كتب: رشيد حسن
الحدث الثالث الذي شهده عام 2021، والذي يوشك أن يلفظ أنفاسه غير مأسوف عليه ، هو انفلات قطار التطبيع الرسمي ، وبشكل مفاجئ .. فاق أسوأ التوقعات ، وأكثرها تشاؤما..!!
خطورة التطبيع أنه يجيء في الوقت الذي يرفض فيه العدو الصهيوني الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ..وخاصة حقه في تقرير المصير ، وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني ، وفقا لقرارات الشرعية الدولية..
كما ويجيء أيضا ، في الوقت الذي أعلنت فيه الإدارة الأميركية انحيازها بالمطلق للعدو الصهيوني ،من خلال «صفقة القرن»، التي أهدى فيها القرصان « ترامب» القدس العربية إلى الكيان الصهيوني، وكأنها شقة في برجه بنيويورك يتصرف بها كما يشاء ..
وكان من المفروض أن تقف الدول العربية موقفا واحدا ،رافضا للمؤامرة التي تتماهى مع المشروع الصهيوني، وتتبنى الرواية الصهيونية ، التي تعتبر فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر « ارض إسرائيل».. وهو ما جسده قولا وعملا سفير واشنطن في القدس حينها، عندما صرح اكثر من مرة بان الاستيطان عمل شرعي ،لان إسرائيل- حسب زعمه- تقوم بالبناء في ارضها « يهودا والسامرة»..!!
قطار التطبيع لن يتوقف بعد انهيار جدار الرفض العربي ، وقد تجاوز هذا العبث إقامة علاقات دبلوماسية مع العدو ، إلى عقد اتفاقيات أمنية ، ما ينسف نظرية الأمن القومي العربي .
وفي هذا الصدد لا بأس من التذكير بان هذا التطبيع يشكل أيضا نسفا لمشروع السلام العربي ، الذي أقرته قمة بيروت 2002، اذ أكد هذا المشروع واشترط عدم الاعتراف بالعدو ،إلا بعد الانسحاب من كافة الأراضي العربية المحتلة ، وفي مقدمتها القدس العربية ، وعودة اللاجئين الفلسطيني إلى وطنهم بموجب القرار 194. وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني..
وهذا يجعلنا نتساءل..؟
لماذا لم تتخذ الجامعة العربية موقفا موحدا ضد من تجاوز على قرارتها، ولم يلتزم بشروط مشروع السلام العربي؟؟!!
التطبيع غير مبرر ، فالعدو لا يزال يحتل كل فلسطين والجولان ومزارع شبعا ، ويدنس الأقصى والقيامة ، ويرفض الاستجابة لقرارات الشرعية الدولية بعودة اللاجئين ، وإقامة الدولة الفلسطينية .
ومن هنا يعتبر التطبيع علاوة على انه خروج على الإجماع العربي ، مكافأة للعدو الذي يرفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، ويعتبره مجرد أقلية تقيم على ارض إسرائيل ، كما نصت قانون «القومية» الصهيوني..ولم تقنع اتفاقيات التطبيع مع العدو بضرورة احترام الشرعية الدولية، والانسحاب من الأرض المحتلة ، ووقف التطهير العرقي، الذي يمارسه العدو من مائة عام ويزيد، صباح مساء على الشعب الفلسطيني .
أليس كل هذا مدعاة إلى التفكير ، والعودة إلى مشروع السلام العربي، وتمزيق أوراق التطبيع ..
فإسرائيل كانت ولا تزال هي عدو الأمة الأول الذي يحتل ارضها.. ويدنس مقدساتها.. ويشرد شعبها الفلسطيني..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم..
المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي “الرأي الآخر”