شدوى الصلاح
يُعد التطبيع الإعلامي أحد أهم أدوات الأنظمة العربية لتسويق علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي، وتغيير وعي الشعوب، وتحسين صورة العدو، والانتقال من دائرة العلاقات السرية وإخراجها للعلن تدريجياً.
ولجأت القنوات المحسوبة على الأنظمة الحاكمة سابقًا إلى استضافة محللين سياسيين وأكاديميين وشخصيات وازنة تُمهد للتطبيع من خلال الإشادة بالكيان الإسرائيلي والدعوة لعلاقات اقتصادية معه.
وتفتح اليوم القنوات التابعة للأنظمة أبوابها لاستضافة شخصيات إسرائيلية، بذريعة تحليل أحداث ونتائج الانتخابات الإسرائيلية التي أسفرت عن عدم تمكن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو زعيم حزب الليكود وحلفاؤه من الحصول على أغلبية تسمح لهم بتشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق، استضافت قناة العربية السعودية أمس رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، المتهم في جرائم حرب وفساد ورشاوي، مما أثار غضب الناشطون على تويتر.
واعتبر الناشطون هذه الخطوة مقدمات للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إذ عمد “أولمرت” في حواره إلى الترويج للتطبيع السعودي الإسرائيلي، قائلاً إن “مبادرة السلام العربية عام 2002 هي الأساس لأي عملية سلام مقبلة، والسعودية يمكن أن تقوم بدور أكبر”.
بدوره، قال أستاذ الاتصال السياسي الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد، إن: “قناة العربية حاروت الصهيوني القاتل أولمرت في ظل اهتمام لافت توليه هذه الأيام للانتخابات الإسرائيلية”.
وأشار إلى أن المذيعة التي تُجري المقابلة تتحدّث عن “تيّارات دينية” في الكيان، ولا تُسمّيها “اليهودية السياسية”، كما يصنع القوم مع الإسلام.
واستنكر استاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله الشايجي، صمت السعوديين على استضافة قناتهم العربية لأولمرت.
وأشار إلى أنهم “دندنوا وصدعوا رؤوسنا بأن قناة الجزيرة أول من أدخلت اليهود والصهاينة لغرف معيشتنا باستضافة مسؤولين ومحللين وأكاديميين صهاينة تطبيقا لشعارها الرأي والرأي الآخر”، مضيفاً “أنا ضد هذه البدعة وأبلغت الجزيرة وأرفض الظهور مع ضيف صهيوني”.
وأشار الباحث في الشأن الإيراني والتركي محمد مصطفى العمراني، إلى استضافة الإماراتي خلفان الكعبي في قناة 24 الإسرائيلية، وحوار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود أولمرت مع قناة العربية.
ولفت إلى أنه “ظهور أولمرت على العربية ليس الأول”، موضحاً أنها استضافته في 2007 وتنقل دوما تصريحات له، قائلاً: “يسارعون للتطبيع الإعلامي كما فتحوا لهم أجواءهم وبلادهم فما نالوا منهم إلا الذل والاهانات؟!”.
ومنذ وصول محمد بن سلمان، لولاية العهد في يونيو/حزيران 2017، يعول الاحتلال الإسرائيلي عليه للوصول للتطبيع العلني مع السعودية، حتى أن كتاباً إسرائيليين دعوا في أعقاب أحداث تورطه في اغتيال الكاتب الصحفي جمال خاشقي للتساهل معه.
وحثت كاتبة إسرائيلية في صحيفة هآرتس للتعامل مع “بن سلمان” بنعومة لأنه إذ ما وضعت مبادرة السلام على الطاولة فإنها ستمنح ولي العهد السعودي الفرصة لممارسة الضغوط، وتضيف بأنه هو الزعيم الذي يرغب في إضفاء الشرعية على الكيان الإسرائيلي، قبل شروعه في التعاون المفتوح معها.
ورغم أن السعودية ليس لها علاقات دبلوماسية “رسمية” مع الكيان الإسرائيلي، إلا أن “بن سلمان” سبق أن قال في تصريحات أدلى بها لمجلة أتلانتك الإخبارية الأمريكية، إن الإسرائيليين لهم “حق” في أن يكون لهم وطن.
وفي مقابلة أجراها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مع وكالة رويترز للأنباء، قال إن بلاده “تؤيد التطبيع الكامل مع إسرائيل لكن ينبغي أولا إقرار اتفاق سلام دائم وكامل يضمن للفلسطينيين دولتهم بكرامة”.
وأعلنت 4 دول عربية، بينهم دولتان خليجيتان، في الربع الأخير من العام الماضي 2020، تطبيع علاقاتهم رسمياً مع الكيان الإسرائيلي، وهم: “الإمارات والبحرين والسودان والمغرب”.