شدوى الصلاح
قال الباحث في حقوق الإنسان والعلاقات العربية الصينية محمد أمين الأويغوري، إن تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف بدعم الدول الخليجية لسياسات الصين تجاه مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية (إقليم شينجيانغ)؛ مخجلة ومجاملة ذليلة ومشينة.
وأضاف في حديثه مع الرأي الآخر: “يشهد واقعنا اليوم على أكبر مشينة سياسية للعالم الإسلامي والدول العربية، لم ير مثلها عبر التاريخ الإسلامي؛ مستنكرا ما كشفته وكالة أسوشيتد برس، بشأن دعم الخليج لما وصف بمواقف الصين المشروعة بشأن القضايا المتعلقة بتايوان وتركستان الشرقية/ شينجيانغ (منطقة ذاتية الحكم يقطنها الأويغور) وحقوق الإنسان.
وندد الأويغوري، برفض دول الخليج التدخل في شؤون الصين الداخلية ومحاولات تسيير الرياضة، ودعمهم لاستضافة الصين الألعاب الشتوية القادمة التي تنطلق في بكين في الرابع من فبراير، مشيرا إلى مقاطعة دول كبرى كثيرة لها دبلوماسيا، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية في إقليم تركستان الشرقية.
وأوضح أن تصريحات دول الخليج، جاءت على خلفية توصل الصين ومجلس التعاون إلى اتفاق على إقامة شراكة استراتيجية واستكمال المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة في أسرع وقت ممكن، وعقد جلسة حوار استراتيجي بينهما وتبني خطة عمل لـ2022-2025 بغية “الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى جديد”، حسب ما قاله وزير خارجية الصين وانغ يي-.
وأشار الباحث في حقوق الإنسان والعلاقات العربية الصينية، إلى أن هذه التصريحات تتزامن مع حديث العالم عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد مسلمي الأويغور والجرائم التي ترتكبها الصين ضد الإنسانية والتي تستهدف من خلالها الإسلام والمسلمين في المنطقة، والكشف عن معسكرات الاعتقال والسجون بلا محكمة عدلية لملايين الإنسان.
ولفت إلى أن التقارير الدولية أفادت بأن ثلاثة ملايين مسلم متواجدين في المعسكرات الصينية، تزج بهم السلطات الصينية في هذه المعسكرات وتحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، حتى يخرجوا منها متوفين، أو تعدمهم فيها، قائلا إن الصين نتيجة تعرضها لضغوط بعدما كشفته هذه التقارير، تمارس سياسة استيعاب بمحاولة تدمير كل المسلمين بالأراضي.
وأكد الأويغوري، وجود معسكرات لأطفال الأويغور، محتجز بها أكثر من 800 ألف طفل، يتلقون التعاليم الكونفشية والشيوعية ومدائح لكبار الحزب الشيوعي، بذريعة أنها معسكرات تجمع الأطفال اليتامى؛ لكنها تهدف للقضاء على الجيل وتصيينهم، مشيرا إلى أن أباء وأمهات هؤلاء الأطفال محتجزين في السجون والمعتقلات.
وأشار إلى أن انتهاكات الصين لحقوق النساء الأويغوريات هي الأسوأ في العالم؛ حيث يجبرن على عملية “نزع الرحم” ووضع اللولب لمنع الحمل وتناول الأدوية الكيمياوية للعقم، مما تسبب في أضرار لأكثر من 500 ألف أويغورية من هذه العملية، موضحا أن قانون منع الولادة من القوانين الأساسية للدولة، وإذا هربت إحداهن تتهم بالإرهاب وتعاقب بالسجن مباشرة.
وأوضح الأويغوري، أن السلطات الصينية تفرض عمليات تعقيم النساء قسريا داخل المخيمات وخارجها، إلى جانب إلزامهن باستخدام وسائل منع الحمل قسريا أيضا، مذكرا بأن المنظمات غير الحكومية والباحثين والناشطين اعترفوا بأن ذلك جريمة إبادة جماعية، بحسب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.
وبين أن الاتفاقية الأممية تُعرِّف الإبادة الجماعية على أنها جريمة تُرتكب “بقصد تدمير مجموعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كليا أو جزئيا”، متطرقا إلى هدم السلطات الصينية 16 ألف مسجد وجامع من إجمالي 24 ألف مسجد وجامع، أو تحويلها إلى ملهى ومراكز ثقافية تجمع فيها السكان لتلقى التعاليم الشيوعية.
وتحدث الأويغوري، عن الأزمات الإنسانية التي يتعرض لها الأويغور في منفاهم بالدول العربية، واستخدمت الصين كل وسائلها، لاعتقالهم واحد تلو الآخر، عبر هذه الدول، مستغلة الشراكة الاقتصادية والتبادلات الثنائية، مستنكرا التجاوب معها دون الالتفات إلى عواقب ما يتعرض له المرحلون من قتل واختفاء قسري وتعذيب وحشي وسجون بلا نهاية.
وأعطى أمثلة لذلك، ما تعرض له الأويغور بالخارج من توترات نفسية وقلق بالغ وترهيب للجميع منذ انتشار خبر عزم السلطات السعودية ترحيل إثنين من الأويغور “حمد الله ولي ونور محمد روزي” كانا قد ذهبا إلى المملكة العام الماضي لأداء العمرة؛ دون أي تبرير أو محاكمة.
وذكر الأويغوري، بما تعرض له الأويغوري إدريس حسن من توقيفه في المغرب منذ ستة أشهر، والمهدد أيضا بإعادة قسريا إلى الصين، بعدما صدر من محكمة النقض المغربية في 15 ديسمبر/كانون الأول 2021، القرار رقم 3/1799 القاضي بتسليمه بناء على الطلب الرسمي من طرف السلطات القضائية الصينية.
وأوضح أنها استندت إلى مذكرات مزعومة في حقه رفعت إلى قائمة النشرة الحمراء للشرطة الدولية “الانتربول” من قبل السلطات الصينية، على الرغم أنه شطب اسمه من هذه القائمة الحمراء عام 2019 نظرا لبراءته التامة مما اتهمت به الجهة الصينية.
وأشار الباحث الأويغوري، إلى أن العلماء أصدروا فتاوى بحرمة تسليم مسلم أويغوري إلى الصين، ونظمت احتجاجات على الصعيد الدولي، ونوقشت المسألة سياسيا ودينيا، والدول العربية على علم تام بهذه الأزمة الإنسانية وقبلها الإسلامية.
واستنكر صمت الأنظمة العربية على جرائم الصين، وتصفيقها للجرائم الإنسانية والإبادة الجماعية في مجاملةً ذليلة مقابل المصالح التي تعرضها الصين، متسائلا: “من أين تأتي هذه الجرأة الشنيعة بدعم الدول العربية لسياسات الصين الفاشية والإبادة الجماعية بحق مسلمي الأويغور في تركستان الشرقية؟”.
يشار إلى أن وكالة أسوشيتد برس الأميركية، قالت إن الصين أعلنت أن دول مجلس التعاون الخليجي أعربت عن دعمها لطريقة تعاملها مع عدد من القضايا الحساسة، ومنها ملف مسلمي الأويغور.
ونقلت عن المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، قوله إن وزراء خارجية دول الخليج والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف فلاح الحجرف، أعربوا عن دعمهم بقوة لـ”مواقف الصين المشروعة بشأن القضايا المتعلقة بتايوان وسنجان (منطقة ذاتية الحكم يقطنها الأويغور) وحقوق الإنسان”.
وعضد ذلك التقرير، ما كشفته إذاعة صوت أميركا، بأن الصين أقرت باعتراف دولٍ خليجية في حملة الأولى على معارضي الدولة الآسيوية، وخصوصًا قمع أقلية “الأويغور”، ونقلت عن مسؤولين صينيين، قولهم إن دول خليجية كالإمارات والسعودية رفضت إدانة تصرفات الصين حيال قمع أقلياتها المسلمة كالأويغور، واعتبرت ذلك “شأنًا صينيًا داخليًا لا يُمكن التدخل فيه”.
وبدورها، أكدت هيومن رايتس ووتش، أن الحكومة الصينية ارتكبت ولا تزال ترتكب جرائم ضد الإنسانية ضد السكان المسلمين ذوي الأصول التركية في شينجيانغ، حيث يستمر احتجاز المسلمين بشكل تعسفي على أساس هويتهم، بينما يتعرض الآخرون للعمل القسري والمراقبة الجماعية والتلقين السياسي.