ناقش الأمين العام السابق لحزب التجمع الوطني السعودي يحيى عسيري، ومدير مركز الجزيرة العربية للإعلام محمد العمري أبرز المفاهيم الحقوقية، والأوضاع المتعلقة بذلك في السعودية.
وأوضح عسيري، خلال “مساحة وطن” للنقاش الصوتي، التي نظمتها منصة “وعي” عبر تويتر، أن الحقوقي هو الذي يجعل حقوق الإنسان هي المعيار الذي يعمل وفقه، ويمكن أن يختص في أمر معين دون أن ينتقص من حقوق الآخرين، وألا يبرر أي انتهاكات للإنسان.
وبين أن هناك فرقًا بين الناشط الحقوقي والمعارض السياسي، رغم وجود صعوبة في الفصل بينهما في عديد الأماكن بالعالم.
وقال: “في البلدان التي لديها حكم دكتاتوري شمولي مطلق لا يمكن أن يكون الناشط الحقوقي إلا سياسيًا ومعارضًا، لأن المطالب الحقوقية دائمًا تصطدم بالمنظومة السياسية”.
وأشار إلى أن “الانتهاكات الحقوقية تكون بسبب المنظومة السياسية التي تمارس الدكتاتورية ولا تحمي حقوق الشعب”.
وأضاف “في بلدنا هناك من يُسمون أنفسهم نشطاء حقوقيين يُطبّلون للسلطات، ويقولون إن الإشكال من المجتمع أو الصحوة أو الأمور الدينية، وهؤلاء ليس لهم علاقة بالنشطاء الحقوقيين”.
وأكد أن “مقاومة الانتهاكات تكون بمقاومة من بيده السلطة، وفي بعض البلدات هي المؤسسة الدينية أو المؤسسة العسكرية أو رجال الأعمال”.
وتابع “بالنسبة لتجربتنا من يملك السلطة هي السلطة السياسية فحسب، وحتى عندما تتهم مرجعيات دينية بذلك، فهي غير مستقلة وتتبع للسلطة السياسية”.
وشدد على أنه “لا يمكن للنشطاء الحقوقيين في بلادنا أن يكونوا منفصلين عن المعارضين السياسيين لأن أول ما يطالبون به هو حق التجمع والتعبير عن الرأي وحرية المعتقلين، وسيصطدمون مباشرة مع السلطة السياسية التي تقوم بذلك”.
ولفت إلى أن المعارضة قد لا تكون مرتبطة بالمجال الحقوقي، لكن العمل الحقوقي مرتبط بالعمل السياسي والمعارضة.
وأضاف “قد يكون النشاط السياسي غير مرتبط بالنشاط الحقوقي، وبذلك هو ناشط سياسي وليس حقوقي”.
وبشأن الناشط الحقوقي في منطقتنا، قال عسيري إنه سيكون بالضرورة ناشطًا سياسيًا ومعارضًا، لكن العكس ليس صحيحًا، “إذ يمكن أن يكون الناشط السياسي غير مرتبط بالعمل الحقوقي”.
وعن الفرق بين المنظمات الحقوقية ومنظمات حقوق الإنسان، أوضح أنه في السعودية توجد منظمتان لحقوق إنسان واحدة حكومة، وأخرى شبه حكومية، تدّعي أنها لا تتبع للسلطة.
وأكد أن المنظمات غير الحكومة يُفترض أن تكون مستقلة من ضمن مؤسسات المجتمع المدني.
وأوضح أن المنظمات الحقوقية تتخصص في منطقة مكانية معينة أو حدود زمنية محددة، أو في نوع من الحقوق؛ كالتخصص بالإعدام أو الصحفيين أو الكتاب.
وبيّن أن من أهم شروط المنظمات الحقوقية الاستقلالية والتمسك بالمسار الحقوقي، وألا تكون مجرد صوت لجهة معينة حتى تنفس عن غضبها فيها، أو تجد فيها بعض الجهات منصات لها دون أن تكون منظمات حقوقية حقيقية.
وقال: “التسمية ليست كل شيء، هناك الكثير من المنصات ليست أكثر من إعلامية فقط تنشر بعض الأخبار على منصات التواصل وترسله للإعلام، ثم لا تتجاوز ذلك ولا تقوم بأي عمل حقيقي كالمناصرة والحملات والدعم والتواصل مع الأمم المتحدة وكتابة التقارير”.
وشدد على أنه من “أركان المنظمات الحقوقية العمل بالمجال الحقوقي والتمسك بالأنظمة والقوانين حيال ذلك، وأن يكون لها إطار زماني ومكاني للعمل، وتكون الرؤية عندها واضحة، ومهام العمل محددة تنسجم مع قوانين حقوق الإنسان”.
ولفت إلى أنه من المفترض أن تقوم مؤسسات الدولة بمراقبة عمل الدولة، مستدركًا “لكن في بلادنا ذلك لا يكون، وأنت بحاجة إلى من يسد هذا الفراغ”.
وأوضح أن من مهام المنظمات الحقوقية مراقبة عمل السلطات، عبر الرصد والتوثيق والنشر وفق مصلحة الضحية والشأن العام.
وأضاف “في السعودية يوهمون الضحية أن النشر ليس في صالح الشأن العام”.
وأشار إلى حالات يكون فيها النشر غير مفيد، كـ”تلقي معلومة من مصدر وبمجرد نشرها يمكن أن تضر بالمصدر أو بالضحية نفسه أو أحد آخر”.
وشدد عسيري على ضرورة “عدم الصمت على الانتهاكات الحقوقية التي تجري داخل السعودية والكشف عنها بأي طريقة، حتى لا تبقى السلطات في مأمن النقد العالمي”.
وتابع “لو تحدث عدد كبير من الأهالي والأسر وكانت حركة اجتماعية موحدة سيكون من الصعب على السلطات معاقبة الجميع، ولاسيما إذا كان فيه شيء من الذكاء، وليس بالضرورة تحدي السلطات”.
“منظمات مدسوسة”
أما مدير مركز الجزيرة العربية للإعلام محمد العمري فقال إن الناشط الحقوقي هو من يدافع عن كل مظلوم ولا يستثني أحدًا لأي سبب من الأسباب، أما الناشط السياسي فيمكن أن يزاول أعمال الإنكار على السلطة السياسية ويدافع عن أعضاء الحزب، ويكون عمله انتقائيًا في الدفاع عمن يتوافقون معه.
وحذّر العمري من دور السلطة في إيجاد منظمات حقوقية بديلة أو مزورة في الداخل والخارج.
وأضاف “هناك منظمات مدسوسة كمنظمة السعودية أولًا التي كان يقوم عليها رجل من المخابرات، ومنظمة باسم مركز حقوق الإنسان العربي في لندن كان يقوم عليها رجل من المخابرات أيضًا، واندثرتا، مع الوقت، لكن كانتا مصيدة لبعض الضحايا”.
وأكد أنه “من المفترض التعامل مع المنظمة الأوثق والأقوى والأكثر دقة، وإذا زادت عدد المنظمات يجب أن نرجح الأجود في تقديم الخدمة”.
وأكد العمري أن “التهم التي توجه لمعتقلي الرأي في السعودية ليست تهمًا وفق الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة السعودية، ومنها حق التظاهرات السلمية”.