شدوى الصلاح
مرتدية ثوب الإغاثة وتقديم المساعدات والانخراط ضمن تحالف عربي لمحاربة الحوثي والمد الإيراني، دخلت الإمارات اليمن فاحتلت جزره الاستراتيجية وسيطرت على موانئه وجندت المرتزقة ونفذت مشروع تقسيمي وادعت في 2019 الانسحاب من الحرب هربا من المساءلة، فيما لا تزال فاعلة هناك حتى الآن -بحسب قيادات عسكرية ومراقبين-.
ومنذ دخولها لم تترك جرما إلا وارتكبته من قتل وحصار وتدمير بنية تحتية ودعم الميلشيات وتشريد وتجويع، واغتيالات للكوادر وقصف الجيش ومنع تسليحه، وسرقة لآثار اليمن، وتبديد لثرواته السمكية، ودعم للحوثي وتسليم المناطق المحررة له مرة أخرى، كل ذلك بعدما دخلت من بوابة دعم الشرعية.
الإمارات ترى أن بعضا من موانئ اليمن البحرية الدولية مصدر خطر على ميناء جبل علي، لذلك تواصل السطو عليها، بالإضافة إلى أطماعها في بعض الجزر اليمنية، ولذلك استهدفت منذ بدأت وجودها العسكري باليمن الهيمنة على الموانئ والممرات المائية الدولية وطرق العبور.
آخر ذلك ما كشفته مصادر أمنية يمنية مؤخرا، عن بدء الإمارات نشاطا عسكريا مشبوها في جزيرة عبدالكوري، الواقعة بين خليج عدن والقرن الأفريقي في جنوب اليمن، موضحة أن الإمارات تواصل نشاطها العسكري المعادي وانتهاكها للسيادة اليمنية في أرخبيل سقطرى بالمحيط الهندي دون أي رادع.
جزيرة عبدالكوري تحتل مكانة استراتيجية هامة، حيث تطل على خطوط الملاحة الدولية بالقرب من باب المندب والقرن الأفريقي، فيما تقع على بعد حوالي 120 كلم عن سقطرى الأم، وهي ثاني أكبر جزر الأرخبيل، وتبلغ مساحتها حوالي 133 كلم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 1000 نسمة، يعتمدون على اصطياد الأسماك بالدرجة الأولى.
وكان تحقيق موسع لموقع Responsible Statecraft، الأميركي، قد كشف عن خفايا هيمنة الإمارات على الجزر اليمنية ذات الموقع الاستراتيجي جغرافيا ضمن خطط أبوظبي لكسب النفوذ والتوسع، مؤكدا أن أطماعها في اليمن وجزره الاستراتيجية يهدد بإطالة الصراع المدمر هناك.
وفي سبيل تحقيق أطماعها وسطوتها على الجزر والسواحل اليمنية، استخدمت الإمارات الفصائل التي تدعمها والمتمثلة بقوات طارق صالح المعروفة باسم حراس الجمهورية والمقاومة التهامية في الساحل الغربي والمجلس الانتقالي الجنوبي والنخب الحضرمية والشبوانية والمجلس الانتقالي والحراك الجنوبي -بحسب المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية-.
وأكد تقرير صادر عن مركز هنا عدن للدراسات الاستراتيجية في 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن الإمارات مارست في اليمن ما يعرف بإرهاب الدولة، حيث لا يمكن فصل سلوكها كدولة عن سلوك أي جماعة إرهابية، واتخذت من “الإرهاب” شريكا تكتيكيا لحربها خارج حدودها.
وأوضح أن الأهداف المحلية للإمارات (على مستوى اليمن) تتعلق برغبتها في تصفية خصومها المحليين، وتضييق الخناق عليهم وتحجيم أدوارهم وحضورهم إلى أقصى حد ممكن، مشيرا إلى أن خصومها هم الخصوم السياسيين الذين يشكلون مصدر ممانعة لمشروعها التوسعي في اليمن، وليسوا عناصر تنظيم القاعدة.
وأكد التقرير أن الأهداف الإقليمية للإمارات هي سعيها لتعزيز نفوذها الإقليمي في أكثر من بلد، ومنها اليمن، بالإضافة إلى تنافسها الخفي مع السعودية، ورغبتها مسابقة الزمن واستغلال مشاركتها في اليمن ضمن التحالف العربي كفرصة لتوسعة نفوذها على حساب السعودية.
وبدوره، قال معارض إماراتي فضل عدم ذكر اسمه، إن الإمارات مارست منذ قدومها إلى اليمن جرائم خطيرة وانتهاكات جسيمة بحق الشعب اليمني وبحق الدولة اليمنية، حيث كان أساس مشاركتها في حرب اليمن تحقيق مصالحها الاقتصادية وتحقيق حلم القوة العظمى في الإقليم عبر السيطرة على المواقع الاستراتيجية.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر، أن الإمارات مارست أنواع من المكائد السياسية بحلفائها في الحرب لتحقيق أهدافها الخاصة على حساب أهداف التحالف وعلى حساب الشعب اليمني، ولذلك أعلنت انسحابها “شكليا” من جبهات القتال عندما استطاعت تحقيق بعض أهدافها في السيطرة على المواقع الاستراتيجية الهامة.
وأشار المعارض الإماراتي، إلى أن الإمارات انسحبت أيضا من جبهات القتال عندما استطاعت أن تكون ميليشيات تحمي مصالحها وتنفذ سياساتها في اليمن، لافتا إلى أنها استخدمت التعذيب والإخفاء القسري بحق كل من يقف ضد مخططاتها.
وأوضح أن ذلك انعكس سلباً على خططها حيث أثيرت قضايا حرب ضدها في المجتمع الدولي رفعها بعض الناجين من معتقلات الإمارات في اليمن التي تديرها الميلشيات الانتقالية بالإضافة لوجود ضباط إماراتيين رفعت أسمائهم ضمن القضايا المرفوعة ضدها.
يشار إلى أن وكالة “الأسوشيتد برس” سبق وكشفت أنها حصلت على معلومات من شهود عيان ومعتقلين سابقين تفيد بأن الحراس اليمنيين العاملين تحت إشراف ضباط إماراتيين استخدموا أساليب مختلفة للتعذيب والإذلال الجنسي في خمسة سجون سرية على الأقل تديرها الإمارات في اليمن.
الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، قالت أيضا إن الإمارات تقوم بارتكاب ممارسات بوليسية مخيفة في اليمن، ولا تزال بعد سنوات من تنفيذ انتهاكاتها محصّنة من أي عقوبات، مطالبة الإمارات بالوقف الفوري لجميع أعمال العنف التي ترتكبها بشكل مباشر أو عبر الجماعات المسلحة المدعومة من قبلها في اليمن.
الباحث الأميركي المتخصص في شؤون الآثار الكسندر ناجل، كشف أيضا في ديسمبر/كانون الأول 2019، عن سرقة الإمارات آثار اليمن وتهريبها بغرض بيعها إلى دول مثل الولايات المتحدة الأميركية، موضحا أنها تصل إلى أكثر من مليون قطعة يتم سرقتها بشكل دوري من الإمارات بطرق متنوعة.