كتبت: فاطمة أحمد الكواري
يوجد في مجتمعنا الكثير من الظواهر التي تقف وراء مشكلات يومية، يعاني منها المواطنون، وحان الوقت للتصدي لبعض هذه الظواهر بشكل حازم لحماية المواطن والوطن من بعض الفئات التي تسعى إلى تحقيق مكاسب خاصة على حساب الصالح العام.
ويعتبر ارتفاع الإيجارات بشكل ملحوظ أحد أهم الظواهر السلبية التي يعاني منها المجتمع القطري، وهو سبب مباشر في كثير من المشاكل التي نواجهها في حياتنا اليومية، فهو سبب رئيسي في زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية التي يحتاج إليها المواطن، وسبب أساسي في فشل مشروعات عديدة لأبنائنا وإخواننا من صغار المستثمرين وشباب رجال الأعمال، فكثير من المشروعات أغلقت بسبب ارتفاع القيمة الإيجارية، وما صاحبها من زيادة في تكلفة الإنتاج وتراجع في حركة البيع والشراء.
وارتفاع الإيجارات كان عنصراً بارزاً في كثير من المظاهر السلبية التي شاهدناها مؤخراً في مجتمعنا، وأثرت بالسلب على عاداتنا وتقاليدنا، مثل ظاهرة تقسيم الفلل السكنية، وظهور سكن العزاب في مناطق العوائل، وغيرها من الأمور الناتجة مباشرة عن زيادة الإيجارات.
وعندما نتحدث عن الأعباء التي يواجهها المواطنون نجد أن من أهمها ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، والتي من أهم أسبابها زيادة الإيجارات خاصة إيجارات المحال التجارية التي وصلت إلى مستويات خيالية.
ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات التجارية والسكنية يعد من المؤثرات الرئيسية على تكلفة إنتاج السلع والخدمات.
وبكل بساطة وبدون أي تعقيدات فإن المستهلك في النهاية هو الذي يتحمل عبء دفع القيمة الإيجارية المرتفعة، عندما تضاف هذه القيمة إلى سعر السلعة التي يحصل عليها.
وبالرغم من أن أسعار إيجارات المحال التجارية والوحدات السكنية تعتبر مرتفعة جداً بالمقارنة بالدول المجاورة، وبعض الدول الغربية المتقدمة، فإننا نجد أصحاب العقارات والمطورين العقاريين يصرون على الاستمرار في رفع الأسعار بشكل دوري.
إن كافة الخبراء أجمعوا على أن ارتفاع الإيجارات يعتبر من أهم العناصر التي تسببت في زيادة نسبة التضخم خلال الفترة الأخيرة، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق.
ولا يجب أن يُترك المستهلكون فريسة لفئة محدودة كل ما يعنيها مضاعفة أرباحها دون النظر لتأثير ذلك على اقتصاد الدولة، فالأمر لا يقتصر فقط على المستهلكين بل يمتد تأثيره السلبي على الاقتصاد بصفة عامة فأي مستثمر جديد يفكر في دخول السوق القطري، سوف يراعي بشكل كبير حجم الميزانية التي سوف يتكلفها مشروعه، وهناك دائماً عند إقامة أي مشروع نسب لكل بند من بنود التكلفة، فالإيجارات على سبيل المثال لها نسبة من حجم ميزانية المشروع الذي يتم إنشاؤه، فإذا زادت هذه النسبة فإن المستثمر الجديد بالتأكيد لن يفكر في دخول السوق القطري وسيتجه إلى الأسواق القريبة التي تعد أرخص من حيث التكلفة. وانأ هنا أتحدث عن المستثمرين الجادين الذين يدخلون البلد لإنشاء مشروعات استثمارية وإنتاجية يستفيد منها المجتمع على المدى الطويل، كما أتحدث عن المستثمرين القطريين الذين يبغون المشاركة في بناء اقتصاد قوي لبلادهم، ولا أتحدث عن المستثمرين الذين يأتون إلى الدولة لفترة محددة لأغراض معينة ثم ينسحبون من السوق بعد أن يحققوا مكاسبهم الشخصية.
ولا يقتصر الأمر فقط على المستثمرين القادمين من الخارج، بل إن الأمر يمتد إلى المستثمرين الجادين العاملين في الدولة، فمع استمرار زيادة الإيجارات فإنه من المتوقع أن تغلق مزيد من المشروعات أبوابها بسبب التكلفة.
الحل ليس في دعم الدولة للمشروعات الوطنية ولا تقديم تنازلات للمستثمرين القادمين من الخارج، بل إن الحل في إزالة المعوقات التي تحول دون نجاح كثير من المشروعات الإنتاجية الجادة، فإن السوق العقاري يحتاج إلى وقفة حازمة من الجهات المختصة، وإلى إصدار تشريعات تضبطه بشكل يحد من الظواهر السلبية التي تؤثر على اقتصادنا، وتضيف بشكل يومي أعباء جديدة على المواطنين فوق الأعباء التي يعانون منها.