شدوى الصلاح
قال مؤسس ورئيس مؤسسة قرطبة للتحاور بين الثقافات أنس التكريتي، إن الصحفي جمال خاشقجي الذي اغتاله النظام السعودي، أصبح علماً يعرف في كل أنحاء العالم، بينما فضح النظام السعودي على المسرح العالمي بأنه مافيا عصابية بلطجية همجية مستبدة.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن خاشقجي الذي اغتاله النظام السعودي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين 2018، أصبحت الكثير من الجوائز العالمية والمؤسسات والحملات والميادين والشوارع تسمى باسمه.
وأشار التكريتي، إلى أن إحياء ذكرى اغتياله تعقد لاستذكار جمال خاشقجي كرمز لقضية الحرية والدأب والنضال والكفاح لأجل التحرر من الاستبداد، مشيراً إلى أن خاشقجي حقق من خلال موته أكثر بكثير مما كان يأمل تحقيقه في حياته، وأصبح درس لكل من يناضل ويكافح عن حقه.
وتابع: “بعد مرور 3 سنوات من اغتيال خاشقجي لا تزال صورته وسيرته وكلماته تخفق عالياً وتكرس لكل من يسعى لأجل التحرر والانعتاق من بوتقة الاستعباد، وترسم له طريقاً وصورة وبذلك يستحق أن يكون أيقونة وحري بخاشقجي مثل هذه المكانة”.
واستطرد التكريتي: “خاشقجي استطاع أن يعيد للأذهان صورة الإعلام الذي يعد من أنبل وأشرف المهن، في الوقت الذي أصبحت صورة الإعلام سلبية لأنه بات قريناً بنقل الأكاذيب والفبركات والمسائل التافهة وغيرها من الافتراءات”.
ولفت إلى أن خاشقجي سعى للبحث عن الحقيقة رغم كل المصاعب خاشقجي ولم يمارس العنف ولم يكن يحمل السلاح ولا ينتمي إلى ميليشيا بل كان يحمل القلم والكلمة فقط، وأعاد للإعلام بشكل عام رونقه الذي ينبغي أن يتحلى به، وهي صورة الإنسان الذي ضحى بالغالي والنفيس لأجل كلمة الحق”.
وأكد أن خاشقجي وسنواته الأخيرة من حياته، وطريقة اغتياله فضحت حقيقة الاستبداد، وبشاعته، وأن النظام المستبد لا يكتفي بظلم المواطنين داخل أرضه، وإنما يلاحقهم أينما ذهبوا، مشيراً إلى أن المستبد يشعر أن أيديه لا تحدها حدود ويمكن أن يصل إلى أي مكان في العالم، ويمارس ما شاء بخصومه لإسكات كلمة الحق.
واعتبر رئيس مؤسسة قرطبة، أن موت خاشقجي أبرز الوجه القبيح للنظام السعودي الذي يقوم على رعاية البقاع الدينية، وأجهزته الأمنية، وتفننه في الغدر واستدراك الإنسان الآمن لكي يلقى حتفه بطرق وحشية همجية بهيمية، مؤكداً أن هذا هو وجه الاستبداد وحقيقته.
وحذر كل من يظن أن مجرد الصمت عن الحديث في القضايا السياسية أنه سينجو بذلك، قائلاً: “لابد أن تفهم أن الاستبداد لا يرحم أحد وليست له حدود ولا يتوقف عند سقف معين، لأن المستبد يتمادى للانتقام وإرضاء نزعته الانتقامية من أي إنسان يحاول رفع صوته وانتقاده”.
وأشار التكريتي إلى أن ذلك يتم دون مراعاة أخلاق ولا دين ولا إنسانية ولا عرف ولا قانون، قائلاً إن خاشقجي أدى خدمة عظيمة لكل الباحثين عن الحرية والكرامة الإنسانية، بتعريفهم أن الاستبداد لا يوجد أسوء وأبشع منه ومن المستبد، وينبغي الثورة عليه في كل عصر ومكان وحين”.
وأضاف أن خاشقجي فضح لا أخلاقية المنظومة العالمية والدولية التي اهتزت لتفاصيل قتله، دون تصديق، ولكن بعد تكشف الحقائق لم يقاطع أحد النظام السعودي أو يعاقبه أو حتى طالب بتسليم القتلة ومن يقف وراءهم إلى المؤسسات القانونية الدولية لمعاقبتهم.
ولفت التكريتي إلى أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أول من قال من المسؤولين الدوليين، إن الأرجح أن ولي العهد محمد بن سلمان، أصدر قرار بقتل خاشقجي، إلا أنه حين سئل عن الأسباب التي تجعله يواصل تعامله مع السعودية أجاب بأنه لن يترك عقود بمئات المليارات حتى تقتنصها روسيا”.
وأوضح أن هذا يعني أنه أعلن بشكل صريح أن المصالح الاقتصادية والتجارية تفوق قيمة الإنسان وحقوقه، متعجباً من أن هذه هي المنظومة الدولية التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة وحرية الكلمة والإعلام والصحافة وحرمة مساس الصحفي والإعلامي.
واستنكر التكريتي، تعامل المنظومة العالمية مع النظام السعودي، والدفع بالمصالح الاقتصادية والتجارية وغيرها، دون أن تعبأ بخاشقجي الذي أصبح مجرد رقم بالنسبة لها، مؤكداً أن المنظومة الدولية كلها سقطت في اختبار مقتل خاشقجي.
وأضاف أن المنظومة الدولية أثبتت أن المصالح تُهزم أمام حقوق الإنسان، ما يعني أن المجتمع الدولي في خطر لأن المصالح الاقتصادية تفوق القيم والمعايير الإنسانية المتفق عليها، جازماً بأن الشعوب لن تنسى ذلك، ويختزن ما حدث في ذاكرتها.
وأكد التكريتي، أن النظام السعودي أصبح نظاماً أشبه بنظام العصابات رغم تعامل النظام العالمي معه رغبة في تحقيق مصالح اقتصادية، لكنه يعرف أنه نظام مافيا عصابية بلطجية تحكم، قاردة على ارتكاب بشاعات مثل ما فعلت مع خاشقجي دون التفات العالم.
واستطرد: “النظام السعودي سقط من عيون شعوب العالم وفي عيون أبناءه رغم كثرة الذباب الإلكتروني التابع له، لكن في نهاية المطاف النظام السعودي كشف على المسرح العالمي، بأنه ارتكب جريمة بشعة بحق أحد أبناءه”.
ووصف رئيس مؤسسة قرطبة، النظام السعودي بأنه “نظام بائس هجمي بشع ظالم مستبد لا يستحق أن يقوم برعاية شؤون الشعب السعودي ومقدسات الحرمين ولا أن يكون قبلة لمليارات شعوب العالم، لأنه سقط سقوطا مروعاً بكل المعايير، بسبب ما فعله بخاشقجي”.