انتقدت المتحدثة الرسمية باسم حزب التجمع الوطني السعودي الدكتورة مضاوي الرشيد نظام الكفالة السعودي الذي يتيح للكفيل حق التسلط والتحكم في العامل وانتهاك حقوقه، وأن هذا النظام هو نوع من العبودية العصرية.
جاء حديث الرشيد خلال مناقشتها كتاب “تاريخ العبيد في الخليج العربي“ للمؤرخ الكويتي الدكتور هشام العوضي، والصادر عن دار التنوير، وذلك في لقاء لها عبر قناة “ديوان لندن” عبر يوتيوب.
وأشادت باستخدام الكاتب مصطلح ”العبيد“، وأنه كان اختياراً موفقاً ومناسباً بالرغم من عدم استخدامه في العصر الحالي، قائلة إن الكاتب فضّل اختياره ليشير إلى حقيقة ”الرق“ في المجتمعات العربية والخليجية.
وأشارت الرشيد إلى نجاح الكاتب في تسليط الضوء على ما صمت عنه المؤرخون السابقون في مرحلة تأسيس دول الخليج في القرن العشرين، والتي كُتبت بتحيز لإظهار الأوجه الحسنة للحقائق التاريخية، وتجاهل علامات الاستفهام التي تخللت التاريخ.
كما أثنت على توثيق الكاتب للحقائق واعتماده على المرويات المحلية والأرشيف البريطاني الثري بالتأريخ لفترة معاصرة في دول الخليج بدافع وجودهم وتواجد قنصلياتهم داخل الدول.
وبيّنت نجاح الكاتب في الإشارة إلى “تاريخ الرق الأسود“ كما وصفته الرشيد، وتنويهه إلى أهمية اليد العاملة المملوكة من قبل أسيادها، مُشيرة إلى هدف الكتاب في إيضاح الفروقات بين العبيد في الجزيرة العربية وطبيعة عملهم مثل العمل في الجيش، وجمع الضرائب والعمل في المنازل، والعبيد في الولايات المتحدة الذين كانوا يعملون بالزراعة والحقول.
وأوضحت الرشيد أن عدد ”العبيد“ في القرن الـ19 تجاوز المليون، وكانوا يعاملون بقسوة وعنف في غالب الأحيان، وبالرغم من اهتمام الإسلام بحسن معاملة العبيد، إلا أن الواقع البشري أساء إلى هذه الفئة بحسب ما ورد في الكتاب.
وتطرقت في عرضها للكتاب إلى قضية الهوية التي وُفق الكاتب في تناولها ولون البشرة وتحيّز المجتمعات لأصحاب البشرة البيضاء، رغم الخطابات الدينية والثقافية بعدم العنصرية، مُشيرة إلى الثقافات التي امتزجت نتيجة جلب العبيد من البلاد المختلفة.
وأضافت أن “الخطاب الرسمي التاريخي في هذه المنطقة من الكويت إلى عمان مروراً بالسعودية كان يتجاهل هذه الثقافة المخضرمة ويركز على نقاء الأصل وعلى الثقافة العربية في الوقت الذي كان يرفض فيه الاعتراف بأن ثقافتنا الحالية هي نتاج سنوات وقرون من التمازج الحضاري مع شعوب أخرى جاءت بطريقة غير إنسانية متمثلة في سرقة البشر وبيعهم في الأسواق “.
ورأت الرشيد أنه بالرغم من نظرة الكتاب على الماضي إلا أنه يدق على وتر حساس في الحاضر المعاصر، مؤكدة أن من يدعي الأصالة لا يعتمد على تاريخ واقعي وحقيقي.
ولفتت في تناولها للكتاب إلى أن النمو الاقتصادي قبل عصر النفط كان يعتمد على العبيد والعوام الذين لا يمكن أن تغفلهم ذاكرة التاريخ، موضحة أن تجارة العبيد كانت تتبع النظم الثقافية في المجتمعات، وكان اقتناء عدد أكبر من العبيد من دواعي التباهي بين العائلات.
وأفادت أن هذه الفئة من العبيد عانت من الأمراض الشائعة بينهم مثل أمراض الرئة والتنفس، في الوقت الذي افتقدوا فيه إلى الرعاية الطبية اللازمة والمخاطرة بحياتهم في سبيل خدمة مالكيهم.
وتابعت: “تحرير العبيد تم في القرن العشرين في تاريخ متأخر في منطقة الخليج، وألغت البحرين الرق عام ١٩٣٧، وألغته الكويت وقطر ١٩٥٢، أما السعودية فتأخرت إلى عام ١٩٦٢، وتبعتها الإمارات عام ١٩٦٣، وانتهى الأمر بعمان التي ألغته عام ١٩٧١”.
واختتمت الرشيد مناقشتها حول فتح هذا الملف بطريقة أكاديمية بالرغم من حساسيته، قائلة: “كان لابد للتأريخ أن يكتمل بحيادية حتى نتعلم من الماضي ونبتعد عن التمييز العنصري وترك النظرة الدونية لبعض المهن، بالإضافة إلى تسليط الضوء على هذه المفاهيم”.