شدوى الصلاح
استنكر المعارض السعودي مدير مركز الجزيرة العربية للإعلام محمد العمري، قول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، في تصريحات لمراسل صحيفة معاريف الصهيونية على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، إن اندماج إسرائيل في المنطقة سيكون مفيداً للغاية، ليس لإسرائيل نفسها فحسب، بل للمنطقة بأسرها.
وقال في حديثه مع الرأي الآخر، إن الغرب وأميركا تحديداً يعتمد على السعودية في التسويق للتطبيع مع الكيان الصهيوني، مؤكدا أن القوة السعودية كان لها دور في الزج بمملكة البحرين ثم موريتانيا والسودان والإمارات وغيرهم نحو التطبيع مع الاحتلال، ليأتي تطبيعها في النهاية لتجنب النقد المتوقع أن تواجهه.
وأشار العمري، إلى اعتقال السلطات السعودية للنخب السياسية والإصلاحية والاجتماعية حتى لا ينكروا التغييرات الموجودة الآن في المملكة ومن بينها تغيير الموقف تجاه القضية الفلسطينية من التعاطف مع الشعب الفلسطيني إلى محاولة التسويق للكيان الصهيوني، وآخرها تصريحات وزير الخارجية التي لا يخلو شهر إلا ويلمح بالعلاقة مع الاحتلال.
ورأى أن تغيير الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية يرتبط بيوم التأسيس الجديد 22 فبراير/شباط الذي اعتمده الملك سلمان بن عبدالعزيز، ونزع المسحة الإسلامية عن الاتفاق التاريخي الموقع بين محمد عبد الوهاب ومحمد بن سعود عندما أسس الدولة السعودية، وعاد إلى الوراء 17 عام حين استلم محمد بن سعود الدرعية “الدولة السعودية الأولى”.
وأوضح العمري، أن هذا يعني أن الحكومة السعودية تعمل وفق المنطق القبلي أي لا عروبة ولا إسلام، في مسعى للانسلاخ من القيم الدينية والحلف الديني أو الإسلامي تمهيدا لإعلان التطبيع مع الاحتلال الصهيوني والرجوع إلى ما قبل الإسلام وإجلاء اليهود من الحجاز والجزيرة العربية للحديث عن أحقيتهم في الأرض وإعادتهم إليها.
وتوقع أن تكون العلاقة السعودية القادمة مع الكيان الصهيوني هي “التطبيع مقابل تأمين كرسي الحكم”، مؤكدا أن السلطة تفلتت على المستوى الداخلي في حين غفلة من الشعب، وباتت العلاقات السعودية الصهيونية استخباراتية وعسكرية واقتصادية سياسية وبينهما اتفاقيات لفتح الأجواء لمرور الطائرات وتعاون يكاد يكون استراتيجي.
وأكد العمري، أن الحكومة السعودية انسلخت الآن من كل القيم العربية والقومية والإسلامية وأصبحنا أمام متغير خطير في هذه المرحلة لم يحدث منذ 300 سنة تقريباً كانت خلالهم الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة تدعي الإسلام وتحمل راية التوحيد، والآن المتغير أخطر بكثير بعدما عادت السلطة إلى منطق القبيلة.
وأشار إلى أن السلطة الآن تستضيف فرق آثار كبيرة من جامعات أوروبية وصهيونية للتنقيب عن آثار يهودية في خيبر ونجران ومناطق أخرى، قائلا: “لا نعلم ماذا سيجري لكن الأمر بدأ يتكشف الآن بوجود العلاقة السعودية الصهيونية بشكل واضح خاصة مع زيارة الصهيوني الأميركي جاريد كوشنر الملقب بعراب التطبيع الأخيرة للمملكة”.
ولفت المعارض السعودي، إلى أن ورقة الإعلام فقط هي الباقية بين الطرفين بحيث تصبح العلاقات علنية، قائلا: “اعتقد الآن بدأنا نقترب كثيراً في ظل عدم وجود أي معارضة من الشعب السعودي المتخوف أو النخب التي تخلص منها النظام بزجها في السجون، والآن خلى الوقت لهذه الحكومة للدخول مباشرة في التطبيع”.
وأعرب عن أسفه أن الموقف السعودي هو آخر الحصون للعالم العربي والإسلامي بعدما سقطت الكثير من الدول في التطبيع والعلاقات مع الكيان الصهيوني، لافتا إلى أن النظام السعودي يستمد قوته من القوة الروحية لوجود الأماكن المقدسة في الحجاز، والثروة النفطية القوية والقوة الاقتصادية.
وأوضح العمري، أن من ظواهر التطبيع السعودي الصهيوني الحملة الكبيرة لتخوين الشعب الفلسطيني من قبل الجيش الإلكتروني “الذباب” الذي عّمد إلى توجيه اتهامات للفلسطينيين بالتفريط في القضية وتشويه سمعتهم واعتقال فلسطينيين كثيرين في الداخل السعودي ومنهم الممثل السابق لحركة المقاومة الفلسطينية حماس محمد الخضري وإخوانه.
وبين أن من بين ظواهر تطبيع السعودية مع الاحتلال أيضا، التضيق على المقيمين الفلسطينيين بالسعودية من خلال فرض رسوم مالية مرتفعة عليهم في مسعى للتضييق على القضية الفلسطينية، وتكدير حياة الفلسطينيين المقيمين بالمملكة ودفعهم للخروج منها، وهو ما فعله بعضهم ورحل إلى دول أوروبية.
وأكد العمري، وجود مؤشرات أخرى خطيرة جداً على عمق العلاقة السعودية الصهيونية على عكس ما كان يتوقع سابقاً، قائلاً إن مثل هذه الأحداث سيجعل الرئيس المصري الأسبق محمد أنور السادات بطل قومي بالمقارنة مع الخيانات التي يقودها الملك سلمان ونجله ولي العهد محمد بن سلمان”.
يشار إلى أن وزير الخارجية السعودي، يصرح بين حين والآخر عن فوائد التطبيع مع الكيان الصهيوني والتقارب معه، وأن التطبيع سيحدث عندما يتم إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية دون أن يوضح ماهية الحل الذي تعنيه المملكة، لكنه يصفه بالتسوية بحيث يجلس الإسرائيليون والفلسطينيون سوياً ويكون لديهم عملية سلام يمكن العمل عليها.