شدوى الصلاح
علانية ودون مواربة وعبر حسابه الشخصي على تويتر وأثناء مشاركته في مساحة تضم 5 آلاف شخص، تبرأ رئيس هيئة الترفيه تركي آل الشيخ مما شهدته الكونسرت “حفلة موسيقية” من تحرش بالفتيات، بل وكذبهن واتهمهن باختلاق الأحداث، بدعوى أن من يقف وراء ذلك جهات أجنبية بينها إيران.
الحفلة كانت لفرقة ستراي كيدز الكورية وكان مقرر إقامتها الجمعة 14 يناير/كانون الثاني 2022، ضمن فعاليات موسم الرياض 2022، وتقرر تأجيلها بسبب سوء الأحوال الجوية التي أدت إلى إغلاق بعض المناطق مثل شجرة السلام وكومبات فيلد والعاذرية وقرية زمان، الأمر الذي نتج عنه سوء تنظيم كشفت في أعقابه بعض الفتيات عن تعرضهن للتحرش.
قابل آل الشيخ شهادات الفتيات بسخرية ولا مبالاة وتهكم وإنكار بل وإسنادها لجهات خارجية تتربص بالمملكة، وهي الطريقة التي انتهجها مغردين وناشطين وكتاب وشخصيات محسوبة على السلطة، وروجوها عبر حساباتهم على تويتر، دون أن يفكر أحد في المطالبة بفتح تحقيق عاجل فيما حدث أو الاستماع إلى الفتيات بصفتهم ضحايا وشهود عيان.
تغريدات آل الشيخ والذي يعد أحد مستشارين ولي العهد محمد بن سلمان، وأبرز المقربين له، سلطت الضوء مرة أخرى على مدى أهلية المستشارين المحيطين بولي العهد، وقدرتهم على إدارة الأزمات، والتجاوب معها دون إنكارها والتبرؤ منها وإلقاء اللائمة على جهات خارجية، وتحويل البلاد لأضحوكة أمام العالم، وكأنها حامية للتحرش والمتحرشين.
فما يبدو أن مستشارين بن سلمان، يواصلون جره من مصيبة إلى أخرى، ويشوهون سمعة البلاد ويدفعوها للهلاك، ولا يعبئون بمعاناة الشعب ولا بهمومه ولا بقضاياه ولا ما يتعرض له النساء ولا ما وصل له حال الشباب، والمصلحة الوطنية ليست ضمن أولوياتهم، ما يعني أن الأوان قد آن لكي يتخلص بن سلمان من الدائرة المحيطة به والمخترقة من الإمارات.
وعروجا على ذكر الإمارات ومستشاريها المرتبطين بعلاقات مع السلطة السعودية، فقد أقر جورج نادر مستشار ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وصديق بن سلمان، بارتكاب جرائم جنسية، ومساعدة الإمارات على ضخ ملايين الدولارات للاحتيال على الحكومة الأمريكية من خلال تحويل التبرعات بالملايين إلى حملة هيلاري كلينتون وإخفاء مصدر الأموال الأجنبي.
يعد نادر المولع بجنس الأطفال نموذج للمستشار المزدوج الذي يمرر سياسات أبو ظبي إلى الرياض والعكس، من خلال علاقته المقربة ببن زايد وبن سلمان، والتي تكشفت عقب القبض عليه في أغسطس/آب 2019، إذ انفردت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية بنشر صورة تجمعه مع الأمير السعودي الشاب كاشفة عن وجود علاقة ود حميمية بينهما.
ويضاف لقائمة المستشارين المزدوجين بين أبو ظبي والرياض، المبعوث الخاص من ملك الأردن للسعودية باسم عوض الله، الذي يحمل الجنسية السعودية وصاحب العلاقة الممتدة داخل القصر الملكي والمقرب من بن سلمان، وسبق وعُيّن عضوا في مجلس إدارة كلية دبي للإدارة الحكومية، والمعاقب بالسجن 15 سنة لمحاولة إسقاط نظام الحكم بالأردن.
وبالعودة إلى المستشارين السعوديين المقربين من بن سلمان، فأبرزهم تركي آل الشيخ الذي كان يعمل حارس أمن وتحول إلى مستشار ومسؤول عن هيئة الرياضة ثم رئيس لهيئة الترفيه؛ والمستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني، أحد المتورطين في اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
والاثنان لا يملكان من المؤهلات أكثر من كونهما صديقين مقرّبين لولي العهد، الأول متورط في تبديد أموال المملكة وتحويلها للانحلال الأخلاقي وفرض سياسات تغريب المجتمع السعودي، بل والدفاع عن التحرش والمتحرشين مؤخراً، والثاني متهم بارتكاب جرائم اغتيال فضلا عن إشرافه على تعذيب المعتقلات في السجون وتجنيده للذباب الإلكتروني.
رئيس مجلس إدارة شركة أرامكو ومحافظ صندوق الاستثمارات العامة في السعودية ياسر الرميان، والمستشار الأول لولي العهد في عالم الاستثمارات المالية، كشفت تقارير إعلامية عن تورطه في إهدار 3.5 مليار دولار من أموال الشعب السعودي، كاستثمار خارجي، ولقبته صحيفة الجارديان البريطانية “برجل الانتهاكات الكبرى لمحمد بن سلمان.
وشارك الرميان في الحملة التي شنها ولي العهد قبل سنوات ضد كبار رجال الأعمال في المملكة، والتي بموجبها اعتقل بموجبها عشرات الاقتصاديين ورؤساء الشركات واشترط للإفراج عنهم التنازل عن جزء كبير من أموالهم وأصولهم، وهي الخطوة التي أشرف عليها الرميان بنفسه، ونقل الأصول نيابة عن ولي العهد.
وإجمالا يمكن القول، إن الرميان الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة معادن، والمستشار في الأمانة العامة لـمجلس الوزراء بمرتبة وزير، ورئيس الاتحاد السعودي للجولف ورئيس مجلس إدارة مركز دعم اتخاذ القرار السعودي، والرئيس غير التنفيذي لمجلس إدارة نادي نيوكاسل يونايتد، قام بعدة صفقات مشبوهة، ومتورط أيضا في اغتيال خاشقجي.
ويقع ضمن دائرة الاتهام بالتورط في اغتيال خاشقجي النائب السابق لرئيس الاستخبارات العامة أحمد عسيري، أبرز مستشارين بن سلمان، الذين أقالهم الملك سلمان بن عبدالعزيز ككبش فداء إبان تصاعد القضية، وزعم مكتب النائب العام إنه أمر بإعادة خاشقجي للمملكة ولكن لم يأمر بقتله، بخلاف ما تكشف عن إصدار بن سلمان أمر بالإعادة أو الاغتيال.
عضوة حزب التجمع الوطني السعودي المعارض الدكتورة نيبال علي، قالت إن بالبحث وراء هؤلاء الشخصيات وخلفياتهم الفكرية والثقافية والبحث عن أسباب اختيارهم كمستشارين لديون ولي العهد، سنجد أن السبب الوحيد لوصولهم لهذه المناصب هو أنهم أصدقاء مقربين من بن سلمان أو موظفين سابقين في مجلس والده.
وأضافت في حديثها مع الرأي الآخر: “لذلك لا تجدهم مستشارين بالفعل يقومون بواجبهم لنصحه للقرارات الأفضل، بل مجرد أصدقاء يشجعونه على الأفعال الإجرامية من قتل ومحاولة إطاحة بدول أخرى والإقدام على التطبيع ودفع المجتمع للتفسخ والانسلاخ من الدين والأخلاق الاجتماعية”.
واستنكرت نيبال، ما يقوم به بن سلمان ومستشارية من تهجير المواطنين وهدم بيوتهم، وإغراق الناس في الفقر والشباب في البطالة، مؤكدة أن ذلك يفتح بوابة الثورة داخل المجتمع والنتيجة يستطيع تصورها أي شخص.
وبدوره، قال عضو حزب التجمع عبدالله عمر، إن تركي آل الشيخ ليس الحالة الأولى من الدائرة المقربة والمحيطة بابن سلمان التي تحتقر الشعب وتهمل قضاياه ومطالبه بل وتسخر من معاناته ومشاكله، مؤكدا أنه ليس استثناء أو شذوذ عن القاعدة بل الأصل هو الفشل والفساد في الدائرة المقربة من النظام الحالي.
وأوضح في حديثه مع الرأي الآخر، أن شخصية بن سلمان لا يمكن أن تتحمل وجود كفاءات ونخب حقيقية تقدم الاستشارة له، لافتا إلى أن بن سلمان يبحث عن الولاء الأعمى له في كل من يعينهم من مسؤولين ومستشارين بغض النظر عن مستواهم العلمي والعملي أو مدى كفاءتهم وقدرتهم الإدارية.
وأرجع عمر، سبب ذلك إلى أن هذه النقاط لا تهم بن سلمان لأنه لا يرى أنه بحاجة لاستشارة أحد فهو الزعيم المجدد المنقذ وشمس هذا الزمان كما يصف نفسه ويأمر مقربيه بوصفه، مؤكدا أنه يحتاج لمن يمجده ويقدسه ويبصم على قراراته الهوجاء ومراهقاته التي كلفت البلاد الكثير
وأضاف أن الناصحين والمصلحين مكانهم في العهد السلماني هو السجن، والكفاءات مهملة ومهمشة، قائلا إن حتى النخب والكفاءات إن وجدت فلن تقبل بأن يكونوا مستشارين لابن سلمان.