قال مدنيون إنهم حزينون وغاضبون وسئموا تصعيد العنف في بلدهم الذي مزقته الحرب خلال الأسبوع الماضي، حيث كثّف التحالف السعودي الإماراتي قصفه بذريعة الرد على هجمات نفذتها جماعة الحوثي على أبوظبي.
ورداً على قصف التحالف في 21 يناير/ كانون الثاني لسجن المهاجرين في محافظة صعدة، والذي خلف أكثر من 100 قتيل، قال أحمد معران، أحد السكان المحليين: “السعوديون لا يشعرون بالخزي على الإطلاق وهم يقتلون المدنيين في كل مكان في البلاد”.
وأضاف لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، “رأيت أثر الضربات الجوية على السجن وقد تضرر بالكامل والضحايا مدنيون وحراس، فما الهدف من هذا الهجوم؟”.
وبدأت الجولة الأخيرة من التصعيد العنيف في 17 يناير، عندما استهدفت طائرات بدون طيار وصواريخ تابعة للحوثيين منشأة نفطية رئيسية في أبوظبي، عاصمة الإمارات.
وقالت وزارة الخارجية الإماراتية، الغاضبة، إنها تحتفظ بـ “الحق في الرد” على الهجمات “الإرهابية” للحركة المتحالفة مع إيران.
ومنذ ذلك الحين، شن التحالف الذي تقوده السعودية، والذي يضم الإمارات، هجمات عنيفة على صنعاء وغيرها من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وقتلت الغارات الجوية أكثر من مائة مدني.
وفي ليلة 17 يناير / كانون الثاني، أصاب هجوم جوي بقيادة السعودية منزل القائد المتقاعد للحوثيين، عبد الله الجنيد، مما أدى إلى مقتله، وهو يقع في منطقة سكنية، وقتل أكثر من 20 مدنيا بينهم نساء وأطفال.
وبعد أيام قليلة، خلف تفجير سجن صعدة أكثر من 100 قتيل، مما يجعله أحد أكثر الهجمات دموية منذ بدء الحرب في عام 2015.
وعلى الرغم من أن التحالف بقيادة السعودية نفى استهداف السجن، أكد سكان في صعدة سماع طائرات مقاتلة تحلق في السماء، تلتها ثلاثة انفجارات.
وقال معران: “لا مكان آمن في صعدة أو اليمن حيث يمكن لعدوان التحالف أن يستهدف أي مكان ولا يمكن لأحد إيقافه أو المطالبة بحقوق المدنيين.. العدوان يسفك دماءنا كل يوم وفي كل مكان، والعالم صامت”.
ورأى أن “العالم لا يهتم باليمن، وأن كل ما فعلته الأمم المتحدة هو تشكيل لجنة تحقيق ثم نسيانها”، متهمًا الأمم المتحدة باتخاذ موقف متحيز تجاه اليمن.
وقال “أستطيع أن أقول إن استهداف السجن خلف حزنا لآلاف العائلات في صعدة وأفريقيا، حيث كان المهاجرون من بين الضحايا وقتلوا هباء. آمل أن تأتي الأمم المتحدة لمشاركة حزن تلك العائلات والشعور بمعاناتها عندما يفقدون أحبائهم”.
وانتقدت بعض المنظمات الدولية استهداف السجون والمدنيين في جميع أنحاء البلاد.
وقال أحمد مهات رئيس بعثة أطباء بلا حدود في اليمن: “هذه هي الأحدث في سلسلة طويلة من الضربات الجوية غير المبررة التي نفذها التحالف بقيادة السعودية على أماكن مثل المدارس والمستشفيات والأسواق وحفلات الزفاف والسجون”.
وأضاف “منذ بداية الحرب، شهدنا مرارًا الآثار الرهيبة للقصف العشوائي للتحالف على اليمن، بما في ذلك عندما تعرضت مستشفياتنا للهجوم”.
وتابع “لقد شهدنا في الأيام الأخيرة تصعيدًا مقلقًا للحرب في اليمن، مع العديد من الضربات الجوية على صنعاء طوال الأسبوع، والتي استمرت صباح اليوم”.
وقالت وكالات إغاثة إن التصعيد جاء بعد تصويت مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على إنهاء ولاية فريق الخبراء البارزين بشأن اليمن، وهي الهيئة الدولية المستقلة الوحيدة المكلفة بالتحقيق في النطاق الكامل للانتهاكات في الحرب.
وأعرب اليمنيون في جميع أنحاء البلاد عن غضبهم من قتل المدنيين بغض النظر عن المناطق المستهدفة وجنسية الضحايا سواء من اليمن أو من المهاجرين من القرن الأفريقي.
وقال نعمان شمسان، المقيم في صنعاء: “نحن بشر ونشعر ببعضنا البعض، لذا فأنا حزين على كل قطرة دم تسفك في اليمن، سواء من اليمنيين أو الإثيوبيين الذين قدموا إلى اليمن بحثًا عن عمل”.
وأضاف “قال التحالف السعودي إنهم يستهدفون قادة عسكريين ومستودعات أسلحة، لكننا رأيناهم يقتلون مدنيين في مناطق سكنية لا توجد فيها أسلحة”.
ويعتقد شمسان أن السعودية وحلفاءها لا يريدون إنهاء الحرب، قائلًا إنهم “يعذبون” اليمنيين الذين يكافحون من أجل البقاء.
وتابع “حتى لو أرادوا [التحالف الذي تقوده السعودية] استهداف قادة الحوثيين، يمكنهم فعل ذلك بعيدًا عن المناطق السكنية. ليس من الضروري قتل المدنيين”.
وتعطل الوصول إلى الإنترنت في جميع أنحاء البلاد أربعة أيام بعد أن دمرت الضربة الجوية السعودية على الحديدة مركزًا للاتصالات السلكية واللاسلكية، حيث لم يتمكن اليمنيون من إجراء حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلق بالهجمات، كما يفعلون عادةً.
ولا يعرف كل اليمنيين عن الهجمات الأخيرة على المدنيين مع تعطل الإنترنت، لذلك لم يشاركوا مشاعرهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد شمسان أن سكان صنعاء لا ينامون جيدا، إذ هناك الآن ضربات جوية كل ليلة، مضيفًا “صوت القصف يخيفهم، خاصة الآن بعد أن عادت القنابل إلى المناطق السكنية”.
أما إيمان نجيب، المقيمة في عدن، فقالت إن اليمنيين إخوة وأن من هم في عدن أو في مناطق أخرى خاضعة للحكومة المعترف بها دوليًا، والتي يدعمها التحالف، أقارب وأصدقاء مع الآخرين في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأضافت نجيب “لا أحد في هذا العالم سعيد برؤية المدنيين يقتلون داخل منازلهم، وأنا شهدت الحرب في عدن في عام 2015، لذلك أشعر بإخوتنا في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”.
وتابعت “أتصل بأقاربي في صنعاء كل يوم للتأكد من سلامتهم وآمل أن يوقف التحالف الذي تقوده السعودية هذا التصعيد حيث رأينا عشرات المدنيين يقتلون”.
وأكدت أن الحرب جلبت الحزن لكل منزل في اليمن، وهم الآن يريدون السلام فقط.
وقالت: “كنا سعداء ببداية تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن لأننا اعتقدنا أنهم سينهون الحرب في غضون أيام، كما قالوا، لكنها كانت كارثة ولم يتمكنوا من وقف الحرب منذ سبع سنوات”.