شدوى الصلاح
قال المستشار القانوني وخبير حقوق الإنسان ناصر يحيى، إن ما تكشف في وثيقة الطب الشرعي بشأن تعرض شيخ الحقوقيين الدكتور موسى القرني أحد إصلاحي جدة، للضرب على الرأس والوجه، مما أسفر عن وفاته في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2021، يعد عملية قتل غير مباشر من قبل سلطات السجن.
واستنكر في حديثه مع الرأي الآخر، تحريض السلطات السعودية جماعة ما بضرب القرني ضرباً مبرحاً على الرأس و الوجه، علماً أنه يتعرض لجلطات في الدماغ، وقتله باستخدام النزلاء التكفريين كسلاح قتل، مشيراً إلى أنها تحاول بذلك إبعاد الشبهات عنها وربما إلقاء التهم على الغير.
وأضاف يحيى، أن بغض النظر عن سبب الوفاة المباشر، فبلا شك ساهم التعذيب والإهمال الطبي والأمني الذي تعرض له القرني، في تدهور وضعه الصحي وتعرضه لجلطات، مما أودى بحياته، واصفاً عدم تسليم جثمانه بأنه “تستر وتشفي بروح القتيل وإذلالاً لأهله الذين لم يسلموا من الإهانات طوال سنين سجن القرني”.
وأكد أن تسليم الجثمان حق إنساني لأهل المتوفي واحتراماً لحرمة المتوفي، قبل أن يكون حق وواجب قانوني، محذراً من التبعات النفسية والاجتماعية لعدم تسليم الجثمان لما فيه من مخالفة العرف العام ومراسيم العزاء المتبعة.
وأوضح يحيى، أن من الناحية القانونية، فإن نظام السجن والتوقيف السعودي ينص على “إذا توفي المسجون أو الموقوف فيجب إعداد تقرير طبي تفصيلي عنه، وعلى مدير السجن رفع هذا التقرير إلى الجهة المختصة مع إشعار أهل المسجون أو الموقوف للحضور لتسليم جثته”.
وعد امتناع السلطة عن تسليم الجثمان بدون مبرر “انتهاكاً للنظام ولكرامة المتوفى وحقوق أهله”، قائلاً إن عدم السماح لأهل القرني برؤية جثمانه، يبدو كمحاولة لإخفاء آثار التعذيب والإهمال الطبي الذي تعرض له كما وصفته كثير من تقارير حقوق الإنسان”.
وذكر يحيى، بالأخبار التي نشرت في ٢٠١٨ بشأن تعرض القرني للتعذيب أثناء فترة سجنه مما أدى لتعرضه لجلطة، بالإضافة إلى ما نشر من قبل عن أساليب تعذيبه النفسية و الجسدية، متطرقاً إلى ما ذكره رئيس مجلس إدارة منظمة سند الحقوقية الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي عبر حسابه في تويتر، عن وضع القرني في عنبر مليء بالنزلاء التكفيريين.
وأشار إلى تأكيد الغامدي، تحريض هؤلاء النزلاء للتعرض للقرني، حتى أنهم ضربوه أكثر من مرة، منتقداً عدم ذكر تقرير الطب الشرعي الخاص بوفاة القرني، المرض الأصلي الذي يعاني منه وهو إصابته بجلطات دماغية، وإشارة الطبيب الشرعي الدكتور عبدالله الجدعاني إليه دون ذكره.
ورأى المستشار القانوني وخبير حقوق الإنسان، أن هذه التعاملات مع المساجين والموقوفين في سجون السلطات السعودية ليست بالغريبة، لافتاً إلى كشف منظمات حقوقية عديدة عن كثير من المواقف التي يتعرض لها المساجين، خاصة معتقلي الرأي.
ولفت إلى نشر المنظمة الحقوقية هيومن رايتس واتش تقرير مفصل فيه شهادات من موظفين بالسجون السعودية، تؤكد التعذيب الممنهج في سجون أمن الدولة، من تعذيب وتحرش جنسي سبق وتعرضت له الناشطة الحقوقية لجين الهذلول، وغيرها من النساء المعتقلات.
وأعرب يحيى، عن أسفه على حدوث ذلك رغم أن الأنظمة والقوانين السعودية تمنع وتجرم التعذيب، متهماً رجال الدولة بخرق الأنظمة دون أي محاسبة أو رد اعتبار، مثل ما حدث في قضية لجين الهذلو، إذ لم يتم محاسبة الذين تعرضوا لها بالتحرش الجنسي رغم رفعها بلاغ رسمي للجهات المختصة بذلك.
وقال: “ربما يتم التسليط الكثير على أوضاع وظروف احتجاز معتقلي الرأي في سجون أمن الدولة، إلا أن الأوضاع مشابهة في جميع السجون السعودية، وجميع المساجين يتعرضوا للتعذيب والتنكيل و الإهمال الطبي والأمني و انتشار المخدرات”.
وأكد يحيى، أن السجون في السعودية تخضع لنظام السجن والتوقيف، الذي يشرف على تنفيذه وزير الداخلية، ورئيس أمن الدولة في القضايا التي تخص الأمن الوطني، ويسمح النظام بتخصيص أماكن حجز خاصة لقضايا أمن الدولة مما يجعل المسؤولية مشتركة بين الوزارة ورئاسة أمن الدولة بناء على نوع القضية.
وأضاف أن بغض النظر عن الجهة المسؤولة، فانعدام سبل الشكوى ورد الاعتبار يبدو كامتداد لمنهجية للتعذيب النفسي للنزلاء وأهلهم، مطالباً بإطلاق سراح كافة معتقلي الرأي والمغيبيين قسرياً دون قيد أو شرط.