شدوى الصلاح
أرجع الكاتب السياسي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مأمون أبو عامر، السبب الرئيسي في نجاح الكيان الإسرائيلي في اختراق الأنظمة العربية وتوقيع اتفاقيات وزيارات وجولات مكوكية، لظن رؤساء تلك الأنظمة أن تل أبيب بوابة للحفاظ على كراسيهم.
وأشار في حديثه مع الرأي الآخر، إلى حالة الهشاشة في النظام الإقليمي “العربي” عامة، وشعور كل دولة أنها بمعزل عن السياق العام، ولذلك يبحث كل زعيم عربي عن مصالحه الخاصة وعلى رأسها الحفاظ على النظام السياسي.
وأضاف أبو عامر: “هنا تبرز مشكلة أن العديد من الدول العربية وضعت نفسها في إطار تحالفات ضد قوى إقليمية “خاصة إيران” باعتبار سياساتها تهدد هذه الدول، مما ساهم في ظهور العديد من التصريحات غير الودية من الزعامات الإيرانية .
ولفت إلى أن الحاجة إلى الاحتلال الإسرائيلي زادت من نجاحه في تسويق نفسه في مجال الخدمات الأمنية التكنولوجية في مواجهة التهديدات الداخلية، خاصة مع حالة السيولة في الشارع العربي.
وتابع أبو عامر: “بالإضافة إلى التراجع العسكري الأميركي في المنطقة، خاصة بعد تقليص عدد من الجنود وسحب بعض المعدات العسكري الحديثة مما أنتج فراغ لا يملأه إلا طرف أساسي تقبل به أميركا، ويكون عدو لإيران وهذا ما حدث في الحالة الخليجية”.
واستطرد: “أما في الحالات الأخرى مثل المغرب والسودان فإن أزمة الشرعية واستقرار النظام السياسي والاقتصادي معتمد على القبول الغربي لهذه النظم السياسية، وهنا تبرز إسرائيل كبوابة للعالم الغربي عبر واشنطن”.
واستدل أبو عامر، على ذلك، بقول وزيرة الداخلية الإسرائيلية اليمينية المتشددة أيليت شاكيد، في حوار لها مع “تايمز أوف إسرائيل” الأسبوع الماضي، إن توسيع عملية التطبيع العربي مع إسرائيل التي بدأت العام الماضي، تتطلب تقديم واشنطن حوافز للدول المرشحة.
الوزيرة الإسرائيلية رأت أن (الإمارات والبحرين والمغرب) يصنعوا ما اسمته السلام مع إسرائيل، ليس فقط لأن لديهم مصلحة في صنع السلام مع إسرائيل، لكن أيضا لأن لديهم مصلحة مع الولايات المتحدة.
وأكد أبو عامر، أن لذلك يشعر الجميع بالحاجة إلى الكيان الإسرائيلي، سواء كان على مستوى استقرار الدولة أو النظام، موضحا أن الموقف الشعبي “مهمش” في ظل النظام العربي، ولا يستطيع الحرك لمهاجمة هذا النهج ومحاصرته، إلا بهامش ضيق في بعض البلدان.
واستدل على ذلك بالنموذج السوداني، مشيرا إلى أن ما نشهده هناك من أزمة هو خلاف بين المكون المدني الشعبي الرافض للتطبيع والمكون العسكري المدعوم من القوى الخارجية الداعم للاستمرار بنهج التطبيع بحجة رفع العقوبات المفروضة على السودان .
وأكد المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، أن لب المشكلة أن الأنظمة العربية تخاف من التحولات الديمقراطية، وبالتالي استخدمت أدواتها الأمنية لاختراق هذا الحراك من خلال تصدير منظمات إرهابية مثل “داعش” لم تكن ذات أهمية في الشارع العربي، للمشهد.
وأضاف: “كان عملية التحول الديمقراطي لا بد أن تمر بمسار إجباري وهو الحالة الداعشية بما تعنية من دمار وتخريب، وأصبح خيار المواطن العربي إما السكوت والرضى بالواقع أو التحول إلى فوضى التدمير الداعش” .