شدوى الصلاح
قال الكاتب والمفكر الكويتي الدكتور محمد المطر، إن الاتفاق السعودي الصيني لتأسيس مصنع طائرات بدون طيار بالمملكة السعودية جزء من عملية التخبط السياسي والاقتصادي والعسكري الذي يعاني منه الخليج، وهو امتداد لما كان يحدث في دول عربية أخرى في النصف الأول من القرن العشرين.
وذّكر في حديثه مع الرأي الآخر، بأن مصر إبان فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر استقدمت علماء ألمان من بقايا النظام النازي في ألمانيا لبناء مصنع صواريخ لكن المشروع فشل بالكامل، بسبب اغتيال الكيان الصهيوني لجميع العلماء، مؤكدا أن بناء المصانع ليس باستيراد العقول أو الأيدي العاملة والاعتماد عليها.
وشدد المطر، على أن بناء المصانع يكون بتأسيس أرضية علمية بحثية أكاديمية للنهوض بالدولة صناعياً وتوطين العقول والأيدي العاملة الماهرة وتأسيس روح العمل والفخر بين أبناء الوطن بالنهوض بالدولة، مشيرا إلى أن هذه الروح تأتي بربط الدولة ومشاريعها بجذور حضارية وتاريخية.
وأشار إلى أن اليابان والصين وتايوان وكوريا الجنوبية وإيران يفعلون ذلك لتكون هذه الجذور عامل مغذي لمشاريع وخطط الدولة، بعكس دول الخليج والعالم العربي الذي حرصت أنظمته على قطع جذور الدولة من تاريخها وحضارتها، مؤكدا أن الأرضية العلمية الصناعية إن وجدت تستطيع الدولة النهوض كما حصل في بريطانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية.
وحذر المفكر الكويتي، الأنظمة الخليجية والعربية من أن اعتمادها على العنصر الأجنبي يجعلها دائماً مكشوفة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً.
وأكد أن الاتفاق بين الرياض وبكين، ليس دليلاً على تغير موازين العلاقات وخارطتها في الخليج عموماً والسعودية خصوصاً، لأن المشاريع والشركات الصينية موجودة في الخليج من الكويت إلى عمان وأغلبها مملوكة للحكومة الصينية، وتنجز أعمال في البنية التحتية والصناعية وبناء محطات الطاقة والموانئ البحرية والمطارات وسكك الحديد.
وأشار المطر إلى تعاقد الإمارات مع شركة CMEC لبناء محطة طاقة شمسية قيمتها تتجاوز المليار دولار قبل أقل من سنة تقريباً، موضحا أن السبب الأول لتواجد الشركات الصينية في الخليج وأفريقيا والكيان الصهيوني وأمريكا اللاتينية، “اقتصادي” نظرا لمعاناة بكين من قلة المشاريع في الصين وشدة المنافسة بين الشركات الحكومية.
ولفت إلى أنه لذلك سمحت الحكومة الصينية لشركاتها بأخذ مشاريع حول العالم بنسبة أرباح تتراوح بين 8% إلى الـ 15% لضمان عملها دون خسائر واستمراره دون إفلاس أو إنهاك لميزانية الحكومة الصينية، موضحا أن منافسة الشركات العالمية الأخرى بالأسعار دفع الشركات الصينية لخفض هامش ربحها للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من المشاريع.
وبين المطر، أن السبب الثاني لتوسع عمل الشركات الصينية الحكومية “سياسي”، نظرا للحرص على تدفق الأموال للصين بالعملة الأجنبية لزيادة احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية لضمان وتقوية مركزها المالي والاقتصادي عالمياً، مؤكدا أن الصين تنظر للخليج كسوق فقط لا غير وليس كحليف سياسي أو عسكري.
وأرجع ذلك لسببين، أولهما أن الصين رتبت خارطة تحالفاتها السياسية والعسكرية في المنطقة مع إيران لأنها تملك قوة مؤثرة ولديها أدوات سياسية وعسكرية تتحكم بها في المنطقة “العراق ولبنان واليمن وسوريا”، بالإضافة لتأثيرها السياسي والعقائدي داخل الطائفة الشيعية في الخليج ومناطق أخرى في العالم العربي.
وأشار المطر، إلى أن إيران تملك نوع من الاستقلالية في القرار السياسي الدولي على عكس دول الخليج التي تلعب دوراً وظيفياً في المنطقة، ولذلك أمنت الصين 80% من احتياجاتها من النفط لمدة 25 سنة من طهران وليس من الرياض، كما أمنت احتياجاتها من الغاز من روسيا لمدة 30 سنة بدلاً من الاعتماد على قطر.
وأوضح أن نظرة الصين للخليج كسوق وليس كحليف، هو كون دول الخليج ذات طابع استهلاكي، وذلك رغم أنها لا تعتبر سوق رئيسي للمنتجات الصينية ويأتي ترتيبها متأخراً في سلم الدول المستوردة من الصين، لافتا إلى أنه رغم حالة العداء الأمريكي للصين إلا أن السوق الأمريكي أكبر مستهلك للمنتجات الصينية في العالم.
وعن موقف الدول الخليجية من العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، قال المطر إن الموقف الخليجي من الحرب متخبط، مستدلا باختلاف موقف الإمارات داخل مجلس الأمن وخارجه، بسبب عدم وضوح الموقف الغربي للخليج الذي يخشى من استفزاز إيران الحليف الروسي في المنطقة في حال استنكر الحرب ووقف ضد روسيا سياسياً.
ولفت إلى أن إيران بدورها أخضعت الخليج من خلال مليشياتها في اليمن والعراق، فيما تدفع الكويت “إتاوات” سنوية للمليشيات في العراق لضمان سلامة حدودها من أي اعتداء، مؤكدا أنه ليس مستبعدا أن تدفع الإمارات “إتاوة” أيضا للحوثي لوقف هجماته الصاروخية على الإمارات.
وأضاف المطر: “بسبب كل هذا يحاول الخليج إرضاء الطرفين المعسكر الصيني الذي يسعى بدوره لبناء نظام دولي جديد والمعسكر الأمريكي الذي تتبعه دول الخليج فقط لتفادي غضب المعسكرين”.
يشار إلى أن شركة أنظمة الاتصالات والإلكترونيات المتقدمة (ACES) التي أعلنت تأسيس شركة جديدة في السعودية تحمل اسم شركة الحلول الجوية (Aerial Solutions)، وقعت أمس الأول السبت 5 مارس/آذار 2022، اتفاقية استراتيجية مع شركة عالمية لنقل المعرفة لتصنيع أنظمة حمولات الطائرات بدون طيار محلياً في الرياض.
ووقعت الاتفاقية الجديدة مع مجموعة تكنولوجيا الإلكترونيات الصينية (CETC)، وهي تكتل دفاعي صيني مملوك للدولة ومتخصص في الإلكترونيات ذات الاستخدام المزدوج وواحدة من أكبر شركات الدفاع في العالم، وستساعد الشركة الصينية على إنشاء مركز للبحث والتطوير وفريق تصنيع لأنواع مختلفة من أنظمة حمولة الطائرات بدون طيار.
وتتضمن تلك الأنظمة وحدات الاتصالات ووحدات التحكم في الطيران وأنظمة الكاميرات وأنظمة الرادار وأنظمة الكشف اللاسلكية؛ وتُقدم شركة أنظمة الاتصالات والإلكترونيات حلول متقدمة لخدمة مختلف القطاعات، مثل الدفاع والأمن والنفط والغاز ونقل الطاقة ومراقبة حركة المرور وحراسة الحدود.