استنكر ناشطون حقوقيون تضاعف عدد حالات الإعدام بالسعودية خلال العام الحالي، وتزايد أعداد المهددين بالإعدام، رغم وعود السلطات في هذا الملف، مؤكدين تصاعد الإعدامات في المملكة منذ وصول محمد بن سلمان لولاية العهد في يونيو/حزيران 2017.
وفي كلماتهم بالمؤتمر الثاني الذي عقدته المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، افتراضياً، أمس 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، بالتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، أشاروا إلى أن أغلب المحكومين بالإعدام اعترفوا بجرائم لم يرتكبوها تحت تهديد القتل.
واستنكر الناشطون الحقوقيون استخدام النظام السعودية لعقوبة “الإعدام تعزيراً” كأداة انتقامية من المعارضين السياسيين ومعتقلي الرأي، لأنه يُجرم المعارضة السياسية، مستهجنين انقطاع سبل دعم المعتقلين الذين يواجهون خطر القتل حاليا.
مدير مركز الجزيرة العربية محمد العمري، أكد أن النظام السعودي لا يلتزم بالاتفاقات التي يوقع عليها، موضحا أنه لا يمكن معرفة ما يجري أثناء المحاكمات السرية، بسبب عدم الحضور الإعلامي ليكون شاهداً على عملية التقاضي.
وأوضح أن أغلب الإدانات جرت عن طريق التعذيب والاعتراف بالإكراه في ظل اختفاء الأدلة، مؤكدا أنه حتى في حال وجودها بالنسبة للمعتقلين السياسيين، تكون حول مشاركتهم بمظاهرات سلمية أو تغريدهم على تويتر.
وأشار العمري، إلى أن التحقيق في الانتهاكات داخل السجون غير مسموح، وأن الإعدامات في السعودية تنفذ من خلال مرسوم ملكي، موضحاً أن النظام يسمح بالتلاعب في إصدار أحكام الإعدام بقصد قمع المعارضة السياسية.
واتهم النظام بإصدار أحكام بالإعدام لمجرد تبني وجهة نظر مخالفة له، مستنكرا انتزاع ضباط التعذيب الاعترافات من المعتقلين تحت الضغط، كما حدث في قضية الطفل عبد الله الحويطي -اعترف تحت التعذيب-، الذي حُكم بالإعدام، ثم صدر حكم بإدانته 4 سنوات.
وبدوره، قال عضو الهيئة القيادية في حركة خلاص حمزة الشاخوري، شقيق المحكوم بالإعدام محمد الشاخوري، إن أحكام الإعدام بالسعودية تجاوزت الـ 100عام منذ تولي الملك عبد العزيز آل سعود الحكم، بسبب دعم الدول الأوروبية بقاء النظام مقابل صفقات الأسلحة.
ولفت الشاخوري، إلى أن مئات الشهداء سقطوا من شدة التعذيب أو نفذ عليهم حكم الإعدام، مذكرا بما تعرّض له الشيخ نمر النمر الذي نُفذ فيه حكم الإعدام وما زالت السعودية تخفي جثمانه كغيره من مئات المحكومين بالإعدام.
ورأى أن “القمع السلماني تجاوز الصمت”، مستدلا باغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الثاني 2021، والتي أبرزت الإجرام السعودي وبشاعته وقمة القمع الذي يُطبق في الخفاء.
ومن جهته، أكد نائب رئيس المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان عادل السعيد، أنه منذ تولي الملك سلمان حكم السعودية، وسيطرة ابنه على مقاليد الحكم، شهدت السعودية تصاعدا مخيفا في عملية الإعدام.
وأوضح أن معظم الأحكام كانت تعزيرية، صادرة من قضاة يستندون إلى مفاهيم متشددة في الدين، أو يأخذون الأوامر من الجهات الأمنية بالسعودية، مشيرا إلى تصدر السعودية رأس قائمة الدول التي تنفذ عقوبة الإعدام في العالم بالأحكام المنفذة.
وأشار السعيد، إلى أن السلطات السعودية هددت حياة العشرات من الأشخاص، بالتزامن مع وعود رسمية تتعلق بتحسين وإصلاحات متعلقة بعقوبة الإعدام، أبرزها وعد ولي العهد محمد بن سلمان في أبريل/نيسان 2019.
وذكّر بتنفيذ إعدامات جماعية عقب وعد بن سلمان، بحق 37 شخصا بينهم أطفال، كانت تُهم غالبيتهم “غير عنيفة”، مؤكدا أن المحاكمة كانت تفتقر لأبسط شروط العدالة، مشيرا إلى تضاعف أرقام الإعدام المنفذة في نفس العام الذي قدم فيه بن سلمان وعوده.
وسخر السعيد، من تغني الجهات الرسمية بانخفاض معدلات الإعدام في عام 2020 الذي شهد ظهور جائحة كورونا وكانت في أوجها، متهكما على تصريح هيئة حقوق الإنسان بأن ذلك إنجاز بالإصلاحات القضائية في هذه القضايا.
ورفض محاولات السلطات السعودية الترويج حينها إلى أن عقوبة الإعدام تأتي بناء على قضايا تعزيرية كالتهم السياسية والمخدرات، مؤكداً أن كل هذه الادعاءات سقطت في عام 2021 الذي تضاعفت فيه الأرقام مقارنة بالعام السابق.
واستشهد بإعدام القاصر مصطفى درويش، وتهديد حياة قاصرين آخرين، وعدم تعديل القوانين بما يضمن تغير أحكام القتل ضد المتهمين بتهم غير جسيمة، متسائلا: “أين وعود الحكومة، وكيف نتعامل مع الواقع الدموي، وما سبل دعم الذين يواجهون خطر القتل حاليا؟”.
ومن جانبها، أوضحت شقيقة أحد المعتقلين الأردنيين بالسجون السعودية زينب أبو الخير، أن أخيها يعاني من سوء الأوضاع المعيشية بسجنه، ويعاني من الضرب والتعذيب والتعسف، طوال فترة اعتقاله منذ ثمان سنوات، ويخشى مفارقة الحياة في أي وقت في ظل معاناته.
وطالبت بمحاسبة المتسبب بسجن أخيها وضياع مستقبله ومستقبل أسرته، خاصة أنه المُعيل الوحيد للعائلة، مبينة أنه أجبر على الاعتراف بجريمة لم يرتكبها تحت التهديد بالقتل، ورضخ للأمر خوفا على حياته، أملا منه في أن يقف أمام قاض عادل.
وأشارت أبو الخير، إلى تواصلها مع منظمات حقوق الإنسان مثل القسط والمنظمة السعودية لحقوق الإنسان، وحين ذهبوا لزيارة أخيها شاهدوا أثار التعذيب والضرب عليه، مؤكدة سوء الأوضاع الصحية للسجناء لا سيما بعد انتشار جائحة كورونا.
وأوضحت أن الاتصال انقطع عن شقيقها لمدة ست أشهر، وأصبح السبيل الوحيد للاطمئنان عليه التواصل مع منظمات مثل المنظمة العربية لحقوق الإنسان والمنظمة الأوروبية السعودية، معتبرة أن معتقلي الرأي يعاملون معاملة أسوأ من المجرمين الجناة.
وعند سؤال أبو الخير إن كان أخيها يتقاضى مصروفا من إدارة السجن، قالت إنها لا تعلم بهذا الشأن، موضحة أن شقيقها يطلب الأموال دائما وتصله من الأردن، وأنه اشتكى قلة الطعام خاصة وجبات السحور في رمضان.
وتساءلت: “متى يفرج النظام عن المعتقلين، خاصة أنه سجنهم دون تهمة ودون محاميين ويُعد ذلك انتهاكا كبيرا لحقوق الإنسان حتى في القوانين السعودية، قائلة: “أخي ذهب للسعودية ليؤمّن لقمة عيش لأطفاله لا ليودع بالسجن.. لا ندري كيف نحاكِم من ظلم أخي”.