توفى المفكر الإسلامي السوري الكبير جودت سعيد، والمعروف باسم “غاندي العرب”، بمدينة إسطنبول بتركيا، أمس الأحد عن عمر يناهز الـ 91 عاما.
وولد المفكر جودت سعيد، في قرية بئر عجم، التابعة لمحافظة القنيطرة جنوب سوريا عام 1931 وتعود أصول عائلته إلى القوقاز، كما درس العلوم الشرعية في الأزهر الشريف.
وانتقل للحياة إلى دمشق عقب احتلال الكيان الصهيوني للجولان السوري، وللراحل العديد من المؤلفات أبرزها “حتى يغيروا ما في أنفسهم”، و”مذهب ابن آدم الأول”، و”فقدان التوازن الاجتماعي”، و”العمل قدرة وإرادة”.
وكان أول ما كتبه سعيد في مطلع الستينيات “مذهب ابن آدم الأول” وهو يناقش مبدأ عدم العنف وعلاقته الجذرية بالإسلام، ولم يكتب سعيد كتابه إلا بعد أن اعتقل على خلفية نشاطه الفكري، وبعد تجربة الاعتقال شعر بأنه من الضروري توثيق بعض الأفكار التي كانت تلوح له، خاصة المتعلقة باللا عنف.
وفي سبتمبر/أيلول 2011، دعا جودت سعيد المتظاهرين السوريين إلى التمسك بسلمية التحرك، وأكد عدالة مطالبهم بوصفهم “خلفاء الله في الأرض”، وأوصاهم بقوله “لا تسبوا ولا تضربوا ولا تهربوا، اثبتوا وقولوا لا إله إلا الله”.
وشارك في المظاهرات السلمية ضد النظام السوري، وكان يؤكد في كلماته باستمرار على أولوية “السلمية والديمقراطية في التغيير”، وعقب تصاعد الحرب ومقتل شقيقه في القصف، انتقل سعيد للعيش في إسطنبول حيث واصل نشاطه الدعوي ومعارضته للنظام السوري لكن مع الإصرار على “المنهج السلمي ونبذ السلاح والعنف”.
وفي كلمات سابقة له أكد الراحل، أنه “لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع تغيير قناعات وأفكار أحد باستخدام الضغط والقوة، وأن القرآن يوصينا بعدم استخدام الإكراه في الإقناع”، مشيرا إلى أن “الضغط يولد ردود فعل قوية”.
وأفاد أنه “يجب حل المشاكل والصعاب بالطرق الحضارية، وليس باستخدام القوة، المسلمون هم ليسوا الوحيدين الذين تركوا سوريا، بل اضطر العديد من شعوب الطوائف والمذاهب الأخرى إلى ترك قراهم ومغادرة البلاد، ويعانون من أزمة كبيرة بسبب الضغط الذي وقع عليهم لتغيير قناعاتهم وأفكارهم”.
ومن مقولاته أيضاً: “المجتمعات المظلومة والمقهورة تعرف معنى كلمة العدالة أكثر من غيرها، وإن عصر انتهاك الأنظمة لحقوق الشعوب انتهى”.
ويعد جودت سعيد -الذي يتحدث اللغتين العربية والشركسية- من أبرز المفكرين الإسلاميين المعاصرين الذين يشكلون امتدادا لمدرسة مالك بن نبي ومحمد إقبال.
وعقب شيوع خبر الوفاة، نعى عدد من السياسيين والمفكرين والعلماء المفكر جودت سعيد.
الأمين العام لحزب التجمع الوطني دكتور عبدالله العودة، كتب رحم الله المفكر الإسلامي جودت سعيد وتغمده بواسع فضله.
وقال الصحفي عارف أبو حاتم، إن أمة الإسلام ودعت أمس ركن من أركانها المشيدة وأحد رواد الفكر الإسلامي المعتدل والمتنور.
فيما رأى مؤيد الشيخ حسن، أن برحيل الشيخ جودت سعيد فقدت سوريا والعالم قامة فكرية قلّ نظيرها ويصعب تعويضها.
أشار الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دكتور علي القرة داغي، إلى أن المفكر جودت سعيد، من أعظم تلاميذ المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمهما الله، كما كان من مؤسسي المقاومة المدنية، ووفياً لمبادئه.