في أعقاب استهداف جماعة الحوثي لمواقع استراتيجية بالإمارات مؤخرا، قام رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، بزيارة الإمارات معلنا تضامنه معها.
وذلك خلال مشاركته في مباحثات رباعية مع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وملك البحرين حمد بن عيسى، ونائب رئيس الإمارات أمير إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم.
واللافت بالزيارة هو تجاهل النظام السعودي في هذه المباحثات، وهو الحليف الدبلوماسي للإمارات والبحرين بالمنطقة، تلك الأخيرة التي يصفها السياسيين بأنها الحديقة الخلفية للسعودية ومجرد ظل تابع في سياستها الخارجية لأهواء آل سعود.
وذلك في ضوء التوترات بين السعودية والإمارات مؤخرا، لا سيما بعد رفض الرياض تجديد العقود للكثير من الشركات الإماراتية، ونقلها مكاتب الإعلام السعودية المملوكة للدولة المتواجدة بدبي إلى الرياض، في ظل التحول الإقليمي الذي يطمح له ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
إضافة إلى المواقف المتعلقة بالسيطرة على اليمن، حيث يعمل التحالف العربي بقيادة السعودية منذ مارس/آذار 2015 على محاربة جماعة الحوثي في الشمال، في الوقت الذي تدعم فيه الإمارات الأطراف المتصارعة جنوب اليمن.
وفيما يخص الاستحواذ على الاستثمارات الأجنبية، أعلنت السعودية في فبراير/شباط 2021، أنه اعتبارا من العام 2024، ستتوقف عن منح عقود حكومية لأي شركة أو مؤسسة تجارية أجنبية لها مقر إقليمي بمنطقة الشرق الأوسط في أي دولة أخرى غير المملكة.
ولاقى القرار انتقادا واسع بين الإماراتيين، قائلين إنه يتعارض مع مبادئ السوق الخليجية الموحدة بين دول مجلس التعاون الخليجي، ما اعتبره البعض تتطلع سعودي لانتزاع الهيمنة التجارية من دبي، ومحاولة من الرياض لإعادة تشكيل نفسها كمحور اقتصادي رئيسي بالمنطقة.
في يوليو/تموز 2021، علقت السعودية الرحلات الجوية إلى الإمارات، زاعمة أن السبب هو “التفشي المستمر لوباء فيروس كورونا وانتشار سلالة متحولة جديدة من الفيروس”، بينما رأى محللون أن السبب الفعلي هو الخلافات المستترة بين الجانبين، بحسب صحيفة إندبندنت.
وأشارت الصحيفة إلى تسارع البلدين لملئ مخازنهما بالأسلحة المتقدمة، ومحاولتهما التفوق على بعضهما البعض “في الحصول على رضى واشنطن”، لاسيما بعد تطبيع الرياض علاقاتها مع تركيا وقطر، في منأى عن الإمارات.
وفي الشهر ذاته، وقعت مواجهة بين البلدين خلال اجتماع لمنظمة أوبك، تعلقت بزيادة إمدادات الخام العالمية، حيث عارضت الإمارات اقتراح الرياض بتمديد اتفاق إدارة الإمدادات حتى ديسمبر/كانون الأول 2022 إذا لم تحصل على حصة إنتاج أعلى.
وتعليقا على الزيارة، قال أستاذ العلوم السياسية عبدالخالق عبدالله، في تغريدة على حسابه، “في الإمارات لقاء أقوى حليفين عربيين اليوم”، في إشارة منه إلى تجاهل وعدم مشاركة السعودية.
ولا يخفى على أحد الزيارات المكوكية التي يجريها السيسي إلى بلدان الخليج العربي باستمرار، منذ انقلابه على الرئيس المدني المنتخب الراحل محمد مرسي في 2013، توددا وطمعا في الأموال التي يغدقون بها على نظامه الانقلابي، وكداعم له بإضفاء الشرعية عليه ليستمر في حكم مصر.
وعلى الرغم من توتر العلاقات بين القاهرة وأبو ظبي، بعد محاولات الأخيرة العبث في أثيوبيا وملف سد النهضة، لما تملكه الإمارات من نفوذ واستثمارات في أديس أبابا، إذ أنشأت جسرا جويا لتقديم الدعم العسكري لحكومة وجيش النظام ضد جبهة تحرير شعب التيغراي.
في تعارض صريح بين مصالح “الشقيقتين” في البلد الذي أصبحت تمتلك فيه الإمارات مشاريع اقتصادية في كافة المجالات، تزيد عن الـ113 مشروعاً وتبادل تجاري بنحو 800 مليون دولار، في ضوء محاولاتها فرض نفوذها السياسي والاقتصادي الهائل في كافة دول المنطقة وابتعداها عن بوتقة مجلس التعاون.
جدير بالذكر، أنه عندما طلبت مصر الدعم من جامعة الدول العربية، للتصويت على قضية سد النهضة، دونا عن غيرها اعتمدت الإمارات موقفا متخاذل ولم تقدم أبو ظبي أي دعم إلى القاهرة بهذا الشأن والتزمت الحياد، ما أثار غضب المصريين تجاه “الشقيقة”.
ما اعتبره البعض رسالة غير مباشرة من أبو ظبي لنظام الانقلاب المصري كعقاب له على عودة العلاقات بين تركيا وقطر، اللتان تقاطعهما الإمارات، فضلا عن التلويح المصري بالتدخل عسكريا في ليبيا التي تمتلك أبو ظبي نفوذا واسعا فيها.
لتأتي زيارة السيسي، التي جرى التمهيد لها إعلاميا من أجل تهدئة الأجواء بين البلدين، خاصة بعد الدعم المالي الذي تلقته مصر مؤخرا، من البنوك الإمارتية والكويتية بقيمة 3 مليارات وبشروط تمويلية أفضل مع انخفاض التكلفة وزيادة الإطار الزمني للقرض.