على الرغم من ضجيج النظام الجزائري المستمرة مع تصاعد التوترات مع المغرب، يبدو أن معظم الجزائريين قلقون بشأن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد أكثر من قلقهم بشأن رواية الحكومة لمؤامرة أجنبية لزعزعة استقرار الجزائر.
وأظهر تقرير صادر عن الباروميتر العربي في عام 2019 أن 2٪ فقط من الجزائريين يعتبرون المخاوف الأمنية من أهم تحدياتهم، مع كون الاقتصاد هو الشاغل الأكثر إلحاحًا.
ويظهر الاستطلاع أن معظم الجزائريين لا يوافقون على روايات “العداء المغربي” والمؤامرة الإقليمية ضد المصالح الجزائرية التي تروج لها السلطات الجزائرية.
ففي المستقبل، يشعر معظم الجزائريين بالقلق من المخاوف الاقتصادية والأمنية المحلية، بدلاً من التدخل الأجنبي.
وكان الاقتصاد من بين الاهتمامات التي ورد ذكرها في التقرير. وفقًا لاستطلاع الباروميتر العربي، اعتبر 40٪ من الجزائريين القلق الاقتصادي الوطني على أنه همهم الأول، بينما اعتقد 22٪ فقط أن الوضع الاقتصادي المقلق في البلاد سيتحسن قريبًا.
واحتل الفساد المرتبة التالية في القائمة، حيث ذكر 22٪ من المشاركين أنه مصدر قلق كبير. وهذا يدل على أن إحباطات السكان تمتد إلى نظام الحكم بأكمله في البلاد، وليس مجرد جانب واحد منه.
كما واجهت الخدمات العامة انتقادات، إذ يفصّل التقرير أن ثلثها فقط راضٍ عن حالة التعليم والخدمات الصحية في البلاد، حيث يأتي معظم الإحباط من مناطق خارج العاصمة الجزائر.
وجاء استطلاع الباروميتر العربي خلال الاحتجاجات التي عارضت حكم بوتفليقة، وأظهر المزيد من الإحصائيات المتعلقة بالنشاط السياسي والأداء الحكومي ومطالب الجزائريين.
ويكشف التقرير أن الجزائريين يدركون أكثر من أي وقت مضى أن مشاكل البلاد تأتي من مشاكل اقتصادية وسياسية داخلية، مما يعني أن الحلول ستعتمد إلى حد كبير على الإصلاحات المحلية، بدلاً من إثارة الخوف من الجهات الأجنبية.
يُشار إلى أن الباروميتر العربي عبارة عن شبكة بحثية غير حزبية تأسست من خلال شراكة بين جامعة برينستون وجامعة ميشيغان وشركاء محليين من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وتمتلك الشبكة أكبر مستودع عام للآراء العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتقوم بإجراء أبحاثها في موجات منذ عام 2006.
وعلى الرغم أن دراسة الباروميتر لأهم اهتمامات الجزائريين عمرها عامين، فإن احتجاج الجزائريين المستمر على عدم وجود إصلاحات سياسية لاحقة يشير إلى أن استنتاجات التقرير لا تزال ذات صلة.
وفي أواخر سبتمبر، كتب الصحفي الجزائري الشهير كامل دواد نقدًا لاذعًا لافتقار الجزائريين منذ فترة طويلة إلى المعنى والآفاق حيث تواصل النخبة السياسية نفسها تصنيع نفس الأعداء الأجانب لإخفاء فشلهم في الوفاء بوعودهم الانتخابية.
وقال دادود إن الجزائريين يغادرون بلادهم بأعداد كبيرة لأن “الجزائر تفتقر إلى المعنى” وهي غارقة في عقود من الفشل السياسي ونخبة حريصة على اكتشاف الأخطاء في مكان آخر بدلاً من تحمل المسؤولية.
وكتب: “لا كراهية فرنسا أو المغرب، ولا الصلاة ولا كرة القدم، ولا تخيلات النظام بشأن فلسطين يمكن أن تحل محل هذا النقص الأساسي” في المعنى السياسي والآفاق الاقتصادية.