حذر كاتب يمني من أن قرار السعودية بخفض العمالة اليمنية في المملكة قد يدفع المسرّحين إلى العودة لبلادهم والالتحاق في صفوف المتمردين الحوثيين كمصدرٍ للرزق.
وأوضح الكاتب عادل دشيلة في تقريرٍ له لصالح مركز كارنيغي للشرق الأوسط – مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي أن التداعيات الأمنية والعسكرية للقرار السعودي مقلقة أيضًا، حيث سيبحث العمال اليمنيون، الذين يعودون إلى اليمن عن مصدر بديل للدخل ومن المرجح أن يكونوا مجندين جذابين للغاية للمتمردين الحوثيين والقاعدة.
وذكر الكاتب أن القرار السعودي فيه تكرار سيناريو كارثي سابق، حيث في عام 2013، طبقت الحكومة السعودية نظام وطني لتنظيم العمالة الأجنبية في البلاد مما أدى في النهاية إلى عمليات ترحيل واسعة النطاق للعمال غير النظاميين، وكثير منهم يمنيون.
وشكل التدفق الذي أعقب ذلك من المرحلين اليمنيين من المملكة ضغوطاً هائلة على حكومة الوفاق الوطني. وللتخفيف من هذا الضغط، دعت الحكومة اليمنية الحكومة السعودية إلى استبعاد اليمنيين من اللوائح الجديدة وحذرت الرياض من أن جماعة الحوثيين عبر الحدود ستستغل الوضع الذي قد يضر في النهاية بالأمن القومي السعودي. ومع ذلك، رفضت الرياض تغيير سياستها.
يُشار إلى أنه في يوليو 2021، أعلنت المملكة عن لوائح جديدة تحدد النسبة المطلوبة من العمال الأجانب في مؤسسات القطاع الخاص في المملكة، وتقيِّد اليمنيين بنسبة 25٪ فقط.
جاء ذلك بمثابة صدمة للجالية اليمنية في البلاد، الذين اندلعت بينهم موجة من السخط في أغسطس الماضي.
ومن المتوقع أن يكون للقرار آثار سياسية واقتصادية وإنسانية عميقة على اليمنيين الذين يعيشون في المملكة العربية السعودية، وكذلك على أسرهم الممتدة في الوطن.
ويهدف إطار رؤية السعودية 2030 الذي أعلنه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى خفض معدل البطالة بين السعوديين إلى 11 بالمائة بحلول نهاية عام 2021، وإلى 7 بالمائة بحلول عام 2030.
وقال الكاتب: “الرؤية هي برنامج وطني ينشر “توطين الوظائف” أو ” السعودة “وهو مبدأ يستلزم قصر المهن المختلفة حصريًا على المواطنين السعوديين وزيادة الرسوم الشهرية التي يدفعها العمال الوافدون بشكل كبير. على الرغم من أن هذا قد يبدو وكأنه سياسة داخلية، إلا أن حقيقة أنه يستهدف على وجه التحديد 1.5 مليون مغترب يمني يعملون في السعودية ويدعو إلى التشكيك في دوافع الدولة التي تزعم دعمها لليمنيين في حياتهم الحالية.
من ناحيتها، قالت “هيومن رايتس ووتش: “إن السلطات السعودية تسرح فعلياً وتهدد بإعادة المئات، وربما الآلاف، من المهنيين اليمنيين قسراً إلى النزاع المستمر والأزمة الإنسانية في اليمن”.
وبررت الرياض هذه الخطوة بالادعاء أن هدفها هو تحرير الوظائف للمواطنين في الجنوب كجزء من جهودها لمعالجة معدل البطالة 11.7٪. كما كانت مدفوعة باعتبارات أمنية في المناطق الجنوبية بالقرب من مناطق الحرب النشطة، حيث يقاتل تحالف تقوده السعودية جماعة الحوثي اليمنية.
وعلى الرغم من التراجع عن القرار في بعض المؤسسات الأكاديمية والطبية، إلا أنه سيؤثر على عشرات الآلاف من اليمنيين العاملين في المملكة وسيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل السلام في اليمن، وكذلك على الإنسانية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، والديناميكيات السياسية، بما في ذلك العلاقات السعودية اليمنية.
وعلى المستوى الإنساني، كان للنزاع في اليمن بالفعل تأثير مدمر على البنية التحتية للبلاد وتسبب في نزوح داخلي لأكثر من 4 ملايين يمني.
وإذا استمرت السلطات السعودية في هذا القرار الجديد، فسيضطر آلاف العمال اليمنيين إلى العودة إلى بلد يعاني من كارثة إنسانية متصاعدة، وستفقد العديد من العائلات سبل عيشها في وقت لا توجد فيه بدائل.
ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، فإن مجاعة واسعة النطاق باتت وشيكة، ومع دخول الصراع عامه السابع، فإن ما يقرب من 21 مليون شخص، أي أكثر من 66 في المائة من إجمالي سكان اليمن، في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية. سيؤدي تسريح العمال اليمنيين إلى تفاقم الكارثة المستمرة وزيادة العبء الملقى على عاتق المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى لمحاولة معالجة الأزمة التي ستخرج حتمًا عن السيطرة.