم من أجل سلامتهم فيما تسرَّب من معلومات”.
وقد تم تحديد الصحفي الاستقصائي المقيم في باريس والمؤسس المشارك للرابطة المغربية للصحفيين الاستقصائيين هشام منصوري، الذي طلب اللجوء في فرنسا بعد سنوات من المضايقات والعنف والسجن، باعتباره هدفاً للمراقبة.
ومن بين أهداف المراقبة البارزة الأخرى التي ظهرت على قائمة بيغاسوس المسربة آلاء الصدّيق، الناشطة الإماراتية والمديرة التنفيذية لمنظمة القسط، التي قُتلت في حادث سير في حزيران/ يونيو 2021، ومؤسس منظمة القسط والمدافع السعودي عن حقوق الإنسان يحيى عسيري.
وكان كل من الصدّيق وعسيري انتقلا إلى المملكة المتحدة فراراً من التنكيل الذي لقياه في بلديهما، وفق التحالف.
وشدد التحالف على أن “الاستهداف المُشين لمئات الصحفيين والناشطين في السعودية وقطر والجزائر والبحرين والإمارات ولبنان والمغرب وتركيا ومصر- وكثير منهم كانوا قد تعرضوا منذ فترة طويلة إلى المراقبة والمضايقة والاعتقال والتعذيب والاغتيال– إنَّما يدحض مزاعم مجموعة NSO المتكررة التي لا أساس لها، القائلة إن برمجيات التجسس التي طوَّرتها تُستخدم حصراً لردع الجريمة والإرهاب”.
وقال: “ويبدو أن تصريحات المجموعة المعلنة حول كونها على استعداد لإجراء تحقيق في إساءة استخدام التكنولوجيا التي تطوِّرها واعتـزامها اتخاذ إجراءات بموجبه هي محض تصريحاتٍ لا تنفيذ فعلياً لها، على وقْعِ الفضيحة الهائلة التي تكشَّفت الأسبوع الماضي”.
وأكد أنه “ينبغي ألا تكون مثل هذه الأدوات الخطرة متاحة بيُسرٍ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.
وأشار التحالف إلى أنه “في ظل غياب أي رقابة أو تنظيم لصناعة تكنولوجيا المراقبة المزدهرة وغير المتسمة بالشفافية، وجدت الحكومات الاستبدادية في المنطقة ضالَّتها في استخدام هذه الأدوات من أجل مواصلة التنكيل بالمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، وقمع حرية التعبير ووسائل الإعلام، مع الإفلات التام من العقوبة”.
وأضاف “وفي السياقات الاستبدادية، حيث ليس ثمة شفافية أو رقابة على استخدام هذه التكنولوجيا شديدة التغوُّل، وحيث لا توجد ضمانات للخصوصية، ولا تُراعى معايير المحاكمة العادلة والضمانات الإجرائية، وحيث لا تتاح سُبل الانتصاف للضحايا، فإنَّ بيع واستخدام تكنولوجيا المراقبة يؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، ولا بد من إيقافه على الفور”.
ولفت إلى مرور عامين على الدعوة الأولى إلى الوقف الفوري لبيع ونقل واستخدام أدوات المراقبة من المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بحرية الرأي والتعبير ديفيد كاي، في أعقاب القِتلة الشنيعة التي راح ضحيتها جمال خاشقجي.
وأكد التحالف أنه “حان الوقت لتمتثل الدول إلى تلك الدعوة وتُنفِذ الوقف فوراً إلى أن يتم وضع إطار تنظيمي عالمي في هذا الشأن يُراعي حقوق الإنسان”.
ودعا التحالف الحقوقي جميع الدول إلى إنفاذ الإيقاف الفوري لاستخدام تكنولوجيا المراقبة والحصول عليها وبيعها ونقلها، ومد أمد الإيقاف إلى أن توضع ضوابط وضمانات عالمية كافية ضد إساءة الاستخدام.
وطالب التحالف بإلغاء جميع تراخيص تصدير تكنولوجيا المراقبة والعلاقات التجارية مع الدول غير الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي ترتكب انتهاكات حقوق الإنسان بشكل منهجي.
وحث على الشروع في إجراء تحقيق مستقل ونزيه ومتسم بالشفافية في حالات المراقبة الموجَّهة، ولاسيما في حالات استهداف الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وطالبي اللجوء السياسي خارج الحدود الإقليمية لبلدانهم، وضمان تمكين ضحايا المراقبة غير القانونية من استخدام سبل الانتصاف والتعويض.
وأكد التحالف ضرورة اعتماد إطار قانوني يتطلب الشفافية بشأن استخدام تكنولوجيات المراقبة والحصول عليها، وجعل هذه المعلومات متاحة في السجلات العامة على نحوٍ استباقي، بما في ذلك على المنتجات والخدمات المشتراة، فضلاً عن عقود الأعمال التجارية مع شركات المراقبة الخاصة، للسماح بالتدقيق والمساءلة العامَّين.
وشدد على أهمية المشاركة في النظم الدولية وآليات حقوق الإنسان التي تفرض ضوابط على استخدام تكنولوجيات المراقبة وتطويرها وتصديرها، ودعم تلك الهيئات.
ودعا للشروع في تحقيق جنائي لاحق في مقتل جمال خاشقجي والمراقبة الموجَّهة التي استهدفت أفراد أسرته والمتصلين به؛ وتجديد الجهود الدولية، من خلال الوسائل القضائية والدبلوماسية، لتحقيق العدالة والمساءلة.
وأكد أنه يتوجَّب على الآليات الدولية، بما في ذلك منظومة الأمم المتحدة والحكومات المعنية، أن تضع حدَّاً للمراقبة الموجَّهة التي تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، بمن فيهم الصحفيون والمدونون ونشطاء الإنترنت.
وأعضاء الائتلاف هم:
1. منظمة آكسس ناو
2. مركز الخليج لحقوق الإنسان
3. مسار (مجتمع للتقنية والقانون)
4. مراسلون بلا حدود
5. الشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (أنسم)
6. سميكس
7. الخط الأحمر للخليج
8. الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح
9. المادة 19
ووقعت المنظمات الآتية على البيان:
1. شبكة مُواطِن الإعلامية
2. مجموعة الشرق الأوسط وشمال إفريقية لحقوق الإنسان
3. منظمة سكاي لاين الدولية لحقوق الإنسان
4. مركز القلم الدولي – مركز العراق
5. الجمعية العُمانية لحقوق الإنسان
6. مركز مترو للدفاع عن حقوق الصحفيين
7. المرصد العراقي لحقوق الإنسان
8. حركة المسيحيين من أجل إلغاء التعذيب – ألمانيا
9. المركز العُماني لحقوق الإنسان
10. المركز السوري للدراسات والبحوث القانونية
11. منظمة يمن للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية
12. الجمعية العراقية الدفاع عن حقوق الصحفيين
13. المعهد اليمني للشؤون الاستراتيجية
14. المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان
15. منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان
16. رابطة الصحافة البحرينية
17. الرابطة الدولية لمحامي الشعب
18. مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف – مصر
19. المركز السوري للديمقراطية والحقوق المدنية في سوريا
20. مجموعة لا للعنف
21. شباب بلا حدود – تونس
22. منظمة صدى لدعم المرأة والطفل
23. حركة المسيحيين من اجل إلغاء التعذيب – بلجيكا
24. حركة المسيحيين من اجل إلغاء التعذيب – إيطاليا
25. مؤسسة حرية الفكر والتعبير
26. منظمة القسط لحقوق الإنسان
27. منظمة الحقوق والحريات
28. منظمة بيننا
29. مؤسسة سمير قصير
30. المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان
31. إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان
32. الحملة الدولية للحرية في الإمارات
33. لا سلام دون عدالة